أنت هنا

قراءة كتاب الأخلاق في السنة النبوية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الأخلاق في السنة النبوية

الأخلاق في السنة النبوية

كتاب " الأخلاق في السنة النبوية " ، تأليف د.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: دار المناهج
الصفحة رقم: 6

أ- مراتب الأخلاق

الأولى: إن الأخلاق سلوك مستمر لا ينقطع ولا يتوقف وهذه الخاصية تميز الأخلاق عن كل الواجبات والفروض الدينية.

الثانية: أن الأخلاق موضوعها ومحلها الإنسان ذاته، وليس ما يملك أو يجوز في أموال وعروض، إن الأخلاق في الحقيقة ليست مجرد قيم معنوية بل هي ذات الإنسان.

الثالثة: أن الأخلاق تقوم على قاعدة العطاء لا الأخذ وعلى أساس التحمل بالواجبات وليس المطالبة بالحقوق وحتى بالنسبة للقيم والقواعد التي جاءت بها الشريعة الإسلامية في مجال الأخلاق لا حدوداً وعقوبات مقدرة توقع على مخالفتها.

ب- الأخلاق في الشريعة الإسلامية

إذا أردنا أن نحدد مكانة الأخلاق في الشريعة الإسلامية فيمكننا القول أنها ليست قسماً كبيراً مستقلاً من أقسام الشريعة الإسلامية فحسب، بل أنها في جملتها تعد أحد أصول الدين الإسلامي الحنيف، بل أنها تعد أهم وأخطر أركان دين الله في مختلف الشرائع وعلى مر العصور، الشرائع السماوية تتعاقب ويتم فيها النسخ والتبديل والتغيير بحيث تجيء كل شريعة مناسبة للعصر الذي نزلت على يد رسول الله فيه، يقول تعالى: (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ۖ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ ۚ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ۚ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَٰكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ ۖ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ۚ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) المائدة: ٤٨ أي جعل الله تعالى لكل قوم من أهل الملل المختلفة طريقاً يسلكونه يتناسب مع حالهم وبيئتهم في أسلوب واضح بلغتهم وطرائق استعمالهم، والمنهاج هو الطريقة التي اختصت بها كل شريعة والأسلوب الذي يتم به إبراز أحكامها.

جـ- دراسة الأخلاق

والخلق في الإسلام (عقيدة إلهية) نابعة من الإيمان بالله وطاعته في أوامره ونواهيه وابتغاء رضوانه في سائر مجالات الحياة.

والخلق الإسلامي (فطري) يتجاوب مع الفطرة السليمة ويقر كل معروف عند الناس. وينكر ما ينكرونه من ضار.

والخلق الإسلامي (قيم ثابتة) لا تتغير بالأهواء والمصالح، إذ أن وراءها العقيدة الراسخة التي تحول دون العبث به وكذلك النصوص الصريحة الواضحة في كتاب الله وسنة رسوله.

والخلق الإسلامي إيجابي وإلزامي، لما وراءه في القوة الوازعة التي لا يملكها أي نظام خلقي في الوجود.

والقوة الوازعة في الخلق الإسلامي (نفسية)، تمثلها خشية الله وطلب رضاه في الدنيا وانشراح النفس بحبه والبعد عن معصيته، والخوف من نقمته العاجلة في الدنيا وعقابه في الآخرة، والطمع بالجنة ونعيمه المتوج بالرضا، والقوة الوازعة كذلك (قانونية) بإقامة نظام سياسي واجتماعي يضمن نفاذ الخلق قسراً، إن رفض بعض الناس الالتزام به طوعاً.

وهي كذلك (عرفية) برقابة المجتمع المنشأ على القيم الإسلامية ونقد المجتمع قاس لا يرحم وأن المسلم ليحسب له حسابه في سلوكه.

فالقوة الوازعة (بجوانبها الثلاث) تشد في عضد الإسلام الخلقي، وتحافظ على كتابه([6]).

وللأخلاق في الإسلام منزلة كبرى وأهمية عظمى نتبينها من خلال الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، اللتان تصفان الخلق وصفاً يجعله ملازماً لكل حركات وسكنات الإنسان وملازمته للإيمان بصفة عامة وتتبدى تلك الأهمية من خلال:

1- ارتباط الأخلاق بالعقيدة والشريعة، قال : «إن من أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم أخلاقاً».([7])

2- علاقتها ببناء الشخصية الإنسانية فهي تمثل صورة الإنسان الباطنة. قال النبي ×: «إن الله لا ينظر إلى أجسامكم ولا إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم»([8]).

3- وأما عن علاقة الأخلاق ببقاء الأفراد والمجتمعات، فهي تزرع في المسلم الأمانة والاستقامة والحياء والعفة والتواضع والإخلاص وكل القيم والفضائل السامية، قال تعالى:"قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا،وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا" (الشمس 9-10) والتزكية تعني تهذيب النفس باطناً وظاهراً والأخلاق أساس لبناء المجتمعات الإنسانية قال تعالى: "وَالْعَصْرِ،إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ،إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ،"(العصر). وعلى هذا فالعمل الصالح من شأنه أن يبني مجتمعاً محصناً لا تنال منه عوامل التردي والسقوط، لذا فإن أخلاقنا الإسلامية تسهم في بناء مجتمع موحد بعيد عن التمزق وقد أمرنا الباري عز وجل بذلك بقوله (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)(آل عمران 103) وقال : «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى»([9]) وقال «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه»([10]).

الصفحات