كتاب " اهداب الخشية - عزفاً على أشواق افتراضية " ، تأليف منى بشلم ، والذي صدر عن منشورات ضفاف ، ومما جاء في مقدمة الكت
أنت هنا
قراءة كتاب اهداب الخشية - عزفاً على أشواق افتراضية
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
تعثرت بك بين دفات عمرٍ مطوية مكتومة شبه آفلة، على رصيف أشبه ما يكون بالعمر، بصمت العمر، مغشيا عليك، منكفئة على مقود سيارتك، وعائدا إلى نفسي كنت بعد هيام بأزقة القصبة العاصمية، كل القصبات تتشابه، تماما كما تشابهنا لحظتها
ما كنا الرغبة كأي رجل وامرأة على عتبات الشباب.. بل كنا رهبة خالصة، خوفا من الأنا، أو خوفا من الآخر.. أو ربما خوفا من الغيب
خفت فيك ذاكرتي فذكر النساء يرهبها
نساء ذاكرتي ما كن ليلا أحمر، بل وجدا وولها
إلى أن انتهى العمر إليها، فأسكنته الخشية، واستطالت الخشية فحالت بين جسدي وجسدك.
بين الذراع والصدر كومتك وعلى فراش احتقرَته تقاسيمك مددتك، وانـزويت أتوجس منك الخيفة.. من وجهك الذي قابلت قبل سنتين.. ذات غمامة سوداء فاحمة مرت على العمر فأغرقته. كنتُ أغادر تلك التي لا تغادر الروح، حين أوقفتِ سيارتك، بينما أغادر موقف السيارات الجامعي، ولم أنتبه إلى أن الخطوات لا تبرحك، تعلقت نـزولك قمرا أو صاعقة أو مجرد امرأة ككل النساء، امرأة لا تشبه نساء هذا الحرم، فيض أريجك عم الموقف، وارتفع التسونامي فأغرق الجامعة كاملة. كنتِ الأولى.. والوحيدة التي ترمي بالحرير على مقاطع متناثرات من جسدها، فيتطاير يغوص فيه الحرم بكامله، يعبقه أنوثة.
رأيتك تحملين العود و تمرين، لا ترين من الدرب خطوة ولا للواقفين حظوة
يومها سألتُ من أنت..
يومها.. سخروا قالوا أنك القسنطينية العلم
واليوم يسخر القدر.. وأنا من يقول أنك قسنطينة.. قسنطينة أنت بكل ما هي
ذرية كان اسمك ودوريا كانوا ينادونك، والأنين بين النفس والنفس رددتك، قلتِ يوما أن لا تكسر المرأة إلا امرأة، وكسرتِها تلك الحبيبة السراب، أخرجتِها من الذاكرة بل وحتى من الفؤاد.. لكن ذرية
ما عاد مهما كل الذي كان، وليته يوما ما كان
ليتي ما لمحت ذلك القدوم، الذي حرك كل الذي كنت أسعى لترسيبه هنا.. بالنفس
كل هذه اللوعة والشوق لدفء الأنثى، بجسد رجل لم يعرف عن النساء أكثر مما تعترف به بطلات الروايات
من أمري لم أملك شيئا، سرت اتبع تدريبات فرقة جلها رجال اصطفوا خلف ظهرك، تنثرين عليهم رذاذ صوتك الذي لم يبلغني منه شيء. جاءتني إحداهن تحمل بطاقاتك الخاصة، تنثرك بشكل ما على صفحات نفسي، تروي عن جمعيتك الموسيقية، ثم تدعو لي رئيس الجمعية..
رجل سقتِه من المشرق جئتِ به لتجعلي منه واجهة براقة لتراث لم يكفك، فرصعته بهذا الرجل الأنيق اللهجة، ما بالهم كل فنانينا، أما أشبعوا شهوات الأمر والنهي من نفسك.
دوريا، أعضاء جمعيتك التفوا حول وقوف دهشتي وانبهاري يعددون نجاحاتك وأوسمة علقت بفنك، وتراهن دهشتي أنها أوسمة لجسد يصنع بصمت حضوره أعنف زلزال.
تربتُ يد المشرقي على كتفي يقول لا تطل التأرجح، فهي جسر بلا طرفين، من قطعه لن ينتهي إلى غاية أبدا
تبادلنا أرقام الهواتف، وأفاقت الغفلة على الفرار منك، فإذ أنا لا أنتهي إلا إليك، تقعين صدفة.. صدفة أخرى بين صفحاتي وأنا أتقاطع ومدير النشاط الثقافي بالجامعة بينما أرسم خطوة للفرار منك، فإذ هو يعيدني يقبض علي متلبسا بك، يسوقني دون أن يدرك إليك مقيدا، وهو يحسب أنه يهديني مسلكا لإتمام بحثي، فإذ أنت بين صفحات البحث خيط دخان يلوثها ويؤجل مسيرها نحو التمام.
ببالغ من كبرياء تدنين منه كأنك تتصدقين عليه بتلك اللحظات، تسلمين بلهجتك القسنطينية المنغلقة دون العالم بأسره، وكأنك من سلالة أنصاف الآلهة، تراقبين لهجته وتفضحين ما استتر خلفها؛ إنه وافد على مدينة لا تمنح كراسيها إلا للوافدين، هي مثلك تماما. ترقبين عبارات يسوقها للتعريف بـي، تهوي نظرتك كأنما وقعت منك لا أكثر، فإذ لهجتي تكبحها، تراقبين تدفق كلمات هي أنا
تمدين يدا تصافحين يدي التي تعض علي أناملك بشراسةِ ما ألهبتِ من أشواقٍ.. وما كنتِ صافحته هو.
امرأة لا تتقن من ألعاب الحياة أكثر من اللامبالاة.. هكذا قرأتك يومها
ولا تلعبها أمامي بل ترحب بـي في جمعيتها، تتنازل عن عرشها وتخبّرني أنها لا تغلق أبوابها صيفا بل تستقبل عينات خاصة جدا.
حتى وهي تقتنيك زبونا خاصا جدا لا تدفع لك، ولا حتى مجرد ابتسامة قد تكون عربونا.. قد تصبح سلسلةً.. قيداً، تشدك خلفها نحو الجمعية بالعاصمة
مجرد كلمات تلقي بها على عجل، متقاربات كنشرة أخبار خاصة.. خاصة بها، تحرك فيك الحقد الذي لم تكتشف بنفسك قبلا، قبل أن تحرك.. رجولتك.. أو ربما من خلاله تحركها.
لم تكف الكلمات بيني وبيني عن شتمها والثناء عليها دون أن أميز أيهما كان الأقوى، اتخذت قراري أبدا لن أدوس جمعيتها حتى لو زلزلت الأرض وسارت هي إلي، وأبدا لن أعود إلى حفلها، بالأساس هو لا يخصني إنه لنساء يحتفلن بعيدهن، لن أحشر نفسي بينهن.
لكنك لن تتذكري كل هذا، ستنسين سريعا أن أصابعي عضت على يدك الرقيقة، فأفاق نبضك، أو ربما مات حتى أجل آخر.. حتى يوم رحيلي، أجلست إليك بعد شهر من ارتشاف مراراتك، أتأمل احتماءك بسريري الذي تحتقرين، إلى غرفة هي كامل البيت في هذا البيت.
ذرية.. أتراني الوطن، أم أني جسر آخر من جسورك نحو الذات الأخرى التي لكِ، ترى متى تتجلى أشتاتها، تلك التي ستكسرني بين نفسي ونفسك كما كسرتِ الذاكرة ومحوتِ أسطرا عشتُ أقتات عليها عمراً
- دوريا هيا احملي دمعك وارحلي
- لم لا تحمل روائياتك السافرات وترحل.. سأدفع لك أجرة الفندق
أحملُ بقايا رجل كنته يوما أنثرها على شوارع العاصمة، إنها لا تشبهني، ولا حتى تشبهك جاؤوا بك إليها قسرا وستهربين قبل أن يتمكنوا من إخضاع شهوة التجبر فيك. أي رجل قد يكبح انطلاقتها، وأي رجل قد يكسر جبروتً جُبلت عليه هذه الأنوثة الدافقة صخرا لا يتفجر منه الماء
أستعيدك لحظات من مرارة، أجترها وأحاول أن أنسى
أركن سير العمر عند الشاطئ، أستعيد نفسي فيك امرأةً اكتسحت الذاكرة.. سكنتها رغما عني وعنها، دوريا كم عمرا يكفيني لأمحوك، كم امرأة أحتاج لأكسرك بالذاكرة