كتاب " العداء الإسرائيلي للسياسة الواقعية الفلسطينية " ، تأليق حمادة فراعنة ، والذي صدر عن دار الجليل للنشر وال
قراءة كتاب العداء الإسرائيلي للسياسة الواقعية الفلسطينية
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
دهشة أبو مازن تمثلت بتراجع الرئيس الأميركي المذل عن السياسة المعلنة التي انتهجها ضد الإستيطان وبشأن المفاوضات ومرجعيتها وتحديد خارطة الأراضي المحتلة بما فيها القدس، ولما رفض أبو مازن العرض الإسرائيلي وسياسة نتنياهو قال له أوباما "أنا أتعاطف معك ومع قضية شعبك، ولكنني لا أستطيع مساعدتك، فلدي مشاكل داخلية كثيرة، ولذلك أنصحك بقبول المفاوضات حتى في ظل شروط نتنياهو، وإذا رفضت فإن الولايات المتحدة ستكون مضطرة للتراجع عن اهتماماتها بالموضوع الفلسطيني".
كان ذلك بمثابة تحذير أميركي وفق تقييم البعض الفلسطيني، وبمثابة تهديد وفق رؤية البعض الآخر، فتذكر أبو مازن تحذير الرئيس الأميركي الأسبق كلينتون إلى ياسر عرفات، والسيناريو الذي تم رسمه له وأدى به إلى الحصار والتراجع والموت، فقرر أبو مازن وضع سياسته القائمة على الحكمة المفيدة "درء المفاسد خير من جلب المنافع" فهو لا يستطيع مناطحة الأميركيين والإسرائيليين لأن النتيجة ستكون واضحة جلية، ولكنه أيضاً لا يستطيع بنفس المعيار التجاوب معهم والذهاب مكبلاً بسلاسل نتنياهو وشروطه التفاوضية بشطب قضيتي القدس واللاجئين عن طاولة التفاوض سلفاً.
وهكذا اتخذ أبو مازن لنفسه سياسة تحول دون تجاوبه مع الأميركيين والإسرائيليين، وتحول أيضاً دون تمكن الأميركيين والإسرائيليين منه، فكان قراره السلبي الشجاع بأنه لن يرشح نفسه ثانية للرئاسة، وأنها ليست مغنمة للتشبث بها، وهكذا عبر هذه السياسة السلبية حمى أبو مازن نفسه وحمى قضية شعبه، وأربك الأميركيين والإسرائيليين لأنهم لن يجدوا بديلاً جاهزاً يملك المصداقية التنظيمية والسياسية تؤهله لأن يكون رئيساً، وإذا امتلكها فهو بحاجة لوقت طويل حتى يتعامل مع الضغوط الأميركية الإسرائيلية، وإذا أجاد التعامل معها، فلن يكون أقل وطنية وحرصاً من ياسر عرفات الذي فقد حياته، ومحمود عباس الذي فقد رئاسته حرصاً وتمسكاً بحقوق شعبه.
القضية إذن ليست بقاء محمود عباس أو رحيله، فقد مضى أبو عمار ولم تخرب الدنيا، ولكن القضية تتمثل بالعوامل الأربعة التي دفعت أبو مازن للإستنكاف وعدم ترشيح نفسه وهي 1ـ الموقف الإسرائيلي، 2ـ الموقف الأميركي، 3ـ التقصير العربي، 4ـ انقلاب حركة حماس وعدم تجاوبها مع استحقاقات الوحدة الوطنية، فهل إذا تراجع محمود عباس عن سياسة "درء المفاسد خير من جلب المنافع" سيحصل تغييراً أو تبديلاً على مواقف الأطراف الأربعة التي دفعته لاتخاذ قراره؟؟
الضغط يجب إن لا يكون نحو الرئيس محمود عباس بل باتجاه الأطراف الأربعة المؤثرة على صنع القرار الفلسطيني، وعلى مصالح الشعب الفلسطيني، وهذا ما يجب أن تفكر فيه وتفعله وتجيب عليه قيادات فصائل المقاومة ومنظمة التحرير الفلسطينية، فهل يملك هؤلاء سعة الأفق والدراية والخيال السياسي كي يتم وضع برنامج واقعي عملي في ضوء هذه الإستخلاصات؟