أنت هنا

قراءة كتاب الوجه البلاغي وأثره في السياق الشعري الأندلسي

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الوجه البلاغي وأثره في السياق الشعري الأندلسي

الوجه البلاغي وأثره في السياق الشعري الأندلسي

كتاب " الوجه البلاغي وأثره في السياق الشعري الأندلسي " ، تأليف محمد عبيد  السّبهاني ، والذي صدر عن

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: دار غيداء
الصفحة رقم: 5

بين الوجه البلاغي والسياق الشعري (دراسة نظرية)

إنّ النقاد القدامى والمُحْدَثين غالباً ما كانوا يتناولون الوجوه البلاغية بالنقد عن طريق الاستقراء والتتبع لكلام العرب، ثم الرجوع بعد ذلك إلى طبع صقلته التجارب والدراية، فكانوا ينقدون كل وجه بلاغي بحسب طبيعة الخيال الذي أوحى به، فكان النقد الجاهلي قائماً على نقد الألفاظ لا من حيث سلامتها أو من حيث عيوبها حسب، إنما من حيث التوافق بين الألفاظ والمعاني ودلالة المعنى على اللفظ، وإخضاع هذا المعنى للعرف والتقاليد المعروفة. ([1])

وهذه الوجوه البلاغية المختلفة إنّما هي من وسائل الإيحاء بالحقيقة عن طريق الخيال: فهي نوع من البراهين التي تلقى قبولاً عاماً، لاسيما لدى من يعتمدون مشاعرهم أكثر مما يعتمدون عقولهم ((ولهذا تكثر صنوف المجاز في الكلام حين يوجه إلى الجماهير، ويقتصد فيها حين يوجه الحديث إلى الصفوة))([2]).

وبما أنَّ الخيال المصور، يدرك ما في المعاني من عمق، وما يتصل بها من أسرار الجمال، فان الأديب هو الذي يختار أصفى العبارات وأنقاها وأليقها بالخيال الجميل، ليؤلف منها هذا الفن الهادف.

ولابد من الإشارة إلى أن هذه الوجوه البلاغية ((تنشأ - طبيعية - في كل لغة، وإنما يتناولها الناقد بالدرس ليبين مدى الاستفادة منها في تدعيم الحجة، وتقوية المعنى، وتحريك المشاعر للعمل عن اقتناع، فهي من متعلقات الخيال، ولكن الخيال هنا سبيل جلاء الحقيقة والبرهنة عليها على نحو ما)) ([3])

ومن النقاد من وضع مقاييس عامة لجودة الأخيلة الشعرية، ومن هؤلاء شيخ البلاغيين عبد القاهر الجرجاني (ت 471ـ 474 هـ)، إِذ أشار إلى أهمية المقابلة في التشبيه، ومناسبة المستعار منه للمستعار له، وأحسن التشبيه ما اشترك فيه المشبه والمشبه به في صفات كثيرة، ومعيار الاستعارة تقريب التشبيه في الأصل حتى يتناسب المشبه والمشبه به كي يُكتفَى ـ بعد ـ بالاسم المستعار، لأنه المنقول عما كان له في الوضع إلى المستعار له.([4])

وهناك – فظلاً عن هذه المقاييس - أسس لجودة الكلام والخيال الشعري، علَّ أهم هذه الأسس هي استعمال الكلمات التي تربط الكلام بعضه ببعض بشكل جيد، يمكن من خلالها توضيح الدلالة الشعرية.

وبما أنّ نبع البلاغة وحسن الكلام يتمثل في اجتماع الألفاظ المتخيرة والمعاني المنتخبة، فإنّ تحقيق هذه الأوجه البلاغية يبقى مرهوناً ((بإطار إضافي، يلزم فيه مطابقة الكلام لمقتضى الحال، بعد توافر مواصفات الفصاحة، وهنا يتم استدعاء المتلقي ليكون شريكاً في العملية الكلامية، لأنّ مطابقة الحال لا يمكن تحققها إلا بالنظر إلى المتلقي وحالاته الإدراكية المختلفة، كما إنها ـ في الوقت نفسه ـ تستحضر المتكلم في حالةٍ خاصة، هي حالة (الوعي والقصد) لأن غيابهما يتنافى مع مراعاة الحال والمقام))([5])

الصفحات