قراءة كتاب صورة المجتمع الأندلسي في القرن الخامس للهجرة (سياسيا واجتماعيا وثقافيا)

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
صورة المجتمع الأندلسي في القرن الخامس للهجرة (سياسيا واجتماعيا وثقافيا)

صورة المجتمع الأندلسي في القرن الخامس للهجرة (سياسيا واجتماعيا وثقافيا)

كتاب " صورة المجتمع الأندلسي في القرن الخامس للهجرة (سياسيا واجتماعيا وثقافيا) " ، تأليف د.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: دار غيداء
الصفحة رقم: 7

وحاول مصالحة البربر, فانقلبت عليه الدائرة, بعد ان خاب رجاله ان يفيض عليهم بالعطايا بعد ان وزع عليهم المناصب, فنادوا على ابن عمه محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله ابن الناصر المستكفي بالله فهرب المستظهر واستخفى في مخزن فحم ثم عثروا عليه وقتلوه امام ابن عمه وهو فرح وكانت امارته سبعة واربعين يوما وسنة ويوم مقتله عمره ثلاث وعشرون سنة, ومما روي انه قال يوم الوثوب عليه ([70]): -

يا ايها القمر المنير

كن نحو شبهك لي سفير

بتحية اودعتها

شوقا بنيات الصدور

واشتهر اهل قرطبة بالانقلاب على الرؤساء وعدم الوفاء لهم ويضرب بهم المثل في القيام على الملوك والتشنيع على الولاة, وقلة الرضا بامورهم, قيل لأ حدهم: كيف اهل قرطبة ؟ فقال (( مثل الجمل, ان خففت عنه الحمل صاح, وان اثقلته صاح, ما ندري اين رضاهم فنقصده ولااين سخطهم فنتجنبه....)) ([71]) اما المستكفي بالله فيقول عنه ابن حيان (( انه لم يجلس في الامارة مدة تلك الفتنة أسقط منه ولا أنقص اذ لم يزل معروفا بالتخلف والركاكة مشتهرا بالشرب والبطالة, سقيم السر والعلانية اســــــــير الشهوة عـاهر الخلوة.....)) وقوله: (( انما ارسله الله تعالى على اهل قرطبة محنة وبليه اذ كان منذ عرف غفلا منقطعا الى البطالة مجبولا على الجهالة.... )) ([72]) وفي عهده استؤصلت بقية قصور جده, وطمست اعلام قصر الزهراء وتولع بامرأة خبيثة نصرانية أنجبت منه ولادة, وقتل ابن عمه ابن العراقي وسجن ابن حزم وغيره ([73]) وفي حكمها قال ابو طالب عبد الجبار في ارجوزته([74]):

وظهر المستظهر المرواني

وشعره من أحسن المعاني

وقتلوه بعد ذاك صبرا

من بعد ما قد قلدوه الامرا

فبايعوا للناصر المستكفي

بعد خطوب طال فيها وصفي

وفي سنة 416 هـ تحرك يحيى بن علي بن حمود نحو قرطبة فضعف امر المستكفي, وثارت عليه دائرته الفاسدة, فخرج بثياب غانية وهرب الى قرية وقتل مسموما بعد ان حكم ستة عشر شهرا واياما ([75]) واعلن يحيى خلافته من قرطبة للمرة الثانية واستقر في مالقة لانه لم يكن يثق باهل المدينة الذين كانوا ينظرون اليه بازدراء, من ذلك هجاء ابن شهيد ابي عامر لوزيره أبي جعفر بن عباس بقوله ([76]):-

أبو جعفر رجل كاتب

مليح شبَا الخط حلُُو الخطابة

تملأ شحما ولحما وما

يليق تملؤه بالكتابة

وذو عرق ليس ماء الحياء

ولكنه رشحُ فضل الجنابة

واتفق خيران العامري حاكم المرية ومجاهد العامري حاكم دانية على انهاء حكم اَل حمود واعادة الحكم للأمويين, وبالتعاون مع اهل المدينة تمكنا من طرد البربر من قرطبة بصورة نهائية, وفي مجاهد هذا يقول ابن دراج:

الى أي ذكر غير ذكرك ارتاح

ومن أي بحرٍ بعد بحرك امتاحُ([77])

ولم يستقرا فيها لعدم ثقة احدهما بالأخر, فخرجا منها تباعا, فأختار اهل قرطبة هشام بن عبد الملك المرواني شقيق المرتضى, ولقب بالمعتد بالله واعلن خلافته سنة 418 هـ وكان بعيدا عن قرطبة فوصلها بمشقة لكثرة الخارجين عليه, ولم يستقر الامر في عهده لعكوفه على المجون والملذات وتركه الامور بيد وزيره الحكم بن سعيد الذي اساء الى الناس ولاسيما العلماء وفرض على الشعب الضرائب الباهظة, فثار عليه الجند لتأخير رواتبهم, وقتلوا الوزير ونهبوا قصره, فتنازل المعتد بالله عن الحكم الى مجلس اعيان المدينة برئاسة ابن جهور([78]) وصور ابو طالب عبد الجبار عهد المعتد بالله في ارجوزته ([79]) : -

ثم اتى من بعده المعتد

والحرب في اقطارها تشتد

فنقموا استخلاصه للحائك

وزيره فخر أي هالك

وخلعوا معتدهم هشاما

وسجنوه عندهم أعواما

ومن الشعراء الذين اشادوا بالمعتد ابن شهيد ابو عامر الذي وصف علاقته به, ومساندته له على اعدائه وحساده: -

احلتني بمحلة الجوزاء

ورميتُ عندك من دم الأعداء

وطعمت لحم المارقيين فأخصبت

حالي وبلغني الزمان شفائي

وحملتني كالصقر فوق معاشر

تحتي كأنهم بنات الماء

ولمحتُ إخواني لديك كانهم

مما رفعتهم نجومُ سماء([80])

وانتهت الخلافة واسدل الستار على حكم بني امية وقد وصف ابن الخطيب هذه النهاية بقوله:

((ومشى البريد في الاسواق والارباض بان لايبقى احد بقرطبة من بني امية لايكنفهم احد )) ([81]) وكانت مدة الفتنة من أصعب أيام قرطبة في القرن الخامس للهجرة.

الصفحات