أنت هنا

قراءة كتاب سياسة الولايات المتحدة الأمريكية تجاه ايران 1941-1947

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
سياسة الولايات المتحدة الأمريكية تجاه ايران 1941-1947

سياسة الولايات المتحدة الأمريكية تجاه ايران 1941-1947

كتاب " سياسة الولايات المتحدة الأمريكية تجاه ايران 1941-1947 " ، تأليف د. عبد المجيد عبد الحميد علي العاني ، والذي صدر عن دار دجلة ناشرون وموزعون ، ومما جاء في مقدمة الكتاب :

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 6

ولكن تعرض بعض البعثات التبشيرية في شمال غرب إيران إلى مشكلات مع السكان المحليين خلال عام 1880 حمل (الكونغرس) الأمريكي على التفكير في اتخاذ خطوات يكون من شانها حماية المبشرين الأمريكان في إيران . ولما كان من المتعذر على الأمريكان مناشدة الحكومة الفارسية توفير الحماية اللازمة لمبشريهم بسبب عدم وجود تمثيل دبلوماسي أمريكي هناك كان عليهم ، والحالة هذه ، أن يفكروا في إقامة علاقات دبلوماسية مع الإيرانيين . وبعد مداولات طويلة استمرت من 20 تشرين الثاني 1880، وافق الكونغرس الأمريكي على إقامة تلك العلاقات مع إيران في 15 تموز 1882، وصادق عليها الرئيس الأمريكي في 7 آب من السنة نفسها . وبناءً على ذلك أرسلت وزارة الخارجية الأمريكية أول بعثة دبلوماسية لها إلى إيران في 14 شباط 1883 برئاسة صموئيل بنجامين (Samuel G.W Benjamin) وزيراً مفوضاً وقنصلاً عاماً للولايات المتحدة في طهران (1883-1885) .([13])

وخلال العقد الأول من القرن العشرين حافظت الولايات المتحدة على تمسكها بخطوط سياسة عدم التدخل تجاه إيران ، ويمكن تلمس ذلك من خلال رفض الحكومة الأمريكية لعرض تقدم به مظفر الدين شاه 1896-1907 يقضى منح الولايات المتحدة بعض المكاسب التجارية مقابل الحصول على دعم سياسي أمريكي يعين بلاده على تعزيز موقعها بوجه الأطماع البريطانية – الروسية . وكذلك من خلال تحذيرها لدبلوماسييها في إيران من مغبة التدخل في الأحداث الداخلية للبلاد ، منها على سبيل المثال الثورة الدستورية (1905-1911) لان ذلك يعد انتهاكاً لمبدأ عدم التدخل .([14]) ، كما يمكن تلمس سياسة عدم التدخل هذه على نحو – أكثر وضوحاً- في موضوع إرسال بعثة شوستر Shuster Mission (1910-1911) ، إذ عارضت الحكومة الأمريكية فكرة إرسال موظفين حكوميين إلى إيران حينما طلبت الحكومة الإيرانية ذلك في 28 كانون الأول 1910، ممثلة في شخص وزيرها المفوض لدى واشنطن ، وعارضت أيضاً تزويدها بمستشارين اقتصاديين لإصلاح الأوضاع الاقتصادية في البلاد .([15]) بل إنها أكدت هذه السياسة حينما طلبت منها وزارة الخارجية الإيرانية مساندة بعثة شوستر اثر تعرضها لمحاولات الروس لعرقلة جهودها .([16])

ومع أن وزارة الخارجية الأمريكية كانت قد تصرفت بإزاء هذا الطلب بما تمليه عليها سياسة عدم التدخل ، إلا أن دبلوماسييها كانوا يبذلون جهودهم لزيادة حجم العلاقات لبلادهم مع إيران، وذلك بقيامهم بتشجيع رجال الأعمال الأمريكان للعمل هناك ، وسعوا إلى حصول المؤسسات الأمريكية على حق إقامة بعض المشاريع، وهذا يفسر سبب ارتفاع نسبة حجم التبادل التجاري بين البلدين، إذ وصلت خلال العقد الأول من القرن العشرين إلى ثمانية إضعاف ما كانت عليه في أواخر القرن التاسع عشر .([17]) لكن على الرغم من ذلك ظل حجم العلاقات التجارية بين البلدين دون المستوى المطلوب بسبب هيمنة روسيا على شمال إيران، وهيمنة بريطانيا على جنوبها ، مما جعل من الصعوبة بمكان اختراق إيران من الناحية الاقتصادية على نطاق واسع .([18])

وعند نشوب الحرب العالمية الأولى أعلنت الحكومة الإيرانية حيادها في الأول من تشرين الثاني 1914، في فرمان أصدره احمد شاه (1909-1925) .([19]) إلا أن ذلك لم يحل دون تحول الأراضي الإيرانية إلى ساحة قتال للأطراف المتصارعة في هذه الحرب .([20]) ، مما اظهر من جديد حاجة الحكومة الإيرانية إلى اتباع سياسة القوة الثالثة ، فكانت الولايات المتحدة الأمريكية مرة أخرى هي المرشح الوحيد للقيام بهذا الدور بعد أن أعلنت حيادها في هذه الحرب . ولهذا ناشدت الحكومة الأمريكية بوساطة وزيرها المفوض لدى واشنطن ميرزا على قلي خان لاستخدام مساعيها الحميدة من اجل احترام حياد إيران المعلن . وقد وعد مساعد وزير الخارجية الأمريكي روبرت لاسنك Robert Lasing في إجابته على الطلب الإيراني باستعداد حكومته لتقديم أية مساعدة تكون مناسبة للتخفيف من عبء الظروف الناتجة عن الحالة القائمة في أوربا. لكن الموقف الأمريكي لم يغير من الأمر شيئا .([21]) ، كما تسلمت الحكومة الأمريكية طلبا آخر غير رسمي بهذا المعنى ، فقد تسلم سفيرها في اسطنبول مذكرة احتجاج على العدوان البريطاني والروسي على الأراضي الإيرانية، موقعة من الإيرانيين المقيمين هناك . وفي عام 1916 خشي الشاه أن يعمد الحلفاء بعد احتلالهم لطهران ، إلى إجباره على التنازل عن العرش ، لذلك طلب اللجوء إلى المفوضية الأمريكية , إلا أن طلبه هذا لم يلق القبول . ورفضت المفوضية أيضاً طلبا آخر تضمن توفير الحماية للشاه وذلك برفع العلم الأمريكي فوق القصر الملكي .([22])

كما جاءت بنود إعلان الرئيس الأمريكي ودرو ولسن (1913-1921) الأربعة عشر .([23]) , ولا سيما فيما يتعلق بتقرير المصير , ليعطي الإيرانيين مسوغا جديدا للاعتماد على الولايات المتحدة لتؤدي دور " القوة الثالثة " القادرة على خلق الموازنة المطلوبة مع الدول الأوروبية الأخرى لصالح إيران .([24])

ويمكن تلمس مثل هذا التوجه من خلال لجوء الحكومة الإيرانية إلى حكومة الولايات المتحدة لضمان تمثيل إيران في مؤتمر الصلح المزمع عقدة في نهاية الحرب العالمية الأولى .([25])

حيث قدم مهدي خان , وزير إيران المفوض في واشنطن, مذكرة إلى وزير الخارجية الأمريكي في 17 كانون الأول 1917 ضمنها مطاليب حكومته في مؤتمر الصلح , وتتلخص في ضمان مشاركة بلاده في هذا المؤتمر , وتأكيد استقلال إيران وسيادتها , وجلاء القوات الأجنبية عن الأراضي الإيرانية , وتعويض البلاد عما لحق بها من خسائر جراء الحرب , وتعديل معاهدة تركمان جاي لعام 1828, التي جاءت على اثر الهزيمة التي لحقت بإيران في حربها مع روسيا .([26]) وإبطال كل الاتفاقيات و التسويات الأخرى التي كانت قد فرضت على إيران بالقوة .([27])

وقد استجابت الحكومة الأمريكية لبعض المطالب الإيرانية تلك.([28]) وافتتحت بذلك عهدا جديدا في العلاقات الأمريكية الإيرانية في مرحلة ما بين الحربين متبعة سياسة أكثر انفتاحا مع إيران . ومما يعزز هذا الرأي قيام الحكومة الأمريكية في 21 كانون الثاني 1918 بإشعار حليفتها بريطانيا بأنها تساند مطالب الحكومة الإيرانية في الاستقلال والسيادة , وجلاء القوات الأجنبية من أراضيها , وعبرت عن قلقها من أن ينحاز الإيرانيون إلى "لمعسكر الألماني ـ العثماني" في حالة عدم الاستجابة لمطالبهم .([29])

واستمرت سياسة الانفتاح هذه بعد الحرب ، فقد ساندت الولايات المتحدة الموقف الإيراني المعارض للاتفاقية البريطانية – الإيرانية التي وقعها الطرفان عام 1919 بضغط من بريطانيا .([30]) ، وقامت بدور المدافع عن المصالح الإيرانية وأعربت عن شجبها للاتفاقية بسبب تعارضها مع المبدأ الأمريكي المعروف بالباب المفتوح أولاً ، وإلى عدم تضمين الاتفاقية أية إشارة إلى حق الرعايا الأمريكيين بالعمل في إيران ، مثلما فعلت ذلك مع الرعايا الأجانب الآخرين ثانياً، وإلى أن هذه الاتفاقية ستجعل من الصعب على الشركات الأمريكية الحصول على امتيازات نفطية لها في إيران إذا ما تمت مصادقة المجلس الإيراني عليها ثالثا([31]). وقد نهضت المعارضة الأمريكية بدورها في عدم دخول الاتفاقية حيز التنفيذ([32])، فضلاً عن المعارضة الإيرانية لها .([33])

مهما يكن من أمر فان السبب الذي حدا بالولايات المتحدة إلى مثل هذا التجاوب ، وإلى أن تؤدي دورا نشطا أكثر من السابق في إيران يعود إلى ظروف الحرب العالمية الأولى نفسها ، فقد شاع الاعتقاد إبان هذه الحرب ، ولا سيما بعد تخلي الحكومة الأمريكية عن حيادها ودخولها الحرب إلى جانب الحلفاء في نيسان 1917، إن احتياطي النفط داخل الولايات المتحدة في طريقه إلى النضوب ، مما دعا الإدارة الأمريكية إلى مساندة وتأييد شركات النفط الأمريكية في دخولها ميدان التنافس من أجل الحصول على امتيازات نفطية مهمة في منطقة الشرق الأوسط ، ومن ضمنها إيران بعد انتهاء الحرب .([34])

وقد رحبت الحكومة الإيرانية بتوجهات الشركات الأجنبية في الحصول على امتيازات نفطية في المقاطعات الشمالية من البلاد ، مدفوعة بأمل تحقيق رغبتها في جعل حكومة الولايات المتحدة تقوم بدور "القوة الثالثة" في إيران .([35]) فأقدمت في أيلول 1920 على إلغاء امتياز خوستريا .([36]) ، غير مبالية بالاحتجاجات البريطانية ، بل إنها ذهبت إلى ابعد من ذلك بعد الانقلاب الذي قام به رضا خان في شباط 1921.([37]) حينما منحت شركة نفط ستاندرد نيوجرسي Standard Oil Company of New Jersey في 22 تشرين الثاني 1921 امتياز التنقيب عن النفط في المقاطعات الشمالية لمدة خمسين عاما بعد حصولها على موافقة المجلس على ذلك . وأثار هذا الإجراء احتجاج ومعارضة بريطانيا في نقل النفط عن طريق موانئ الخليج العربي ، إذ كان كل من جنوب إيران والعراق الذي يحدها من الغرب تحت السيطرة البريطانية في حين كان الاتحاد السوفيتي الذي يحد إيران من الشمال لا يسمح بمرور النفط عبر أراضيه ، في حين كانت المواصلات صعبة باتجاه تركيا. مما أدى في النهاية إلى إيقاف تنفيذ المشروع في 28 أيلول 1922، أي بعد أقل من عام من بدايته ، على الرغم من أن الحكومة الأمريكية استندت في ردها على مبدأ " الباب المفتوح " الذي يتيح لشركاتها العمل في إيران على نحو أكثر شرعية .([38])

لكن ذلك لم يمنع الطرفين من مواصلة الموضوع من جديد ففي العام التالي منحت الحكومة الإيرانية شركة سنكلير الأمريكية Sinclair Consolidated Oil Company امتيازاً للبحث عن النفط في المنطقة نفسها ، في 20 كانون الأول 1923، ولكنها سرعان ما فشلت أيضاً وتخلت عن الامتياز في عام 1925 لتعرضها لنفس عوامل فشل الشركة الأمريكية الاولى .([39])

الصفحات