كتاب " تحديات الأمن الوطني الأردني " ، تأليف رعد فواز الزبن ، والذي صدر عن
أنت هنا
قراءة كتاب تحديات الأمن الوطني الأردني
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
الإطار العام
يسعى الإنسان دائما نحو الأفضل لتحقيق ما يصبو إليه من عيش مميز عبر اتخاذ خطوات بنفسه أو بالتعاون مع الغير ومع المجموع يبذل خلالها جهودا مشتركة، ويقوم بخطوات بحثا عن الأمن والأمان، وهو الدافع الداخلي الذي يحرك السلوك الإنساني، ليحافظ على حياته وأسرته وممتلكاته وهذا الأمر ينطبق على الفرد والأسرة والمجتمع ، وصولا إلى الدولة لتحقيق الأمن الجماعي ، والتي يصبح لها نظامها الخاص ، وحكامها ، ومؤسساتها وقوانينها ، التي تعمل على توفير الأمن والاستقرار وحماية حدودها وبسط سيادتها على أرضها، الذي يضمن تحقيق التطور والتقدم والازدهار، وتوفير مقومات الحياة الكريمة للمواطن بما يحقق أمنه الحياتي ،ومع التطور والتوسع لهذا المفهوم انبثق عنه العديد من المسميات التي أصبحت تندرج تحت مفهوم الأمن كالأمن الاقتصادي، النفسي، الاجتماعي، الغذائي، الثقافي، الفكري، والمائي .......وغيرها.
وفي ظل التحولات الديمقراطية على الساحة الدولية عامة، وفي الأردن خاصة، تسعى الدولة الأردنية لتأمين الأمن والاستقرار الداخلي، من أجل الاستمرار والبقاء والنهوض بالدولة ومواكبة تطورات العصر الجديد ، ولما كانت الدراسات والتجارب المحلية والدولية قد أشارت إلى الدور الفاعل الذي يميز الأردن بقدرته على التنمية والتحديث ومواجهة التحديات، ومساهمته في التطوير والخروج ببرامج تنموية للمجتمع تؤدي إلى تحقيق متطلبات التنمية والرفاه العام ، ولما كان الأمن والاستقرار الأكثر تأثيراً في جميع مناحي الحياة والمتطلب الأهم لإحداث التنمية والتطوير، غدا على رأس سلم أولويات الدول والحكومات ليحظى بالاهتمام بشكل بارز ، وهنا في الأردن ونتيجة للتطـورات الخارجية التي حدثت على الساحة الدولية ، والتي باتت أكثر وضوحا بعد تفجيرات 11/9 /2001، ثم الحرب على العراق، والوضع في الأراضي الفلسطينية ، علاوة على الموقع الجيوستراتيجي للأردن، والسمات التي يتمتع بها الأردن من أمن واستقرار نسبي ، فرضت عليه بذل جهد أمني مكثف للتدقيق والرقابة والمتابعة وتأمين الاحتياجات الرئيسية لحفظ الأمن وبسط السيادة تحسباً من أن يصبح الأردن وطنا بديلا جراء وجوده على أعتاب الأزمات بل وفي خضم الصراعات مما قد يزج به في مربع الأزمات ، وما حدث من تفجيرات في الأردن دفع باتجاه تعزيز الاهتمام بالأمن الوطني، وإلى مواجهة التحديات الداخلية والخارجية، والذي جعل الأردن بقيادته الفاعلة يحظى باهتمام دولي قل نظيره بين الدول الأخرى وهي سمة من السمات المميزة فقد كان التكيّف مع التحولات في عالمنا المعاصر واحداً من الأسباب التي جعلت الدولة الأردنية تولي مسألة الأمن الوطني اهتماما خاصاً وعناية متميزة.
حيث تحاول هذه الدراسة توضيح مرتكزات وأبعاد الأمن الوطني الأردني والإشارة إلى بعض من التحديات التي تواجه الأمن الوطني الأردني وأثرها على الاستقرار السياسي ، من خلال الإدراك والتحليل في ضوء التطورات الإقليمية والدولية المتسارعة ولمحاولة الخروج برؤيا مستقبلية لمواجهة أثر التحديات والذي بات موضوع الأمن الوطني من الموضوعات الإستراتيجية التي تهم جميع أصحاب القرار السياسي في أي دولة جراء تأثيراته الكبرى على الأمن والاستقرار السياسي ، إذ أن هاجس الأمن الوطني يعد من أهم الأمور التي تهتم بها الدول بغض النظر عن حجمها أو موقعها فالأردن كدولة أصبحت تعتمد اعتمادا كليا عليه وصولا إلى تحقيق الأمن والاستقرار السياسي وتأتي أهمية الدراسة لكونها من الدراسات الأولى التي تناقش موضوع الأمن الوطني الأردني والاستقرار السياسي ، فالأردن شأنه شأن بقية دول العالم يضع الأمن على رأس أولويات الدولة ، بالإضافة إلى أن للأمن الوطني الأردني مرتكزات كونه جزءا من الأمن القومي العربي يؤثر فيه ويتأثر به سلبا وإيجابا، مما يجعل صمود الأردن صمودا للأمة العربية ، وتأكيدا لأهمية البعد القومي لقوة الأردن وحماية أمنه واستقراره والقائم على تماسك أبناء المجتمع الأردني وتكاتفه وصولا لترسيخ الوحدة الوطنية ، وتعزيز العوامل الذاتية لحماية أرض الوطن واستقلال إرادته،وضمان أمن الشعب الأردني وحريته .
إن القراءات التي دارت حول مفهوم الأمن الوطني منذ القدم وفي مختلف الحضارات دعت للعمل الدائم من أجل حماية أمن الدولة من العدو الخارجي أو الداخلي ، عبر استخدام القوة العسكرية، ومع التقدم والتطور لم يعد مفهوم الأمن - كما كان سابقا- صالحا في الوقت الحاضر ومن هذا المنظور فقط ، وفي ظل تنوع التحديات والمخاطر التي تواجه الدول ومجتمعاتها وتغير حاجات المجتمعات الحديثة ، ومتطلبات بقائها، أرتبط هذا المفهوم بمدى تأثيره على الاستقرار في العديد من مناحيه ،فقد تطور مفهوم الأمن الوطني في الآونة الأخيرة واخذ يشمل إطاراً واسعاً من التحديات مثل: التحديات الاقتصادية ، الاجتماعية ، السياسية ، الأمنية ، العسكرية ، الغذائية الصحية ، التعليمية والفكرية الثقافية ، وبالتالي بات مطلوباً من أية دولة العمل على تنويع الوسائل التي تستخدمها للمحافظة على كيانها، بقدر تنوع التحديات التي تواجهها، لتشمل تطوير رؤيتها العامة المستقبلية وبرامجها المتنوعة، حيث هناك إجماع بين الخبراء والباحثين على أن هناك علاقة وطيدة بين الأمن الوطني من منظوره الشامل وانعكاساته على الاستقرار السياسي ، والذي يتطلب بداية وجود امن وطني في الدولة المعنية بهدف تعزيز قدرة الدولة في تحقيق حماية الوطن واستقلال الإرادة، وضمان أمن الشعب وحريته وسيادته ، وتوفير مقومات الحياة الكريمة للمواطن بما يحقق أمنه المادي والشخصي، وانعكاس ذلك على استقراره السياسي والاقتصادي والاجتماعي والنفسي والتي تعبر من سمات الأمن الوطني الأردني في تعزيز عوامل قوته الذاتية .