إن نتاج عصام وزوز الذي سيطالعه القارئُ الكريمُ في هذا الكتاب. هو نتاج جيّد يشهد له بذلك كل من يقرأه بتمعنٍ. وهو نتاج يستحق ليس القراءة والتعليق بل والدراسة لأنّه نتاج لإنسان مجد ومجتهد.
أنت هنا
قراءة كتاب لجين الشوق
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 9
الظلام الأبيض
{الجزء الأول}
وتبلغ الثورة من أيّام قيامها العاشر بعد المائة، فتأبى الأرض من خضابها إلاّ شديد الحمرة، لترويَ عطشها من ماء الحياة لفتيةٍ جُــرّموا، فما كان من قولهم إلاّ ..لا!! لينقلب الرفض إلى عملٍ ارتدى ثوب الشرعيّة والتقديس.
من أولائك الأبطال، كان ذلك الأسطورة الذي فجّر في النفوس ينابيعاً من العواطف التي أخذت تسيطر على مشاعر كل من رآه أو سمع عنه،، قصـــــيُّ، الذي بلغ الوعي فاقداً لأبويه منذ صغره القديم، وكأنّه أراد ثأراً لعقيدةٍ هي كيانه، أو لأصليه اللذيْن ما اجتمع معهما في لحظة إدراك منه، سوى بعض أخيلةٍ لذاكرةٍ اهترأت من ألمٍ وشقاء، أو أنّه ثائرٌ لأمّةٍ أوشكت اكتمال خلعِ ثوبها الأصيل لتُكسى من نسج غرباءٍ كان دوماً عُريُّنا لهم هدفـــــــــاً.
مع انطلاق الخلق - كما هي العادة - كلٌ إلى عمله، يبدأ قصي يومه باللعب مع أبناء قريته الأبيّةِ، لعباً يناسب أيّام سنيّه الأربعة، لتأخذه خطواته بعيداً عن أقرانه، وإذ به يسمع صوتاً زلزل فيه خوفاً ترجمه إلى بكاءٍ، فينطلق نحو صخرةٍ عظيمةٍ تلبيةً لنداء الفطرة فيه، ليسأل نفسه:
ماذا كان ذلك الصوت؟ وكيف بي الرجوع إلى البيت؟؟ ماذا أصنع؟ ردد ذلك مراراً...!!
لم يعرف ذلك المسكين أن الصوت ذاك ما انبعث إلاّ من طائرةٍ تفوح منها رائحة العِداء والتربص، وكأنّها الجارحة التي ترقب فريستها دون أن يكون لديها أي اعتبار، فينتهي الصوت سريعاً، ليمتلئ قصيُّ فرحاً وينطلق من مخبئه قائلاً:
ما هذه الأشياء التي امتلأت بها الأرض؟ فلم يعد يرى الثرى الذي اعتاد اللعب فوقه، ليعُجب بذلك السيف الخشبي، واضعاً يده فوق أزرارٍ فيه، فيكون آخر ما رآه حبّات الرمل والحصى التي انطلقت نحو وجهه البريء، فأفقدته النور، بل أفقدته حياته!.