كتاب " الجواسيس عشرون قضية تجسس على إسرائيل " ، تأليف يوسي ملمان و إيتان هابر ، ترجمة خالد أبو ستة العياصرة
أنت هنا
قراءة كتاب الجواسيس عشرون قضية تجسس على إسرائيل
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
ولد "جبرئيل زيسمن" باسم "أولريخ شنفط" في مدينة (كنج سبيرغ) في ألمانيا، المدينة التي كانت في الماضي جزءا من (بروسيا الشرقية) واكتسبت شهرتها بفضل الفيلسوف "عيمنوئيل كآنت" في القرن الثامن عشر، والذي ولد وعاش بها طوال أيام حياته دون أن يخرج منها، أما "شنفط" فقد ولد في المدينة كولد مسيحي خارج إطار الزوجية، ونقل إلى دار للأيتام، وبعد ذلك تم تسليمه لعائلة ألمانية مسيحية بالتبني تسمى (ميلر)، كلين سابقا، وقد تلقى "شنفط" دراسته الأساسية في مدرسته في المدينة، وبعد ذلك انتقل إلى مدرسة مهنية، وتدرب كفني سيارات وفي عام 1941، وعندما بلغ من العمر (18)عاما، أنهى دراسته، وتجند للجيش الألماني وتطوع للخدمة في الوحدة العليا للحزب النازي الـ "اس.اس"، وفي عام تجنده للجيش كانت عملية (بربروسا) ودخول الجيش الألماني إلى روسيا في الحرب العالمية الثانية في حزيران من عام 1941 وتدميره للجيش الأحمر الروسي، وفي نفس العام أصيب "أولريخ شنفط" "ميلر كلين" بجروح طفيفة في المعارك وأعيد إلى ألمانيا للعلاج في المستشفى، وبعد أن شفي أرسل إلى الجبهة في يوغسلافيا، وبعد ذلك إلى إيطاليا وحسب يوسيف ارجمن في كتابه (هذا كان سريا للغاية والصادر عام 1990) فقد سقط "أولريخ شنفط" في أسر الجيش الأمريكي في إيطاليا في نهاية عام 1944، وبقي في الأسر لمدة ثلاث سنوات، حيث تقرر إطلاق سراحه بعد أن وجد المحققون الأمريكيون بأنه كان مجرد جندي بسيط في "اس.اس" وأن لا داعي لتقديمه للمحاكمة على جرائم الحرب، وعاد أولريخ شنفط إلى ألمانيا وأقام في ميونيخ، وهناك ساق له القدر أن يتقاسم الغرفة مع شاب يهودي، وكان وضع ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية غاية في السوء، وكان هم الجميع تأمين لقمة العيش والبقاء على قيد الحياة، وقد فهم أولريخ من زميله اليهودي في الغرفة أن منظمات إغاثة يهودية-أمريكية وعلى رأسها (الجوينت) (منظمة يهودية أمريكية مشهورة كانت تقدم المساعدة لليهود المحتاجين) تقدم المساعدات لليهود، وكان أبناء الشعب الألماني ينظرون إلى الناجين من المحرقة من اليهود بعد الحرب على أنهم محظوظون، حيث كانوا يحصلون على رزم المساعدات والأموال، وكان لديهم عنوان يتوجهون إليه بطلباتهم، وبدون تردد، قرر "أولريخ شنفط" التخلي عن هويته الحقيقية وأخذ هوية جديدة كناج يهودي، وإن التناقض بانضمام رجل "اس.اس"، إحدى الجهات التي شنقت الشعب اليهودي، فجأة إلى صفوف الملاحقين والضحايا لم يؤثر به أبدا، وكان هدفه الوحيد فقط هو البقاء والاستمرار، والحصول على رزم الغذاء والمساعدات المالية.
توجه "أولريخ شنفط" إلى الفرع المحلي لـ (الجوينت) وأبلغهم بأنه يهودي، وأن والده كان يدعى "يوليوس زيس" ولم يشك موظف (الجوينت) بالشاب الذي يقف أمامه، وبدأ "أولريخ" يحصل منذ ذلك الوقت على المساعدات، وبعد أربعة أشهر سمع عن مجموعة من الناجين من معسكرات الإبادة الجماعية الذين هم على وشك الهجرة إلى (أرض إسرائيل) وقد قرر استغلال الفرصة والانضمام إلى هذه المجموعات، وقد كان الوضع في ألمانيا غير واضح والمستقبل يحتوي على الكثير من الصعوبات في الأول من تشرين أول من عام 1947 غادر "أولريخ شنفط" مع مجموعة من اليهود في رحلة في القطار إلى مدينة (مرسي) الساحلية الفرنسية ووضع في معسكر مهاجرين تم تنظيمه من قبل ممثل مؤسسة الهجرة الثانية وهي فرع لمنظمة (الهاجاناة) التي كانت مسؤولة عن الهجرة غير القانونية إلى (فلسطين)، وبنصيحة من أحد موظفي مؤسسة الهجرة الثانية قرر "أولريخ" مرة أخرى تغيير اسمه وتحول "أولريخ شنفط" "ميلر-كلين-زيس" إلى "جبرئيل زيسمن"، وحسب كتاب "يوسي أرجمن" فقد أقام "زيسمن" لمدة شهرين في معسكر على مشارف مدينة (مرسي)، وفي كانون أول من عام 1947 هاجر مع باقي المجموعة التي كانت في المعسكر إلى إسرائيل، غير أن الأسطول البريطاني اعترض السفينة التي كان يستقلها بالقرب من سواحل (إسرائيل) وتم نفى ركابها إلى قبرص، وفي المعسكر في قبرص انضم "زيسمن" إلى منظمة (الهاجاناة) وقد كانت الصدامات بين القوات اليهودية والقوات العربية في أوجها في أعقاب قرار الأمم المتحدة تقسيم فلسطين إلى دولتين، ولا تعرف ظروف انضمام "زيسمن" إلى (الهاجاناة)، ومن المؤكد أن أحدا في (الهاجاناة) لم يكن يعرف الماضي العسكري لـ "زيسمن" في الـ "اس.اس" وقد أثارت قدراته الجميع، حيث أبدى معرفة في استخدام الأسلحة وأبدى قدرة في معالجة المواد المتفجرة، وقد تم ضم "زيسمن" إلى طاقم التدريب التابع (للهاجاناة) في المعسكر في قبرص، ودرب الكثير من الشبان على استخدام الأسلحة، وخلال تواجده في المعسكر كان "زيسمن" على علاقة بعمليتي تهريب من المعسكر (نظمتهما الهاجاناة).
وفي الخامس عشر من أيار من عام 1948 أعلن "دافيد بن غوريون" عن إقامة دولة إسرائيل في جلسة لمجلس الشعب، بعد يوم واحد من انتهاء الانتداب البريطاني، وفور إعلان الاستقلال وجدت إسرائيل نفسها في مواجهات عسكرية مع جاراتها العربيات ومع مليشيات العرب الفلسطينيين، وكان الجيش الإسرائيلي الجديد بحاجة إلى الطاقة "البشرية"، وخاصة إلى مقاتلين شبان، وقد طلبت الحكومة المؤقتة في إسرائيل من البريطانيين حل معسكرات الاعتقال للمهاجرين اليهود غير القانونيين في قبرص والسماح للمعتقلين بالهجرة إلى إسرائيل، غير أن الحكومة البريطانية برئاسة (كليمنت أطلي) كانت تخشى من أنه إذا سمحت للمعتقلين في قبرص بالهجرة فورا إلى إسرائيل، أن يتم اتهامها من قبل الدول العربية بالمساعدة بالجهود الحربية لإسرائيل، لذلك وافق البريطانيون على إطلاق سراح الكبار في السن فقط، وكذلك المرضى والنساء والسماح لهم بالوصول إلى إسرائيل، وقد استمر البريطانيون بالاحتفاظ في المعتقل في قبرص بالرجال الشبان الذين هم في سن الخدمة العسكرية، وفقط في التاسع عشر من كانون أول من عام 1949، وبعد أن بدأت في (رودوس) محادثات سلام بين ممثلي إسرائيل ومصر من أجل الاتفاق على الهدنة، أعلن وزير الخارجية البريطاني "أرنست بفيون" في البرلمان البريطاني في لندن عن موافقة حكومته السماح لجميع الموجودين في المعسكرات في قبرص بالخروج منها، وبعد مرور عدة أيام بدأت (عملية بدوت) التي تم خلالها نقل حوالي أكثر من عشرة آلاف يهودي كانوا في المعسكرات عن طريق البر إلى (إسرائيل).
وكان "جبرئيل زيسمن" أحد مئات المهاجرين من قبرص الذين وصلوا إلى ميناء حيفا، وبعد فترة معينة نقل جبرئيل زيسمن إلى كيبوتس (كريات عنبيم) وبدأ يدرس العبرية مثله مثل مئات الشبان المهاجرين الجدد، وبدأ يعمل في عدة أعمال مختلفة في السوق.