أنت هنا

قراءة كتاب خريف الدبلوماسية المصرية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
خريف الدبلوماسية المصرية

خريف الدبلوماسية المصرية

كتاب " خريف الدبلوماسية المصرية  " ، تأليف محمد عبد الهادي علام ، والذي صدر عن مكتبة مدبولي ، ومما جاء في مقدمة الكتاب :

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: مكتبة مدبولي
الصفحة رقم: 5

الدور التنفيذي لوزارة الخارجية (في صناعة السياسة الخارجية)

طبقا للمادة 138 من الدستور فإن رئيس الجمهورية "يضع بالاشتراك مع مجلس الوزراء (ووزير الخارجية جزء منه) السياسة العامة للدولة ويشرفان على تنفيذها على النحو المبين في الدستور"، وتنص المادة 151 من الدستور على أن "رئيس الجمهورية يبرم المعاهدات ويبلغها إلى مجلس الشعب مشفوعة بما يناسب من البيان.."، وتحدد المادة 156 اختصاصات مجلس الوزراء على النحو التالي: "الاشتراك مع رئيس الجمهورية في وضع السياسة العامة للدولة والإشراف على تنفيذها وفقا للقوانين والقرارات الجمهورية.."، كما تحدد المادة 157 مهام الوزير على النحو التالي: "الوزير هو الرئيس الإداري الأعلى لوزارته، ويتولى رسم سياسة الوزارة في حدود السياسة العامة للدولة، ويقوم بتنفيذها".

وفقا للدستور فإن رئيس الجمهورية هو صانع القرار الأول فيما يتعلق بالسياسة الخارجية ضمن السياسة العامة للدولة، وحدود دور وزارة الخارجية في صناعة السياسة الخارجية وهو الاشتراك ضمن مجلس الوزراء في وضع السياسة العامة، أما الدور الرئيسي المنوط بها فهو تنفيذ هذه السياسة، وحدود دور الوزير هو رسم سياسة الوزارة في حدود السياسة العامة للدولة. فبحسب الدستور فإن صناعة السياسة الخارجية حق أصيل لرئيس الجمهورية.

وعلى ذلك فإن وزارة الخارجية لا تصنع سياسة وإنما تشارك في صنعها مع مؤسسات أخرى في الدولة، لكنها جهة تنفيذ هذه السياسة وهي لم تعد الآن الجهة الوحيدة لتنفيذ هذه السياسة ولا تشاركها فقط جهات أخرى (مؤسسات الدولة) ـ كل في حدود اختصاصاتها ـ في التنفيذ، وإنما هناك جهات أخرى.

وفي نفس الوقت وطبقا لاختصاصاتها في إدارة علاقات الدولة بالخارج ولتنظيم عملها وهيكلها السياسي والإداري فإن وزارة الخارجية ـ في حدود هذا الدور ـ تجري دراسات وتقديرات للمواقف من القضايا السياسية الدولية والإقليمية والثنائية وتقترح توصيات على رئيس الجمهورية لاتخاذ قرار معين حيال قضية معينة في توقيت معين ترفعها إليه وله أن يأخذ بهذه التوصية أو يرفضها أو يطورها.

فهذا الحق الأصيل لرئيس الجمهورية هو ما يجعل شخص وزير الخارجية في التشكيل الوزاري من اختيار الرئيس نفسه سواء مباشرة أو من بين أسماء يقترحها رئيس الوزراء المكلف بتشكيل الحكومة.

وفي بعض الحالات تتجاوز وزارة الخارجية حدود دورها التنفيذي وفق ما رسمه لها الدستور ويحدده لها رئيس الجمهورية، ويرتبط ذلك بأمرين:

الأول: حدود التفويض الذي قد يمنحه رئيس الجمهورية للوزارة في إدارة علاقات مصر بالعالم بما يتجاوز تقديم توصيات إلى اتخاذ قرارات في قضايا ومواقف معينة بعضها يحتاج اتخاذ قرار بصفة عاجلة.

الثاني: شخصية الوزير وإمكانياته ومدى قدراته على إقناع رئيس الجمهورية بقدرته على اتخاذ القرار السليم في الوقت المناسب، وبتوسيع هامش الحركة والمناورة أمامه.

وفي المقابل فإن شخصية الوزير أو وجود حساسيات معينة لدى رئيس الجمهورية تجاه وزارة الخارجية أو الوزير أو بسبب حساسية ملف معين قد تدفع رئيس الجمهورية إلى إحالة قضايا وملفات محددة إلى جهات أخرى ذات صلة للتعامل مها.

وقد يدفع رئيس الجمهورية بهذه القضية أو تلك أو بهذا الملف أو ذاك إلى جهة أخرى للتعامل معه لأسباب تتعلق بطبيعة عمل هذه الجهة وعلاقاتها بهذا الملف.

وفي بعض الأحيان ينشئ رئيس الجمهورية بديوانه مكتبا خاصا للتعامل مع قضية محددة أو أكثر.

وفي حالات نادرة يعهد رئيس الجمهورية إلى شخص أو جهة إدارة العلاقة مع دولة ما.

لكن في الغالب فإن وزارة الخارجية تعد إحدى مؤسسات تنفيذ سياسة الدولة وإن كان دورها في هذا هو الدور الرئيسي، ففي قضية مثل قضية العلاقات مع دول حوض نهر النيل فإن وزارة الري والموارد المائية تشارك وزارة الخارجية في تنفيذ السياسة الخارجية حيال دول حوض النهر سواء على المستوى الجماعي أو على المستوى الثنائي. وكذلك الحال بالنسبة للأجهزة الأمنية المختلفة في القضايا التي تتعلق بالأمن القومي مثل القضية الفلسطينية والوضع في العراق والعلاقة مع إيران، وموضوع التعاون الدولي في مجال مكافحة الإرهاب، ولوزارة الثقافة فيما يتعلق بملفات حوار الثقافات والحضارات، ولوزارات الاقتصاد والتجارة الخارجية والتعاون الدولي والصناعة والزراعة فيما يتعلق بملفات القروض والمنح والمساعدات وإبرام اتفاقيات المشاركة والتعاون الاقتصادي والتنمية، ولوزارتي الطاقة والبحث العلمي فيما يتعلق بقضايا التعاون الدولي في مجال الاستخدامات السلمية للطاقة النووية وإنشاء المفاعلات الذرية، ولوزارة القوى العاملة فيما يتعلق بقضايا الهجرة غير الشرعية ورعاية المصريين بالخارج، ولوزارة الداخلية فيما يتعلق بقضايا أمنية مثل طلب تسليم مطلوبين للعدالة، أو بالشؤون القنصلية، أو بالتعاون مع "الانتربول" في مكافحة غسيل الأموال.. وهكذا.

ونتيجة للتحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية على المستويين الدولي والداخلي فقد دخلت هيئات وقوى جديدة إلى دائرة المشاركة في صنع السياسة الخارجية وتنفيذها مثل منظمات رجال الأعمال ومؤسسات المجتمع المدني بوصفها هيئات مساندة أحيانا لعملية تنفيذ أهداف السياسة الخارجية، لكن تبقى وزارة الخارجية هي قناة التنفيذ والتعبير.

الصفحات