أنت هنا

قراءة كتاب البحث العلمي

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
البحث العلمي

البحث العلمي

كتاب البحث العلمي ، تأليف د.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
دار النشر: دار المناهج
الصفحة رقم: 9

السادسة - خاصية التعميم، والتطبيق.

أي تعميم، وتطبيق النتائج، والقوانين التي يصل إليها استخدام المنهج العلمي في ملاحظته لظاهرة ما على الظواهر الأخرى المشابهة. ويستوي الأمر بالنسبة للظـواهر الكونية، الطبيعية، أو الظواهر الإنسانية، والاقتصادية، والاجتماعية، ومنها القانونية.

أولاً- فبالنسبة للعلوم، والظواهر الكونية، والطبيعية:

فعند استخدام منهج الاستقراء التجريبي، وعند إجراء تجربة بتسخين قضيب معدني كالحديد مثلاً، ونصل إلى نتيجة أنه يتمدد، فإننا نستطيع أن نعمم هذه النتيجة، وبتطبيق نفس التجربة، وبنفس المنهجية بالنسبة للمعادن الأخرى المتشابهة: كالنحاس، والفضة، والذهب، والقصدير... . ونقول: «إن المعادن تتمدد بالحرارة».

وكذلك إذا قمنا بتبريد قضيب معدني كالحديد مثلاً؛ ووجدنا أنه يتقلص، فباستطاعتنا أن نعمم هذه النتيجة بالقيام بنفس التجربة، ونفس المنهجية بالنسبة للمعادن الأخرى المتشابهة: كالنحاس، والفضة، والذهب، والقصدير... . ونقول: «إن المعادن تتقلص بالبرودة».

ونفس الشيء، وباستخدام نفس المنهج العلمي بالنسبة للسوائل: فإذا وصلنا إلى نتيجة أن الماء يغلي بالحرارة، فإننا نستطيع أن نعممها، ونطبقها بالنسبة للسوائل الأخرى: ونقول: «إن السوائل تغلي بالحرارة».

وكذلك فإذا وصلنا إلى نتيجة أن الماء يتجمد بالبرودة، فإننا نستطيع أن نعممها، ونطبقها على السوائل الأخرى، ونقول: «إن السوائل تتجمد بالبرودة».

ونفس الشيء بالنسبة للمنخفض، أو المرتفع الجوي، فإن تكونه نتيجة توفر نسب معينة من الرطوبة, والتبخر, والحرارة, والبرودة, وشدة الرياح، فإن هذه النتيجة نستطيع أن نعممها, ونطبقها على المنخفضات، والمرتفعات الجوية المشابهة الأخرى. وبحيث يمكننا القول: إنه وبتوفر تلك النسب يتكون منخفض، أو مرتفع جوي.

ونفس الشيء بالنسبة للأعاصير: فإن تكونها نتيجة ظروف مناخية معينة، وبنسب معينة: كشدة الرياح، والتبخر، والحرارة، والبرودة، وتصادم التيارات المائية الدافئة مع الباردة، فإن باستطاعتنا أن نعمم، ونطبق نفس النتيجة بالنسبة للأعاصير الأخرى. ونفس الشيء بالنسبة لتكون نقطة الماء من ذرة واحدة من الأكسجين + ذرتين من الهيدروجين، فبإمكاننا أن نعمم النتيجة، وبإجراء نفس التجربة، وبنفس المنهجية، وفي كل زمان، ومكان، وبالتالي نحصل على نفس النتيجة، وهي نقطة الماء.

ونفس الشيء بالنسبة لتصنيع دواء معين، فباستطاعتنا أن نصل إلى نفس الدواء، أي نفس النتيجة بخلط المواد الكيماوية، وبنسبها المحددة. وأن نعممها بإجراء التجربة بنفس النسب، والمنهجية مرة أخرى.

ونفس الشيء بالنسبة "لنظرية أرخميدس:" فإننا نستطيع أن نعمم تجربته، ونطبقها مرات عديدة بإجراء مشابه لتجربته، وملخصها: «أنه إذا غمر معدن في سائل، فإنه يخسر من وزنه بقدر وزن الماء الذي حلّ محله».

وبنفس المنهج العلمي الاستقرائي، بإجراء نفس التجارب يمكن تعميم نتائجها، وتطبيقها على الحالات، والمصنوعات، والأجهزة التكنولوجية، والكهربائية، وغيرها من الأجهزة المشابهة، مثل: تصنيع الكمبيوتر، والتلفزيون، والقمر الصناعي، والصاروخ، وأجهزة الاتصالات، والأدوية، وغيرها.

فإن تصنيع كمبيوتر بطريقة معينة أي منهجية معينة، وبعدد من القطع، والأسلاك، والأجهزة، والأدوات... وغيرها يمكننا أن نصنّع العديد، بل والمئات، والآلاف منها، وبنفس المنهجية، وبنفس الأدوات، وبنفس النوع.

وباستقراء المنهج العلمي المتبع، وإجراء التجارب، وتعميم النتائج، وتطبيقها على الحالات الأخرى المشابهة تمكن العلماء من تشخيص أعداد هائلة من الأمراض، ومن ثم تصنيع أعداد هائلة من الأدوية لعلاجها، والقضاء عليها سواء بالنسبة للدواء الواحد، أو الأدوية العديدة الأخرى، وخاصة المتشابهة.

ولنا التنويه: إن خاصية التعميم، والتطبيق بالنسبة للمنهج العلمي تعني تعميم النتيجة، وتعميم التجربة، وتعميم المنهجية معاً.

ثانياً- وبالنسبة للظواهر، والعلوم الاقتصادية، والاجتماعية، والقانونية، فإن المنهج العلمي يتصف أيضاً بخاصية التعميم، والتطبيق لنتائجه، وقوانينه.

فيمكن تعميم، وتطبيق نتائج التجارب بالنسبة لبعض الظواهر على الظواهر الأخرى المشابهة.فبالنسبة لظاهرة انتشار مرض السرطان مثلاً: فإذا أخذنا عينة من المصابين بمرض السرطان، ووصلنا إلى نتيجة مفادها أن سببه الرئيسي هو التدخين، يمكننا في هذه الحالة أن نعمم النتيجة، ونطبقها على حالات أخرى مشابهة. أي «أن التدخين سبب مرض السرطان».

وبالنسبة لظاهرة مرض الإيدز: فبإمكاننا تعميم النتيجة التي نتوصل إليها، وهي «أن سببه ممارسة الجنس المحرم» ونطبقها على حالات أخرى مشابهة. أي على الآخرين الذين يمارسون نفس العلاقة المحرمة.

وبالنسبة لتفشي ظاهرة العنف الأسري: نستطيع أن نعمم نتيجة العينة محل الدراسة على الحالات الأخرى المشابهة. والقول مثلاً: «بأن سبب الظاهرة يكمن في قلة التربية».

وبالنسبة لتفشي ظاهرة الجريمة بسبب تعاطي المخدرات: يمكننا أن نعمم النتيجة، ونطبقها على متعاطي المخدرات كلهم، أو معظمهم. «وأن سبب الجريمة تعاطي المخدرات».

وبالنسبة لظاهرة تفشي العنف الجنسي لدى المراهقين، فإننا نستطيع أن نعمم نتيجة دراسة عينة منهم، وهي «أن سببها، أو أنها تكمن في مشاهدة أفلام الجنس» ونطبقها على الآخرين الذين يشاهدونها.

وبالنسبة لظاهرة السرقة: نستطيع أن نعمم النتيجة التي نتوصل إليها من دراسة عينة من السارقين على غيرهم ممن يمتهنون مهنة السرقة. ونطبق النتيجة عليهم، وهي «أن الفقر هو سبب السرقة».

وبالنسبة لظاهرة انخفاض سوء الأداء: نستطيع أن نعمم نفس الدراسة التي قمنا بها على عينة ما هذه النتيجة التي «تكمن في الترهل الإداري» ونطبقها على كل مؤسسة تتصف به.

وبالنسبة لظاهرة حوادث الطرق: نستطيع أن نعمم، ونطبق النتائج التي نتوصل إليها؛ والتي تكمن في «أن سببها السرعة» على الحوادث الأخرى. ويشمل تعميم النتيجة، وتعميم التجربة، والمنهجية معاً.

ولكن يمكننا القول: إن خاصية التعميم، والتطبيق تبدو أكثر سهولة، ووضوحاً بالنسبة للعلوم، والظواهر الكونية، والطبيعية؛ نظراً لأن مكوناتها، وعناصرها متجانسة، وطيّعة، ويمكن أن تخضع للتجربة داخل المعمل، وخارجه. وبالنسبة لها يمكن استخدام اللغة الرقمية، والحسابية، والنتيجة واحدة. وباستطاعة كل مختص أن يجري التجارب عليها، وتحصل تلقائياً، وكذلك لا تتأثر بالمؤثرات، والميول، والعواطف، والأمزجة الشخصية، والنفسية، والتي تتأثر بها عادة تجارب الظواهر الاقتصادية، والاجتماعية مما يجعل إجراء التجارب عليها، وتعميم، وتطبيق نتائج تجاربها أكثر صعوبة، وأقل دقة، وصحة.

الصفحات