قراءة كتاب مع الشعر والشعراء في الاندلس

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
مع الشعر والشعراء في الاندلس

مع الشعر والشعراء في الاندلس

كتاب " مع الشعر والشعراء في الاندلس " ، تأليف د.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: دار غيداء
الصفحة رقم: 10

واغلب معانيه وألفاظه مأنوسة مألوفة في الشعر العربي، فالممدوح يفوق في جود كفِّه الغيث وزيادة بل هو الذي علمه الوكف والبسط، ونجاره درٌّ وشذر، فهو قلادة على جيد العليا، وتمجدت تربته أينما حل، وهو كريم يوقد النيران للاضياف لكي يهتدوا بها (وهذا المعنى جاهلي اتبع فيه الشاعر سنن من قبله من الشعراء في الدلالة على كرم الممدوح)؛ لانه مسقط الندى، ومقصد الركبان، فلا يستطيع احد مع هذه الصفات ان يناقض وينافس الممدوح بكل حال حتى يصل إلى مبلغ من المبالغة يصل حدَّ الشطط:

ولو قابل الشمس المنيرة اظلمت

سناها ولو أوما إلى البدر لانحطا([38])

وقد اقتصرت أبيات المديح على سبعة أبيات من مجموع اثنان وثلاثون بيتاً، وهذا ليس بشيء لان هذه القصيدة طويلة تربو على التسعين بيتاً ولم يصل منها إلا هذا العدد من الأبيات كما ذكر ابن خلكان ([39]).

أما القصيدة الثانية في مدح المعتضد، ويبدو من خلال أبياتها ان هناك جفوة كانت بين الممدوح وبين الشاعر سببها بعض المغرضين الذين حسدوه على مكانته، وهي قصيدة ذات دخول مباشر:

عليك عقلت مطي الاملْ

وفيك اعتقلت زرق الاسل

وكأنه يعرِّض من خلال الاستعارة (مطي الأمل) بذكر الرحلة إلى الممدوح التي أتى على ذكرها الكثير من الشعراء، فأصبحت ديدن من جاء بعدهم، وهو من خلال كيل المديح والثناء وإسباغ صفات العلا والمجد والرفعة والشجاعة في ترويع سرب العدا، والتبحر في معين الجدا إنما يحاول في عتاب رقيق ان يصف حاله وما صار إليه مآله، وهو في كنفه وإليه قد حطَّ رحاله، وظاهر الأمر ان هناك جفوة بينه وبين الممدوح نجح اعداؤه وحاسدوه في ان يوقدوا جذوتها، فهو يكرع في وشل، ويمدح نفسه في شعره للمرة الأولى واصفاً شجاعته ونصرته لذاك الممدوح:

فتى سايرتك أمانيه من

أقاصي الشواهق ِحتى نهَلْ

أعدَّ لأعدائكم صَعدَة ً

ونصلا ًجُرازاً وطِرفاً رفَلْ

جهازُ ابن هيجاء عَلاَّمَة ٍ

بطعن ِالكُلَى وبضربِ القلَلْ

وشَختِ الحَواشِي لمن سَامَهُ

رُحابِ الخليقةِ في من يحُلْ

تنسَّمْ إذا شِئتَ ريحَانَة ً

وهُزَّ إذا شِئتَ عضباً أفَلْ

فَمِثْلِي لَدَى مَلِكٍ مَاجِدٍ

يُهانُ ويُقصى لكي يرتحلْ؟

فكانت النهاية الرحيل إلى رحاب المعتصم بن صمادح، ولم ينس ان يختم القصيدة بما يناسب المقام بالدعاء للمعتضد:

فلا غِيضَ بَحرَك غيثُ الورَى

فنحنُ الرِّياضُ وأنتَ السَّبِلْ ([40])

أما الباب الأخير فهو الهجاء الذي لم ترد فيه سوى مقطوعة
واحدة من أربعة أبيات في هجاء شخص يدعى يوسف:

رأيتُ ليوسُفَ في بيته

فَخرَّبَه اللهُ بينَ البيوتْ([41])

ولا أظن ان شعره قد اقتصر على هذه الأغراض ولكن ما ضاع من شعره كان له دور في ذلك.

الصفحات