أنت هنا

قراءة كتاب العلمانية والحداثة والعولمة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
العلمانية والحداثة والعولمة

العلمانية والحداثة والعولمة

كتاب " العلمانية والحداثة والعولمة " ، تأليف د.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 4

1-الرؤية

س: صرحت بأنك تحاول أن توسع من نطاق الخطاب الإسلامي، بل والخطاب التحليلي العربي، فما دوافعكم؟

ج: لم يكن هناك دافع مسبق للتوصل إلى فكر جديد، وإنما ثمة بحث عن الحقيقة. لا تنسي أنني بدأت رحلتي المعرفية علمانياً ومادياً، وبالتدريج وجدت أن العلمانية المادية لا تفسر أشياء كثيرة في الإنسان، وبدأت تتساقط هذه المنظومة المادية تدريجياً. فكان كلما سقطت مقولة كنت أحاول سد الثغرة بطريقة ما أو بترقيع ثوبي المادي حتى أبقى داخل الإطار المادي، إلى أن وجدت الرقع أصبحت كثيرة وأكبر من الثوب وأنه من المستحيل الاستمرار في "ترقيع" المنظومة، وأن الأمانة الفكرية والعقلية تتطلب مني تبني منظومة أخرى، ومن هنا اضطررت إلى خلع الثوب المادي واستبدال ثوب إيماني إنساني به. وطرحت هذه الرؤية الجديدة المرتبطة بقراءاتي وبمعايشتي لمجموعة من الأحداث. ولا أدري هل يمكن تسمية هذا "مدرسة" أم أنه رؤية أو اتجاه أو منهج؟ على كل هذه مسألة نتركها للقراء وللنقاد، فهم الذين يقومون بالتقييم والتصنيف.

س: أهي مادية الفكر الغربي؟ أم قصوره في تحقيق الإشباع الفكري لديكم؟ أم هي الرؤية الإيمانية الكامنة في وجدانكم كانت العامل الحاسم في دفعكم للبحث عن رؤية فكرية جديدة؟

ج: يمكن أن أجيب بأن كل العوامل التي ذكرتها أدت دوراً في تحولاتي الفكرية والبحثية، وأن الشيء ونقيضه كانا فاعلين، فالرؤية الإيمانية كانت كامنة في وجداني وأخذت شكل الإيمان بالإنسان على أنه كائن متجاوز. وقد حاولت في مرحلة الترقيع أن أبقى داخل النموذج أو السقف المادي في بحثي عن المركز والمطلق. فتارة كنت أراه في العنصر الاقتصادي، ثم في التاريخ ومكره وحتمياته، ثم في القضية الفلسطينية، فهي قضية الحق فيها بيّن والظلم فيها بيّن. وبدأت أتأمل في الشعب الفلسطيني، وكيف أن هذا الشعب الفقير المقهور يقاوم ويرفض الظلم ويبدع. وقد أدى هذا إلى أن أهتدي إلى الإنسان على أنه كائن يوجد داخله ما هو متجاوز للسطح المادي والحتميات التاريخية والبيولوجية. فبالمقاييس المادية المحضة كان لابد أن ينتصر الإسرائيليون ويذعن الفلسطينيون، ولكن هذا لم يحدث، فسقطت المعادلات المادية الاختزالية البسيطة، وأصبح الإنسان هو المؤشر على وجود الله في عالم المادة والطبيعة والزمن والتاريخ. وعندما وصلت إلى أن النموذج المادي عاجز عن تفسير ظاهرة الإنسان وأنه لا يمكن تفسير هذه الظاهرة إلا باللجوء لنماذج غير مادية، عدت إلى الرؤية الإيمانية. وكما ترين وصلت من الإنسان إلى الله، ولم أصل من الله إلى الإنسان.

الصفحات