يشدد الشاعر الفلسطيني زكريا محمد في كتابه "ذات النحيين..
أنت هنا
قراءة كتاب ذات النحيين الأمثال الجاهلية بين الطقس والأسطورة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
ذات النحيين الأمثال الجاهلية بين الطقس والأسطورة
الصفحة رقم: 5
أقرى من مطاعيم الريح
هذا مثل يضرب في الكرم والجود. فهو يعني حسب المفسرين: أشد كرما من مطاعيم الريح، أو أكثر إطعاما منهم. فالقرى هو إطعام الآخرين كرما. أما مطاعيم الريح فهم، كما يخبرنا المفسرون إياهم، أناس كانوا يطعمون الناس جودا حين تهب ريح الصبا: (أقرى من مطاعيم الريح: زعم أبن الأعرابي أنهم أربعة: أحدهم عم أبي محجن الثقفي، ولم يسم الباقين. قال أبو الندى: هم كنانة بن عبد ياليل الثقفي، عم أبي محجن، ولبيد بن ربيعة وأبوه. كانوا إذا هبت الصبا أطعموا الناس. وخصّوا الصبا لأنها لا تهب إلا في جدب)(1). لكن هناك من يخبرنا أن أبا محجن الثقفي، الفارس الشهير، لا عمه، هو من كان من مطاعيم الريح: (أقرى من مطاعيم الريح: وهم أربعة؛ أحدهم أبو محجن الثقفي)(2). ويؤكد النويري هذا قائلا: (مطاعيم الريح أربعة: منهم أبو محجن الثقفي. وكان لبيد بن ربيعة العامري يطعم إذا هبت الصبا)(3).
غير أننا نشك بشدة في صحة التفسير المقدم لهذا المثل. أي نشك في أن المطاعيم هم من كانوا يقرون عند هبوب ريح الصبا.
وكي نصل إلى حل معقول بشأن هؤلاء المطاعيم، فربما كان علينا أن نلفت الانتباه إلى نقطتين:
الأولى: هي أن ابن الأعرابي، الذي يبدو وكأنه المصدر الأول عن المطاعيم هؤلاء، لا يذكر لنا منهم سوى واحد منهم فقط هو: كنانة بن عبد ياليل الثقفي، أو حسب رواية لآخرين، ابن أخيه أبو محجن الثقفي.
الثانية: أنه لم يعمد إلى إدراج لبيد بن ربيعة العامري ضمن (مطاعيم الريح) رغم علمه بأنه كان (يطعم إذا هبت ريح الصبا). وهذا يعني أنه كان، بشكل ما، لا يعتبر لبيدا وأباه من (مطاعيم الريح). وهذه نقطة مهمة جدا إذا أردنا أن نستجلي أمر هؤلاء المطاعيم.
ثم علينا أن نلحظ أن رواية النويري تربط بتحفظ بين الخبرين، خبر (مطاعيم الريح) وخبر (ريح الصبا). فهي تضع (مطاعيم الطير) قرب لبيد وريحه، لكنها تترك لنا أن نحكم إن كانا شيئا واحدا أم لا.
كل هذا يزيد من شكوكنا حول التفسير المقدم، ويجعلنا قادرين، ربما، على افتراض أنه لا توجد علاقة مباشرة بين (مطاعيم الطير) وبين من يطعم وقت هبوب الصبا. فمن يطعم وقت هبوب الصبا هو غير (مطعم الريح). أي أن أمثال كنانة بن عبد ياليل يختلفون عن لبيد بن ربيعة وأبيه.