كتاب " التخطيط للعلاج النفسي مع اختبار (BTPI) " ، تأليف عادل عبد
قراءة كتاب التخطيط للعلاج النفسي مع اختبار (BTPI)
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
التخطيط للعلاج النفسي مع اختبار (BTPI)
الاعتبارات الخاصة: تقبّل العلاج في مقابل مقاومته
Receptivity Vs. Resistance:
إن إحدى الاعتبارات الرئيسة في الاضطلاع بالعلاج النفسي هو الدرجة التي تكون فيها مقاومة العلاج تؤثر في طالبي العلاج(1)؛ إذ يمكن للمقاومة أن تكون موجودة في وقت مبكّر من العملية النفسعلاجية، وربما تمنع المفحوصين من المشاركة في العلاج النفسي على الإطلاق. وتشير البيانات إلى أنه ربما نصف الأفراد الذين قد يحتاجون أو يستفيدون من العلاج النفسي لا يتلقونه أبداً، وبالنظر إلى التقديرات فإن حوالي (14٪) من الأشخاص يقابلون معايير اضطراب عقلي واحد في الأقل (Butcher & Perry, 2008)، ولكن فقط حوالي (6٪) من الأميركيين يتلقّونه فعلاً (Butcher & Perry, 2008). وفي أثناء العقود الماضية، تمّ تحديد مجموعة من العوامل على أنها تؤثر في هذا القرار، من مستوى التعليم والدخل(Rosenthal & Frank, 1958) وحتى العِرق (Raynes & Warren, 1971) إلى الاتجاهات التقليدية (Brody, 1994).
فضلاً عن ذلك، فقد أظهرت الأبحاث أن العلاج عادة ما يكون أقصر مما يتوقّعه المعالجون، وأن نسبة عالية من المفحوصين قد أنهوا العلاج مبكراً، قبل تحقيق النجاح فيه (ينظر: Koss & Butcher, 1986). وفي الآونة الأخيرة، وجد كل كونيل Connell وغرانت Grant ومولن Mullin في عام (2006) أن متوسط النسبة "المقدّرة" للنهايات غير المخطّط لها كانت محسوبة على أساس (50٪)، مع نسبة مرتفعة محدّدة على نحو (58٪) أو أعلى وأدنى نسبة على نحو (38٪) (Butcher & Perry, 2008).
ومن بين أكثر المؤشّرات شدّة لمقاومة العلاج النفسي هو النوع (الجنس)، فمع العديد من الدراسات التي بيّنت أن الاستعداد المتزايد للانخراط في العلاج النفسي بين النساء كان أكثر موازنة بالرجال (ينظر على سبيل المثال: Ryan, 1969; Cheatham, Shelton, & Ray, 1987; Johnson, 1988). فقد قام كل من بُتشر Butcher و روز Rouse وبيري Perry عام (1998) بالنظر بشكل محدّد نحو اتجاهات الرجل والمرأة نحو العلاج ضمن عينة من طلبة الجامعة، وذلك باستعمال "قائمة مسح الاتجاهات نحو العلاج Survey of Treatment Attitudes " ذي السبع فقرات. إذ قام (213) طالبة و (175) طالباً بالإجابة عن بعض الأسئلة مثل، "هل سبق لك إن طلبت إرشاداً نفسياً في الماضي؟" و "هل تعتقد انك ستكون راغباً في التماس المساعدة من مختص نفسي أو طبيب نفساني إذا كنت تعاني من مشاكل في التوافق النفسي؟". وقد أظهرت النتائج أن الطالبات كُنّ أكثر ترجيحاً للمشاركة في طلب الاستشارة النفسية من الطلاب الذكور. وكانت الطالبات أيضاً أكثر ميلاً للتفكير بالمشاركة في نوع معيّن من أنواع العلاج النفسي. فضلاً عن ذلك، فقد ذكرن النساء في الدراسة على أنهن أكثر استعداداً من الرجل على توصية المداخلات النفسية لأحد أفراد العائلة أو لأحد الأصدقاء (Butcher, Rouse, and Perry, 1998).
ففضلاً عن "المقاومة" التي تمنع الناس من التقدّم لطلب الرعاية النفسية، فهنالك "المقاومة" التي تؤثر في العلاج النفسي المستمر، وغالباً ما تكون موضع التنفيذ من حيث ضعف الاستجابة للعلاج. وقد يختلف هذا الشكل تبعاً لاعتبارات تشخيصية أو عوامل ذات صلة بالشخصية، وفي بعض الأحيان يكون مؤقتاً، وفي أحايين أخرى، يدوم طويلاً (ينظر على سبيل المثال: Beutler et al., 1995).
كما يعدّ تقبّل العلاج في مقابل مقاومته مهماً بغض النظر عن كيف يمكن تصوّر هذين المصطلحين. فقبل كل شيء، فأن درجة معيّنة من الفهم المشترك عن كيفية مضي العلاج، وما هي وكيف ستبدو المنفعة أو الاستفادة من ذلك العلاج، تعدّ أمراً مهماً وحاسماً للمفحوصين والمعالجين على حد سواء. إذ أن أعضاء هذا الزوج (المفحوصين والمعالجين) بحاجة لبعض التقدير الأساسي ليس فقط من أجل ما سيتشكّل من فوائد علاجية وتغيير، ولكن كم من المحتمل لهذه الأشياء أن تحدث؟ وما هي العوامل التي قد تعيق طريق تحقيقها؟. إذ توفّر لنا أساليب التقييم النفسي وسائل يمكن عن طريقها اكتشاف بعض هذه المعلومات بموضوعية. وأنها قد تمنح المفحوص والمعالج وسيلة لفهم السبب وراء عدم إحراز التقدّم المنشود في العلاج كما أُريد له، فضلاً عن الكشف عن المناطق المحتملة للمشكلات في العلاج النفسي التي سوف تحتاج إلى علاج. كما أنهما قد يقترحان سبلاً لتصحيح المسار. فعلى سبيل المثال، فإن مقياساً مثل (استبيان مراحل التغيير Stages of Change Questionnaire) لكل من بروكاسكا Prochaska، وفيليسر Velicer، وديكليمنت DiClemente، وفافاز Fava’s (1998) (Butcher & Perry, 2008) يمكن أن يقّيم استعداد المفحوص الأولي لإحداث التغييرات بحيث يمكن للخطة العلاجية أن تصمّم على وفق ذلك. وإن البيانات المستقاة من هذه الأداة يمكن أن تقترح أيضاً سبل مساعدة المفحوصين للانتقال إلى المرحلة التالية من الاستعداد، وخاصة إذا كانت المرحلة الراهنة ليست مؤاتية لإحداث هذه التغييرات.
ويبدو جلياً أنه بالنظر إلى مختلف السبل التي عن طريقها يمكن لمقاييس الشخصية أن تبرز العوامل ذات الصلة بالمقاومة، فمن المستحسن للمعالجين أن يوظفوها في المراحل المبكرة من العلاج وتكرارها بحسب الحاجة طوال مسيرة الرعاية النفسية.
ومهما يكن من أمر، فأن كلاً من تقبّل العلاج ومقاومته يعدّان قضايا رئيسة لمؤسسات الرعاية النفسية الناجحة وغيرها من مصادر التمويل الأخرى التي تمنح تخويل ممارسة الخدمات النفسية أيضاً. إذ يمكن لقراراتهم ذات الصلة بتخصيص الموارد أن تكون مطّلعة بدقة أكثر عند توافر البيانات الموضوعية مما هي من دونها. ويمكن للنتائج المستقاة من الاختبارات النفسية أن تصنّف احتياجات المفحوصين للمداخلة بطريقة ثابتة وصادقة، ولتزودنا بوسائل لتبرير الحاجة إلى وجود مجموعة معيّنة من الاستراتيجيات العلاجية من دون غيرها، أو لمجموعة تتألف من عدد من الجلسات (Butcher & Perry, 2008). كما أن المزايا الأخرى لطرائق التقييم النفسي لوضع الخطة العلاجية تتضمن السهولة الكبيرة التي يمكن عن طريقها تفسير بيانات الاختبار الآلي (الاختبار المعدّ على الحاسوب)، وفاعليتها من حيث التكلفة، وفي حقيقة الأمر فقد أظهرت التفسيرات الآلية بأنها أكثر صدقاً من التفسيرات المستندة على أحكام سريرية ذاتية (Butcher & Perry, 2008).
وكما ستتمّ مناقشته بشيء من التفصيل لاحقاً، فأن الناس الذين يسعون لطلب المساعدة، يشعرون بالحاجة إلى أن يتمّ فهمهم بطريقة جيدة من المعالج؛ فهم يقدّرون جهود المعالج عادة لمعرفتهم. ومن ثمَّ، فعندما يصرّح المعالج بحاجته إلى إجراء أو تطبيق اختبار معيّن قبل العلاج ليحصل على فهم أفضل للمفحوص، حينها سوف يتعرّف ذلك المفحوص عموماً غرض المعالج وسوف يستجيب لذلك على نحو إيجابي. وعلى المعالج أن يتعرّف، مع ذلك، أن المفحوصين الذين خضعوا لاختبار معيّن قبل العلاج سيشعرون بأنهم قد كشفوا عن الكثير من معلوماتهم الشخصية، وسيسعون لبعض الاعتراف بالمخاطر التي قد اتخذوها. كما يسعى معظم المرضى إلى معرفة نتائج ذلك الاختبار، ويودون من معالجهم أن يزودهم بتغذية راجعة مفصّلة عن معنى كل شيء.
تقدّم العلاج: تقييم الحالات المستمرة في العلاج:
قد يكون هنالك البعض من الحقيقة في التعليق المقصود به طرافة؛ إن العلاج النفسي هو العملية التي يقوم عن طريقها الشخص المضطرب انفعالياً بإقناع المعالج، تدريجياً، بأن وجهة نظره الثابتة إلى العالم – وان كانت غريبة – هي في الواقع حقيقية. إن المعالجين مشهورين بجهودهم الرامية إلى فهم وتقبّل خصوصيات الفرد وأعراضه المرضية. وفي الواقع، فأن واحدة من الصفات المرغوب فيها للمعالج هو القدرة على تقديم "اعتبارات إيجابية غير مشروطة" إلى الفرد الذي قد يكون سلوكه غير مقبول على ما يبدو إلى الآخرين. ولكن فضلاً عن تقديم الكثير من الدعم اللازم للمريض، فأن قبول أعراضه المرضية يمكن أن يؤدي أيضاً إلى خسارة وجهة النظر من جهة المعالج. وهكذا، فأن التقييم النفسي الدوري أثناء العلاج أو عند اكتماله، يعدّ مظهراً مهماً من مظاهر العلاج النفسي. وأن التقييم بإعادة الاختبار في أثناء العلاج يمكن أن يروّج لمسؤولية المعالج، ويعطي تشجيعاً آخر للتفحّص الذاتي للمريض (Butcher & Perry, 2008).
إن استعمال أداة موضوعية مثل قائمة BTPI أو اختبار MMPI-2 مثلاً لمراقبة التقدّم المحرز في العلاج، يمكن أن يوفّر لنا وجهة نظر خارجية عن الأعراض التي يعاني منها المريض (كما نوهنا آنفاً) فضلاً عن التقدّم الذي يتمّ إحرازه في العلاج. فعلى سبيل المثال، قام أحد الأشخاص ويدعى (ج) وهو بعمر (29) عاماً (ينظر بروفيل اختبار MMPI-2 في الشكل 1) بطلب العلاج لأنه كان يخشى من أنه سوف يُطرَد من عمله، وكان على يقين من أن الأمور كانت خارجة عن سيطرته بحيث كان غير قادراً على الذهاب إلى عمله. وقد بدا في المقابلة العلاجية الأولية خائفاً، ومجتراً، ومتوتراً، ومتلهّفاً، وكان منتقداً لذاته لأنه لم يتمكّن من أداء وظيفته على الوجه الصحيح. وقد ذكر أنه كان يعمل في وظيفته الحالية منذ (5) سنوات تقريباً، وتمّت ترقيته مؤخراً لموقع جديد يتطلّب مهارة شخصية وإصرار أكثر. لقد شعر بأن أداؤه لم يكن جيداً (على الرغم من أن مشرفيه كانوا مسرورين من عمله)، وأعتقد أنه سوف يطرد بسبب عدم فاعليته. وإن مستواه العالي من الكرب النفسي موضح في الشكل (1) وذلك من ملاحظة الارتفاع الملحوظ على المقياسين (2) و (7) (Butcher & Perry, 2008).
أُحيل هذا الرجل إلى مُعالِجَة نفسانية مع توصية بأن الأهداف العلاجية الأولية قد تقلّل المستويات العالية من قلقهِ، ولمساعدته في أن يصبح فاعلاً في التعامل مع مخاوفه الآنية على وظيفته. لقد أتبعت مُعالِجَتهُ، منهج العلاج المعرفي–السلوكي، ومن ثمَّ بدأت الجهود الرامية إلى الحد من ضغوطه وتوتّراته ذات الصلة بالعمل، ومن ثمَّ تمّ (تحصين) هذا المريض ضد العودة إلى مستوى الشدّة التي مرَّ بها. كرّست بعدها الجلسات العلاجية الثمانية الأولى على شكل جهود ساندة لمساعدته في التخفيف من توتّراته مع إقناعه بالعودة إلى عمله. وقد ساعدته المُعالِجة في حل المشكلة مع توفير التغذية الراجعة المناسبة. ولقد أظهر الرجل تحسناً ملحوظاً في العمل، وأصبحت مُعالِجَتهُ على ثقة من أنه سيكون قادراً على أداء عمله بصورة مُرضية. بعد ذلك أعيد اختباره ثانية على اختبار MMPI-2 بعد ثمان جلسات ليظهر لنا بروفيل اختبار MMPI-2 الموضّح في الشكل (2). ومن ملاحظة البروفيل فأنه يشير إلى انخفاض كبير في التوتّر والقلق، كما يظهر ذلك في انخفاض درجة المقياس (7).