كتاب " تحولات الدرس الأدبي المقارن في الأردن " ، تأليف د.
أنت هنا
قراءة كتاب تحولات الدرس الأدبي المقارن في الأردن
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
تحولات الدرس الأدبي المقارن في الأردن
النقد الثقافي المقارن، وعلم التناص والتلاص: من الجمالي إلى الثقافي.. تحولات منهجية
إذن نحن أمام محاولة تأسيس خطاب نقدي يراهن على أهمية الإيديولوجيا في خلق تحولات ثقافية تحاور فلسفة التبعية والانغلاق، وتنكر التعددية والانفتاح، ومن خلال النص السابق، الذي اضطر الباحث إلى اقتباسه كاملاً، تتبدى وجهة نظر جريئة في انتقادها للذات والآخر، وتحليلها لمرتكزات التفاعل الأدبي بهدف فهم المزيد من شروط العمل المقارن، وفق ما سمّاه المناصرة بالمنظور الجدلي التفكيكي، متخذاً من جدليتي ماركس وهيغل رافداً أساسياً لمنظوره الجدلي، فإذا كان ماركس يرى أنّ الاقتصاد عامل حاسم في التشكيل الاجتماعي، فإن هيغل يبني جدليته على رهانات تاريخية وصراعية، وبالتالي فإن مصطلح (الجدل) الماركسي عند المناصرة يكرّس هذه الأبعاد في عمله. وكذلك فإنّ مصطلح (التفكيك) يستحضر مرجعيات (ديريدا) الهايدغرية ليدلل بها " على عملية تُمارس على البنية أو المعمار التقليدي للمفهومات المؤسّسة للأنطولوجيا أو الميتافيزيقا الغربية " (12).
وهو ما يهدف المناصرة إلى ممارسته لبناء قراءة ثقافية تنتقد (النسق) من خلال تكريس منجز نقدي مقارني تكاملي ينطلق من منظوره السالف الذكر (الجدلي التفكيكي) ليصوغ من خلاله فهماً نقدياً منهجياً لمشروع (النقد الثقافي المقارن) الذي يمثل الاستكمال الطبيعي (للنقد الأدبي)، وبداية (ما بعد- النقد الثقافي في المقارن) وهذا يعني أن (منهجية المقارنة) " لن تنتهي على الإطلاق، لأنها تحمل ثنائية متعارضة (الأنا / الآخر) بل تحمل عدة متعارضات. فلا تعارض بين النقد الأدبي... والنقد الثقافي المقارن، بل هما يكملان بعضهما بعضاً. لكن الإشكالية القائمة تبرز، حين نتساءَل: من أين نبدأ؟ وكيف يصبح النقد مثالياً حين نعالج النصوص، سواءً أكانت: أدبية أم ثقافية. ثم ما هي الحدود؟ قد تقول نظرية (النص الإلكتروني المتشعب) بأنه لا توجد حدود، ولكن النص الثقافي والنص الأدبي معاً، لهما هوُيّات، ولهما حدود. فنحن لا نستطيع محاكة النص، خارج خصائصه! الشائعة، ولا نستطيع أن نسمّي المعرفة العالمية في الإنترنت بأنها (بندورة)... لأن ما هو في الإنترنت، حتى لو تشعّب حتى نهاية العالم هو مجرد شبكة من الرموز المعرفية ذات طبيعة (ثقافية ونصية). تحمل خطابها الخاص وعلاقاتها الخاصة، وهويتها الخاصة المختلفة عن الآخرين"(13). اختلافاً يرى فيه المناصرة منفذاً نحو تحقيق طروحات (النزعة الثقافية المقارنة) وفق المنظور المشار إليه سابقاً (الجدلي التفكيكي)، وربما كان هذا المنظور المؤسس على فكر (الاختلاف) تطوير لطروحات إدوارد سعيد - باتجاه مختلف - لقد أسس سعيد لضديات ثنائية مبنية على قطيعة حادة تمثل متعاليات ثقافية يمكن وصفها بأنها مشخصنة، صاغتها ظروف خاصة، فنجد (الثقافة / والإمبريالية) (الامبريالية / والمقاومة) (الوطن - والمنفى) إلخ... بينما وسَّع (المناصرة)، المنظور الثنائي، نحو (المنظور التعددي).
ويمكن الإشارة إلى أنّ طبيعة المنهج لدى كل من المناصرة وسعيد هي التي قادت إلى مثل هذا الاختلاف، فإدوارد سعيد يستند إلى (الثنائية الضديَّة) بينما يحاول عزّ الدين المناصرة صياغة مسار منهجي مغاير، فهو وإنْ اتفق مع سعيد فكرياً، إلا أنه يؤسس لتوجه تقني خاص به، إذ يرمي المناصرة إلى وضع مزيج من التصورات الأولية للمشكلة، ومن ثم السير بقراءة ثقافية وفق معطيات جدلية تفكيكية أعلن عنها صراحة في بداية مشروع (النقد الثقافي المقارن) آخذاً بعين الاعتبار مستندات معرفية تقرها منهجية (النقد الثقافي) أساساً، لتقديم رؤى جديدة لفكر (ما بعد الحداثة) (وما بعد البنيوية) بوجه عام، وسوف يتبين أنّ المناصرة لا يبتعد كثيراً عن مفهوم النقد الثقافي عند فنسنت ليتش، لكنه يضيف لأول مرة كلمة (المقارن) إلى (النقد الثقافي) وقد لخصّها الغذامي بما يأتي:
أ - لا يؤطر النقد الثقافي عند ليتش فعله تحت إطار التصنيف المؤسساتي للنص الجمالي، بل ينفتح على مجال عريض من الاهتمامات وإلى ما هو غير جمالي، سواءً كان خطاباً أو ظاهرة.
ب - يستفيد النقد الثقافي من مناهج التحليل العرفية من مثل: تأويل النصوص، ودراسة الخلفية التاريخية، إضافة إلى إفادته من الموقف الثقافي النقدي والتحليل المؤسساتي.