أنت هنا

قراءة كتاب البحث العلمي

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
البحث العلمي

البحث العلمي

كتاب البحث العلمي ، تأليف د.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
دار النشر: دار المناهج
الصفحة رقم: 1

مقدمة الكتاب

الحمد لله حمداً طيباً كثيراً مباركاً فيه، وباسمه تعالى عليماً حكيماً، والصلاة والسلام على رسوله النبي الأمي رسول الهدى، وعلى آله وصحبه، وسلم.

بُعث الإنسان باحثاً، ومنذ فجر التاريخ، ومنذ عهد آدم، وتكون أول أسرة على الكرة الأرضية، وحيث قتل قابيل أخاه هابيل، واحتار كيف يتصرف بجثة أخيه، وإلى أن بعث الله له غراباً قتل غراباً آخر، وأخذ يبحث في الأرض، فحفر حفرة، ودفن جثته فيها، وقابيل ينظر، ويتعلم كيف يواري جثة أخيه. مصداق قوله تعالى: " فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ ۚ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَٰذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي ۖ فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ " المائدة 31.

إن هذه الآية تؤصل قضية بحث علمي تتعلق بجريمة قتل قانونية، وقضية اقتصادية، وقضية اجتماعية؛ وهكذا البحث العلمي عرفه الإنسان منذ فجر التاريخ.

إن البحث العلمي لا يتعلق بالإنسان فقط – وهكذا سنة الله في خلقه – فكل المخلوقات خلقت باحثة؛ لتسيير حركة حياتها، وضمان استمرارية بقائها، ومنها الحيوانات، والزواحف، والحشرات، والجراثيم، والفيروسات، والنباتات، والجمادات، والمياه، والذرة، والخلية حتى النواة فيها. وبالنسبة للإنسان، وهو أكرم المخلوقــــات، -وهو الذي يعنينا في هذا المقام- فإنه خلق باحثاً، وسيظل باحثاً استمراراً لبقائه عن طريق إشباع غرائزه الثلاثة، والتي بدونها لا تستقيم حركة حياته، وهي غريزة حب البقاء أي التملك، وغريزة النوع أي الجنس، وغريزة التدين أي العبادة. وإزاء تعقد شؤون الحياة اليومية للإنسان سياسية كانت أم معيشية، أو اقتصادية، أو اجتماعية، أو علمية، أو ثقافية، أو تربوية، أو قانونية؛ فقد اقتضى الحال، وأضحت الضرورة، والحاجة ماسة لوضع قواعد، وأصول، ومبادئ، وبرامج، وخطط، ووسائل.

ومناهج يجب إتباعها لضبط حركة الحياة الإنسانية:-

1- فبالنسبة للشؤون السياسية: فقد كانت ممارستها سهلة، وتدور حول محور واحد تقريباً، وهو كيفية اختيار الحاكم. أما اليوم فالدساتير تنص على قواعد، وإجراءات عديدة لممارسة السياسة؛ ومنها الشروط التي يجب أن تتوفر في الحاكم، وكيفية اختياره، ومدة ولايته، وكذلك الأمر فيما يتعلق بالوزراء، والقضاة، ورؤساء الأقسام، وشروط الناخبين، والمرشحين، وغيرها مما يصعب تحديده في هذا المقام.

2- وبالنسبة للشؤون الاقتصادية: فقد كانت ممارستها سهلة، وكان من السهولة بمكان أن تمارس مثلاً عمليات البيع، والشراء، والرهن، والزراعة، والصناعة، والتجارة، وغيرها. أما اليوم فإن الدساتير، والقوانين تنص على ضرورة التقيد بقواعد، وإجراءات، وشروط عديدة لممارسة النشاطات الاقتصادية: كإجراءات التوثيق لعقود البيع، والشراء، والرهن، والتسجيل، والترخيص، والرسوم...الخ.

3- وبالنسبة للشؤون الاجتماعية: فقد كانت تحكمها قواعد، وعلاقات اجتماعية سهلة. أما اليوم فإن الدساتير، والقوانين تنص على قواعد، وإجراءات، وشروط يجب إتباعها حتى تنضبط تلك العلاقات سواءً كان الأمر يتعلق بالزواج، أو الطلاق، أو الإرث، أو الحضانة، أو النفقة، أو وسائل التعامل مع المحاكم النظامية، والشرعية؛ وكذلك تنظيم النشاطات الرياضية: كتكوين الفرق، وشروط اللاعبين، وتنظيم المباريات...الخ.

4- وبالنسبة للبحث العلمي: فقد أصبحت له اليوم قواعد، وأصول، وشروط، وخطط، وعناصر، وخصائص، ومقومات، وأنواع، ومناهج، وغيرها من العناصر التي يجب أن يحيط بها الباحث عندما يتولى إعداد بحثه العلمي. إن إعداد البحث العلمي ليس عملية عشوائية كما يظن البعض، وإنما هي عملية دقيقة، ومحكّمة؛ وعلى اعتبار أن منهجية البحث العلمي تتناول قانون المحاولات الإعدادية، والكتابية المحكّمة، وضمن قواعد، ووسائل، وأساسيات يجب على الباحث إتباعها، وخاصة فيما يتعلق بجمع المادة العلمية، وتوفير المصادر، والمراجع، وصياغة البحث، وترتيبه، وفهرسته؛ وبالنسبة لمختلف العلوم الإنسانية، الأدبية النظرية، أو العلوم التطبيقية، الطبيعية، العملية. وضمن أصول، وقواعد هادية، ومنظمة لفكر الباحث، ومنسقة لذهنه في التناول، والدراسة، والإعداد السليم المحكّم، والدقيق لبحثه العلمي؛ وعلى اعتبار أن النشاط الذهني في البحث العلمي هو أهم، وأعقد النشاطات الفكرية في مختلف ميادين العلوم، والمعارف، وبحيث تبنّت الجامعات، وفي مختلف دول العالم عملية إعداد البحوث العلمية ضمن تكوين المهارات البحثية، والقدرات الذهنية، وخاصة لباحثي الدراسات العليا، وفيما يتعلق بأسس التفكير، والاطلاع، والتحليل، والشرح، والتعليق، والتبحر والتعبير، والاستنتاج، والنقد، وغيرها من قواعد الإعداد السليم للبحث العلمي سواءً كانت أثناء سنوات الدراسة الجامعية الأولى، أو سنوات الدراسات العليا.

ومن أجل تحقيق ذلك، ومساعدة الباحثين في مختلف العلوم قام كثير من أساتذة الفكر البحثي المنهجي في مختلف بلدان العالم، ومنها العربية، والإسلامية بتأليف كتب المنهجية المتعلقة بإعداد البحوث العلمية، ومعظمها كتب مترجمة، وخاصة عن الكتب المنهجية الأوروبية، والأمريكية، وكل كتاب منهجي خاص بعلم من العلوم، وأهمها التربوية والاجتماعية. وكثير منها ينقصه التحديد المتعلق بخطط، وكيفية إعداد البحوث العلمية مما صعب على الباحث ذلك الإعداد.

وتجنباً لصعوبات إعداد البحث العلمي، وتيسيراً، ومساعدة للباحثين في الإعداد بإتباع أقصر الطرق، وأسهلها، وبعيداً عن كل خلل، أو غموض، فقد قمت بتأليف هذا الكتاب "منهجية إعداد البحث العلمي". ومما ساعدني، وسهل عليّ عملي هذا خبرتي التدريسية لمادة مناهج البحث العلمي طيلة عشرات السنين في بعض الجامعات العربية، والإسلامية، وأخص بالذكر جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وجامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية، وجامعة جرش الأهلية.

وقد راعيت في تأليف هذا الكتاب أموراً هامة، وعديدة، ورأيتها ضرورية لكل باحث ماجستير، أو دكتوراه، وأهمها:-

الأمر الأول- أنني ركزت على منهجيْ الاستقراء، والاستنباط شرحاً، وتحليلاً؛ على اعتبار أنهما أهم مناهج البحث العلمي على الإطلاق، ويعتبر الجمع بينهما في إعداد البحوث العلمية من أهم خصائص البحث العلمي، وأنه لا مندوحة لكل باحث من فهمهما، والإلمام بهما، وتطبيقهما في، وعند إعداد البحوث العلمية، ومهما كان نوعها.

الأمر الثاني- إن منهجية هذا الكتاب تتناول إعداد البحوث العلمية بالنسبة لجميع العلوم سواء النظرية الإنسانية الأدبية، أو التطبيقية العملية، أو الاقتصادية أو الاجتماعية كإطار عام لمنهجية علمية يستفيد منها جميع الباحثين في جميع الجامعات العربية، والإسلامية مهما كانت تخصصاتهم العلمية، ومهما كانت نوعية الموضوعات العلمية التي يبحثون فيها.

وقد ضمنت الدراسة في هذا الكتاب ثلاثة أبواب:

الباب الأول: مناهج البحث العلمي.

الباب الثاني: إعداد البحث العلمي.

الباب الثالث: إعداد بحث المخطوطة العلمي.

المؤلف

الأستاذ الدكتور غازي عناية

جامعة جرش الأهلية

الصفحات