أنت هنا

قراءة كتاب الترجمة والعولمة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الترجمة والعولمة

الترجمة والعولمة

كتاب " الترجمة والعولمة " ، تأليف كوكبة من الباحثين والذي صدر عن

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
دار النشر: منشورات ضفاف
الصفحة رقم: 4

الترجمة والتواصل في عالم متعدد اللغات

انتفضت الأكاديمية البريطانية British Academy في تقرير حديث، ضد مقولة كل شيء بالإنجليزية لأن ذلك يعني بالنسبة إلى من يتحدث الإنجليزية التهميش والانغلاق ضمن منظور انعزالي، مما يعني للباحث، إذا أردنا استخدام صيغة دعابة مطبوعة بطابع بريطاني خالص، أنه يحكم على نفسه بأن يكون معروفاً على النطاق العالمي في إنجلترا وحدها. وليس هذا التقرير هو الوحيد الذي يذكر ذلك، بل إنه يمضي في الاتجاه الذي مضت فيه من قبلُ دراسات يزداد عددها في العالم الناطق بالإنجليزية يوماً بعد يوم (غرادول Graddol، 200 و207م).

ولا نستطيع إلا أن نلحظ تشابه وجهة النظر هذه مع وجهة النظر التي عبر عنها إدوارد غليسان Edouard Glissant في كتابه: مدخل إلى شعرية المختلف[8]:[12] "أعتقد أن كاتباً فرنسيا في أوروبا القرن الثامن عشر أو التاسع عشر، حتى لو كان يتقن اللغة الإنجليزية أو الإيطالية أو الألمانية، ما كان ليأخذ ذلك في الحسبان وهو يكتب. فالكتابات كانت كتابات ذات لغة واحدة. أما اليوم، حتى لو كان الكاتب لا يعرف أي لغة فإنه يأخذ في الحسبان، وعى ذلك أم لم يعه، وجود تلك اللغات حوله في سيرورته الكتابية. لم يعد باستطاعتنا أن نكتب لغة بطريقة أحادية اللغة. إننا مجبرون على أن نأخذ في الحسبان كل طرق التخييل التي تصطنعها اللغات"(غليسان، 1996، ص91). يحدث كل شيء كما لو أن موضوعة كامنة واحدة تربط الموضوعات (والمجالات) التي كانت فيما مضى منفصلة بعضها عن بعض: إن تقرير الأكاديمية البريطانية لا يستند في واقع الأمر على بُعْد الإنسانيات والعلوم الإنسانية وحده.

إنها توسع المنظور إلى أبعد من ذلك بكثير، مبتدئة بالبحث على وجه العموم، وبتأثيره في قدرة بريطانيا العظمى على المنافسة. إن هذا التقاطع في المنظورات ليس وليد المصادفة: إنه منتج من منتجات العصر الذي نعيش فيه، وهو عصر تزداد فيه كل يوم استحالة الانعزال في عالم أحادي اللغة، أو عزل مختلف المقاربات الممكنة حول العالم بعضها عن بعض في لحظة ينحو كل شيء نحو التواصل المشترك في شبكات. ونقول لكي نساير ما قاله إدوارد غليسان: إن الأحادية اللغوية نفسها ينبغي أن تأخذ في الحسبان، في رحاب تخييلها نفسه، أنها تعيش في عالم [13] متعدد اللغات[9]. ولكي تستطيع دخول هذا العالم تصبح الترجمة منذئذ مسألة مصيرية، تطرح نفسها بمصطلحات لا عهد لها بها.

الصفحات