كتاب " صورة المجتمع الأندلسي في القرن الخامس للهجرة (سياسيا واجتماعيا وثقافيا) " ، تأليف د.
قراءة كتاب صورة المجتمع الأندلسي في القرن الخامس للهجرة (سياسيا واجتماعيا وثقافيا)
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

صورة المجتمع الأندلسي في القرن الخامس للهجرة (سياسيا واجتماعيا وثقافيا)
المقدمة
الحمد لله رب العلمين و الصلاة و السلام على رسوله الأمين المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم واله وصحبه أجمعين
أما بعد:
فإن الأدب الأندلسي ولاسيما الشعر منه مرآه لواقع الحياة الأندلسية، ولمشاعر الناس، ودراسة مجتمع ما من خلال ما أنتجته قرائح شعراته تكشف عن قضايا غامضة أو خافية من تاريخ أمة معينة، وقد تبتعد جوانب منها عن عيون المؤرخين الذين تغلب على دراساتهم الموضوعية والنظرة الخارجية في بيان الهياكل العامة للاحداث المقرونة بالزمان و المكان من غير التوغل في خلجات الفرد المكون للمجتمع و المسيّرة لاحداث عصره افرادا وقادة،لذلك آثرنا دراسة أهم حقبة من الأندلس، التي كانت مفتاح تاريخها ومحدد مسيرتها، قرن اتسم بالاضطراب السياسي و التطاحن على السلطة وتعدد المظاهر الاجتماعية و التقدم في المسيرة العلمية الأدبية من خلال شعراء أنتخبهم أديب أندلسي معاصر للحقبة المدروسة،هو ابن بسام الشنتريني(542هـ) الذي أرخ للقرن الخامس للهجرة في موسوعته الأدبية المعروفة(الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة) الذي جمع فيها أخبارا،وسيرا، وحقائق تاريخية متفرقة،وتراجم لشعراء عاصرهم،أو سمع منه او قرأ عنهم،من خلال السرد،أو عن طريق إيراد نصوص شعرية ونثرية في تشابك متين بين التاريخ والأدب.
وكان كتابه العدسة التي نظرنا من خلال شعرائه إلى المظاهر السياسية و الاجتماعية و الثقافية لذلك العصر بالاعتماد على ما توافر من المصادر في العلوم المختلفة التي لها علاقة بصورة موضوع دراستنا، ودواوين الشعراء الذين وردت أسماؤهم في الكتاب مع التحقق من تواريخ نظم الأشعار فيما يخص الذين وافاهم الأجل بعد انتهاء القرن الخامس للهجرة لغرض اعطاء صورة صادقة و متكاملة وواضحة الأبعاد والمعالم.
أما الشعراء فقد بلغ عددهم مئة واثنين وثلاثين شاعرا توزعوا بين مكثرين مثل: ابن دراج القسطلي(421 هـ) وابن شهيد(426هـ) وابن زيدون(463هـ)وابن عمار(477هـ)وابن اللبانة(507هـ) وابن حمد يس(527هـ) وابن خفاجة(533هـ)...وسواهم ، وبين مقلين لم نجد لهم إلا نتفا قليلة من الشعر، وقد توزعت اتجاهاتهم بين التيار المحافظ المتمسك بالموروث العربي القديم وسننه وبين التيار الجديد المتأقلم مع البيئة الأندلسية الطبيعية والاجتماعية و السياسية و الثقافية التي كانت سائدة في القرن الخامس للهجرة، وكان الشعراء جميعا يعكسون الواقع الأندلسي بكل تفاصيله من حيث المحاسن والمساوئ ، وقد شغل كل واحد منهم حيزا مهما من صورة المجتمع في تلك الحقبة بعلاقاته و دوره في مسيرة الحياة السياسية أو انتمائه للطبقة العامة وشرائحها المختلفة، والذي يلفت النظر أن ابن بسام قد تغافل عن عدد من الشعراء كان لهم دور بارز في مسيرة الحياة في تلك الحقبة كأبي إسحاق الألبيري(ت460 هـ)الذي أشعل شرارة الثورة في غرناطة ضد اليهود في حكم باديس بن حبوس بقصائده المؤثرة، وقد حاولت أن أسد هذه الفجوة بالتركيز على شعراء آخرين مماثلين من الحقبة نفسها.
ولغرض إعطاء صورة كاملة عن القرن الخامس للهجرة لم يستغن البحث عن المصادر التاريخية التي أشرنا إليها في الهوامش التي كانت بمثابة حلقات وصل بين الصور المختلفة التي عكسها الشعراء، بحيث أصبح الأدب و التاريخ فصين يعكسان لحمة هذه الدراسة ولا سيما أن ابن بسام في كتابه النفيس قد اعتمد كثيرا على كتاب ((المتين)) للمؤرخ ابن حيان (ت469هـ) وانّ جلّ المؤرخين كانوا يحملون سمتي الذاتية و الموضوعية في آن واحد، وقد جمع بعضهم بين الشعر و كتابه التراجم و التاريخ.
وكان منهجي في الفصل الأول يعتمد على السرد الزمني من خلال التاريخ و الشعر لبيان الصورة السياسية لعصري الفتنة(399_422هـ) ودويلات الطوائف (422_483هـ) وحقبة قصيرة من عهد المرابطين.
وفي الفصل الثاني، واعتمادا على منهج التفسير و التحليل وتتبع الأخبار حاولنا إعطاء صورة دقيقة عن المظاهر الاجتماعية و الدينية بتسليط الضوء على شرائح المجتمع كافة، وبيان نمط حياتهم و سلوكهم الاجتماعي و الديني من خلال الشعر.
ولغرض اعطاء صورة دقيقة عن الواقع الثقافي و الفني بسطنا القول في الفصل الثالث عن الحياة الثقافية بأبعادها المختلفة، ومن ثم عن الأنشطة الشعرية التي برزت في القرن الخامس للهجرة مع دراسة فنية للهيكل العام للقصيدة و المقطعات.
وتجدر الاشارة إلى اني لم أضع تمهيدا يسبق فصول الدراسة يتناول الحالة السياسية و الاجتماعية و الثقافية في الأندلس في القرن الخامس للهجرة لورودها مفصلة في متن البحث، ولم أعرض أيضا دراسة عن كتاب ((الذخيرة)) لدراسته من قبل الدكتور حسين يوسف حسين في كتابه"ابن بسام وكتاب الذخيرة" وارجو ان ينال الكتاب رضى القارئ الكريم وان يكون جامعا لتلك الحقبة المضطربة الشائكة من تاريخ الاندلس.
والله هو المعين
المؤلف