أنت هنا

قراءة كتاب العمل مع الأطفال الصغار

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
العمل مع الأطفال الصغار

العمل مع الأطفال الصغار

كتاب " العمل مع الأطفال الصغار " ، تأليف د.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: دار المناهج
الصفحة رقم: 5

إن التغيير سمة من سمات الثقافة وترتبط بالتغير الاجتماعي منذ القدم، وملاحظتها في عصرنا الحالي بوضوح يعود لشدة تسارعها، والتغير الثقافي قد يكون نمواً وقد يكون تقهقراً يحصل نتيجة تفاعل أفراد المجتمع مع بعضهم أو نتيجة تفاعلهم مع غيرهم من المجتمعات الأخرى، فاحتكاك مجتمع ما بمجتمع آخر له ثقافة مختلفة، أو حدوث كوارث طبيعية أو اجتماعية أو حروب أو أزمات اقتصادية، أو وصول شخص واحد أو جماعة إلى السلطة أو تغير مقصود عن طريق الجهود التي تبذل من اجل التنمية الاقتصادية - الاجتماعية وغيرها من العوامل التي تؤدي إلى تغير ثقافي. (سعيد وعبد الخالق،2001) لقد طالت التغيرات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية الأسرة العربية فتلاشت الأسرة الممتدة والمكونة من الأب والأم والأبناء والجد والجدة وبعض الأقارب كالعمات والخالات وغيرهم وحلت محلها الأسرة النووية التي تضم الأم والأب والأبناء غير المتزوجين، كما أثرت التغيرات الاقتصادية على العلاقات الأسرية، وعلى البنية الاجتماعية والاقتصادية، وهذه التأثيرات انعكست بالطبع على تربية الطفل وعلاقته بالأسرة وعلى طريقة التعامل معه. (العجمي،2007) ومن الظواهر التي شغلت رجال التربية هي مشكلة ازدياد عدد المربيات الأجنبيات والخدم اللاتي يحملن ثقافة وعادات وتقاليد وعقائد تختلف عن محتوى الثقافة العربية مما يؤثر على الأطفال الذين يعهد إليهن تربيتهم وتنشئتهم فمعظم هؤلاء الخدم والمربيات غير تربويات، وبعضهن غير متعلمات وغير ملمات بتربية الطفل، ومع ذلك فإن تربية الطفل توكل إلى الخادمة أو المربية التي يتعلق بها الطفل لدرجة تصبح الأم لديه غير مألوفة، وهذه الخادمة أو المربية تنقل ثقافتها إلى الطفل، فاللغة التي تستخدمها مع الطفل تختلف عن لغة الأم، وقد تكون لغة عربية ركيكة تدخل ضمن مفرداتها كلمات من لغات أخرى،مما يشكل لدى الطفل مشكلة عدم إتقان لغته الأم، ومن المتغيرات الاجتماعية التي تنعكس سلباً على تربية الطفل خروج الأم للعمل، فقد استعرض لويس هوفمان
Lois Hoffman المشار إليه في (عبد المعطي،2004) الأبحاث التي تناولت عمل الأم الخارجي لمدة خمسين عاماً،والتي بني معظمها على فرض مؤداه إن عمل الأم لابد أن تكون له آثاراً سلبية على نمو الطفل، وقد وجد بعض الباحثين أن الأطفال الصغار كانوا يتضررون قليلاً بفقدهم لاهتمام الأم في السنوات الأولى، وبطبيعة الحال، كان الأهالي يلحقون أطفالهم ببعض أنواع الرعاية النهارية والتي قد تكون منخفضة الجودة وعندما يعمل كلا الوالدين في الأسرة الواحدة خارج المنزل، فإنهما لا يقضيان وقتاً طويلاً في مهام رعاية أطفالهما وفي الأعمال المنزلية أكثر مما يفعل الآباء في الأسر التي يعمل خارجها طرف واحد. ومن المتغيرات الاجتماعية الأخرى والتي لها آثارها السيئة على تربية الأطفال هي مسألة الطلاق بين الزوجين، فالطلاق عامل مثير للضغط على الأطفال، فالطفل الذي انفصل أبواه عن بعضهما سيكون في حضانة أحدهما دون الآخر، مما يسبب له الألم والحنين بسبب الحرمان من أحد الوالدين، إضافة إلى إحساسه بالرفض من قبل أحد الوالدين. والطلاق ظاهرة اجتماعية إنسانية، فهو ظاهرة اجتماعية لكونه ذات علاقة بأهم مؤسسة اجتماعية في المجتمع، ولأنه ذا أثر بالغ في حياة الأسرة والأطفال وعمليات التنشئة والتربية والتثقيف الاجتماعية، وهو ظاهرة إنسانية لكونه ظاهرة قديمة حديثة تحدث بنسب متفاوتة في جميع المجتمعات الإنسانية (العقيل،2005) والطلاق أحد القضايا الاجتماعية التي شغلت بال المتخصصين في العلوم الإنسانية، وهو أي الطلاق يعد من أكبر المشكلات التي يمكن أن تهدد كيان الأسرة لما له من آثار سلبية على حياة الأسرة وترابطها، كما أنه يؤدي إلى عرقلة بناء مجتمع سليم خال من العقد، فالطلاق مشكلة تترتب عليها مشكلات اجتماعية ونفسية ومالية، وتختلف هذه المشكلات ودرجة المعاناة منها باختلاف المستوى الاجتماعي والاقتصادي للأسرة، كما تختلف الآثار والمعاناة منها باختلاف أعضاء الأسرة. (عبده،2010) وفي حالة استقرار العلاقة الزوجية، فإن تغير حالة المجتمعات العربية وخروج المرأة إلى سوق العمل، وبقاؤها في العمل ساعات طويلة تسبب في ضعف التواصل أو ربما فقدانه (في بعض الأحيان) بين الأم وأطفالها مما يجعل الأم مضطرة لترك صغارها مع الخادمة أو إيداعهم في إحدى دور الحضانة أو الرعاية، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، فإن غياب الأب عن عملية التنشئة الاجتماعية يأخذ صوراً مختلفة، فقد يكون غياباً تاماً لتتولى الأم وحدها تربية الطفل (Mother family only) يعني سيطرة الأم مع وجود الأب، فغياب الأب عن ساحة التربية في الأسرة له عدة أسباب متداخلة، مثل انشغال الأب الدائم بعمله، وتكرار السفر لأجل متطلبات العمل، وكثرة الالتزامات خارج البيت، والانشغال بمشاريع كبيرة تتعلق بالعمل وما إلى ذلك. وهذا لا يعطي المبرر للأب للتخلي عن دوره في تربية أطفاله، فقد أشارت نتائج الدراسات التربوية الحديثة إلى أن الأطفال الذين ينحدرون من أسر ثنائية العائل (الأم والأب) يتمتعون بقدرات أفضل في التعليم من أقرانهم الذين نشأوا في رعاية أسر أحادية العائل، أي أسرة بدون أب أو أسرة بدون أم. كما أن نتائج تلك الدراسات أشارت إلى أن الأطفال الذين ينتمون إلى أسر هجرها الأب، وتقوم الأم بمهام العائل الوحيد يفتقدون إلى بعض القدرات التعلمية التي يتمتع بها أقرانهم الذين نشأوا في أسر ثنائية العائل من الأب والأم. ولعل أبرز التغيرات في المجتمعات العربية وبالأخص المجتمعات الخليجية اكتشاف البترول وتحول بعض شرائح المجتمع من حالة البداوة إلى حياة المدنية المرفهة في مدة زمنية قصيرة، كما حدثت تغيرات في تركيبة البناء الاجتماعي، حيث ظهرت طبقة غنية جديدة في المجتمعات العربية تتكون من التجار وأصحاب رؤوس الأموال، مما جعل الفروق الطبقية واضحة، وأصبح التعليم والعمل والثروة متغيرات اجتماعية واقتصادية جديدة، كما تغير شكل الأسرة ووظائفها، ولم يكن التغيير في شكل الأسرة فقط لتصبح أسرة نووية، ولكن تغيرت وظائفها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والتعليمية والدينية والترفيهية، وتحولت هذه الوظائف إلى جهات أخرى كالمدارس والمساجد ووسائل الإعلام وغيرها من المؤسسات التي تساهم في تربية الأبناء. بالإضافة إلى ذلك فإن عملية الاستهلاك أصبحت السلوك السائد في المجتمعات المعاصرة،وظهرت الكثير من الكماليات في المجتمعات كالهواتف النقالة، والسيارات الفارة، وأجهزة الحواسيب، والألعاب الالكترونية، والقنوات الفضائية وغيرها من المخترعات الحديثة التي لم تكن متوفرة من قبل ( المرجع السابق) وهذا السلوك الاستهلاكي دفع بالأبوين للعمل المضني لتوفير سبل الراحة والرفاهية لأطفالهما، مما تسبب في حرمان الأطفال من وجود الأبوين بشكل دائم.

الصفحات