كتاب " اهداب الخشية - عزفاً على أشواق افتراضية " ، تأليف منى بشلم ، والذي صدر عن منشورات ضفاف ، ومما جاء في مقدمة الكت
أنت هنا
قراءة كتاب اهداب الخشية - عزفاً على أشواق افتراضية
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
يُتمٌ حل بـي دون أن أدري، مع أن والديَ على تعاط للحياة. شعرت أني عارية تماما.. أنيَ مسخ لا أشبه أحدا، ولا حتى كنتُ أشبه نفسي في ذلك البيت - الفيلا.. ولا عدت أشبهه مع أني كنت أتباهى بعظمته التي منها أستسقي للغرور؛ وافتضحتُ، تعرت مواضع العفة فإذا هي آثمة.. رُفعتِ الستائر فإذا الجوقة قردة وخنازير، وإذ بـي دمعة وحيرة، وشريد لا يعثر على جحر يخفي بين ظلمائه وجهه المشوه
وما كنتُ لأعترف لكَ..
فكل العبارات فراغ ما لم تخدش زجاج فؤادك.
أمام صمتي تقترف الكلام ولا تعتقني سخريتك:
- أعليّ أن أسأل ما الذي لم يفعلوه بكِ، أحضروا مغنيا غيركِ، فوّتوا على عليّة القوم فتنتك.. على السفراء والوزراء، والسيد الرئيس.. هل حضر الرئيس عرس أخيك؟
خاوية الردود، لن أرد إن لم أكن سأقطع لسانك بكلمة واحدة تلزمك عمر الصمت حتى آخر نفس، لن أقولها فهي اليوم لا تقتل.
- متى تنوين مغادرة بيتي؟
-. ...
- إن كنتِ باقية فتنحي عن سريري راغب بالنوم أنا
يرتفع صوته إخاله غضب أخيرا:
- على الأقل استحمي لا أطيق فوح النبيذ منك
كلمة واحدة تخدش زجاج قلبـي الرفيع، بل إنكَ أسقطته، فأنتصبُ عارية هنا أيضا.
خلتك المأوى فإذا أنت تهتك أستاري. تنحيت على عجل؛ حملت مفاتيح سيارتي، كما لم أحمل جثة قتيلي التي ما تزال عالقة بالذاكرة.. وقصدت العتبة.
عمياء العبرات على العيون، يصطدم العمى بجدار بشري يطوقه، يتدفق اليتم.. ينهمر.. يبرق.. يرعد لينتهي عاصفة جاثمة على الركبتين، حولها جسد أشبه ما يكون بممتص للصدمات.. الرجل الذي جعلتُ منه وطنا في غربة أوطاني، وظلا لأبـي الذي لا ظلال له.
انقشع الغيم، أفقت من غيبوبة أخرى بهذا البيت. لي مع هذه الغرفة تاريخ حافل غيابا عن الوعي. وجدته يضمني كطفلة لا كامرأة، ووجدتني ابنة له، مع أني طالما كنتُ تحديا أنثويا صارخا يلامس رجولته ولا يمنحها العرش، أو ربما هو من كان دوما يرفض أن يتوج بها.
لم أكن قد افتتحت البوح حين أغلقه وهو يخبرني أنه سيفتش عن بيت ثان إن هو قرر الزواج بـي يوما، لأنه في هذا البيت لم يكن إلا أبا لي.
غرزت في قلبه سخرية اللغة.. لغتي لا غير:
- تتزوجني.. أين.. على الفيس بوك مثلا...
أحلم.. المثقفون يتزوجون من كل أميرات الدنيا، ويسكنون قصور الكريستال.. لكن في أحلامهم فقط.. فاحلم...
ألتفتُ إلى سريره:
- قد أستورد لك سريرا مساحته ثلاثة أضعاف هذا ليسعك أنت وكل أحلامك..
- إلى أن تفعلي استلمي أنت نوبة الحلم عليه، لكن إياك أن تحلمي بـي، أو بصديقي فلسنا لك.
قد لا تكون.. أو لعلك أبدا لن تكون أكثر من الحلم، لكن هو..
ذلك الذي شرعت أقرأ تفاصيله رواية خيانة، كتلك الروايات المتناثرات على أرصفة هذه الغرفة، هو ما عاد يُشَكّل من حروف العشق إنه "شيء" لا يشبهني..
أنتَ.. وحدك أنت كنتَ صرخة بين الضلوع، كيف أرويك أو كيف يمكن أن أكتمك، فكل ما مضى مر سريعا قبل أن أنتبه له، وأنت بيدك كنت تخط حروفا ليست لك، تلك حروفي.. بل حروف الحياة التي أعيش؛ إنها عبارة مقتضبة لا تشبه عبارات روائياتك المطنبات.. هي حياتي.. وأنت رسمتها مذ رأيتك للمرة الأولى تلك المرة التي تلازمني مرارة لا ينسحب سهمها من بين فقراتي.
ياسر.. مفارقة بارعة بين اسم تحمله وطبع سكبت فيه. أتدري لو سألتني إحدى الروايات عنك لاكتفيت بلقائنا الأخير لتعرف الروايات أنك أعتى من الكلمات وأقسى من القدر، أنك وجع دون هوية محددة.
مع أنك لست أرفع مما خلتك دوما "السائق الخاص بـي" الذي سار بـي إلى الشاطئ آخر أيام الصيف بل ومفتتح الخريف، على الصخر وقفنا جنبا يواجه جنبا، وملامح العيون شبه غائبة، أطلعني على هوية لم أسأل عنها يوما، قال أنه أيضا قسنطيني، أتعي قسمطينة ما معنى أن يكون قسنطينيا، إنه بشكل شرعي أكثر مما يجب ند لي، ند أشبعته حد التخمة هوانا، الند انتقم حين بدا أن عليه الحنو.. تراها رعونة شباب أم أنها حسابات بدقة السياسي لا أخطاء بها.
كنتُ سأبادره حروفا شاردات، تطارد ظلاله، أنا التي لا ظلال لي.. ظللني، إطو عمري وضعه تحت أجنحتك..
لم يغادر الحرف الشفاه نحو إصغائك الغائب مذ وصلنا، بل سبقني بوحه.. خبرني أنه إليك قسمطينة.. يعود، أنه يودعني أنا.. أنا التي لم يمر فتى من بين الرموش إلا تعثر من العمر عمرا، وتاه من التيه جله..
إليكِ يعود.. تراها لعنتك أم أنه القدر.. أم..
بكل بساطة هو ياسر.. يقول أنه بكِ موظف و...
قاطعته ارحل أمرك لا يهم سأجد ألف ألف سائق غيرك
قاطعت قصته على عطش قاتل غص به الحلق حتى كاد يزهق الروح شوقا لكلمات أخر.. ولو لحروف أخر.
تكشف السر الذي لم أستقص يوما، لسبب من النفس متمكن، كان يسميه ياسر غروري السفيه. لم أسأله يوما من هو، ومن يكون، ولا حتى حاولت أن أنبش جذور لكنته القسنطينية الفاضحة.
حوله تلتف الأسئلة الحيارى، ومعه تسافر غدا، قبل أن أرفع النقاب الداكن عنها، عن عشق متصوف يحياه حلما.. بل وهما، لامرأة تزوجت من آخر، وخلفته رفات رجل لرفات امرأة، هي تحديدا أنا.. لم يسعه عشق غيرها.. أنثاه الحلم تلك.
أما أنا فما كانت تحل لي الفرحة وقد حرمت غيري منها، بل حرمته الحياة، وأطفأت كل نور وكل إحساس رقيق لعائلة قتيلي.
كان علينا أن لا نبدأ.. البدء عصي علينا، ثنائى إلى مواعيد مؤجلة.. معلقة على الاستحالة، غير أني ما خلتك ترحل قبل البدء خلت القدر يمنحني عمرا من الانتظار...
لم أدرك أن لا القدر ولا العمر ينتظران، وها أنت راحل..
تعود إلى مدينتي: "سلم على قسمطينة "هذا كل الذي وسعت الشفاه من اللغة، من كامل مفردات اللغة، فأنت كنت تسميها هكذا مفردات..
قاموسك انتقل نحوي بالعدوى المشوبة بالاحتقار، لشدة ما كنتُ أراقب كل كلمة تلفظها لأسخر منها دون أن أدري كنتُ أحفظها، وإذ بـي أكررها كما لو أني أكررك، لم يكن ممكنا أن أقول أنها لغة جميلة فأنت لا يمكن أن تشبه الجمال، إنك شيء.. بل مرتبة دونه، رغم وسامتك القسمطينية الملتهبة، دون المستوى دوما أنت..