أنت هنا

قراءة كتاب الترجمة والعولمة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الترجمة والعولمة

الترجمة والعولمة

كتاب " الترجمة والعولمة " ، تأليف كوكبة من الباحثين والذي صدر عن

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
دار النشر: منشورات ضفاف
الصفحة رقم: 5

إن مثال الباحثين الأنجلوفونيين في العلوم الإنسانية هو مثال دال كل الدلالة، لكي لا نقول إنه نموذجي في هذا المجال. ويتضح من تقرير مسائل اللغة[10](الذي سبق ذكره) بما لا مزيد عليه من الوضوح الحلقة المفرغة التي تجعلهم سياسة اللغة الواحدة القصيرة النظر يدورون فيها.

وآية ذلك أنهم يجدون أنفسهم محكوما عليهم بأن يقوموا بأبحاثهم انطلاقاً من المصادر المتوافرة بالإنجليزية. إذنْ، يشكل ذلك في المقام الأول تحديداً كمياً خالصاً، ولكنه تحديد بعيد كل البعد عن أن يكون بلا أهمية: نلاحظ في هذا السياق أن عددا متزايداً من الباحثين يتجنبون في اختيار موضوعات رسائلهم الموضوعات التي تفترض مراجعة الكتب بلغات كالألمانية والفرنسية والإسبانية والإيطالية، وبدرجة أقل الروسية: كيف يمكن الانخراط في كتابة رسالة دقيقة كل الدقة عن ألمانيا أو فرنسا أو روسيا دون معرفة الألمانية أو الفرنسية أو الروسية؟

أما أنصار مقولة: كل شيء للإنجليزية فإنهم يقولون، مستندين إلى مثل لاتينية العصر الوسيط أو فرنسية عصر الأضواء: الحل بسيط. إنها ليست إلا مسألة وقت. إن كل ما يؤخذ في الحسبان في المدى المنظور على مستوى البحث يجري بوساطة الإنجليزية: إنها المنفعة التي يفهمها الجميع حق الفهم. وبانتظار ذلك يمكن للترجمة أن تتكفل بالأمر حتى نصل إلى مرحلة يصبح ليس من الضروري اللجوء إلى مقولة كل شيء بالإنجليزية التي تصبح مكتملة.[14] ولكن المشكلة هي أننا لم نعد في العصر الوسيط، ولا في عصر الأضواء، وأن الأحادية اللغوية بوصفها مفتاح قبة التواصل الكوني لا تصمد أمام امتحان وقائع العالم المعاصر. ويُظْهر تقرير الأكاديمية البريطانية الذي يتوافق مع التقليد التجريبـي للعالم الأنغلو سكسوني أن البراغماتية[11] تقتضي في المقام الأول التخلي عن مقولة كل شيء للإنجليزية.

إن البرهان الذي أوردناه قابل للتعميم أيضاً. والأمر كما يبدو ليس مشكلة "داخلية" تخص بريطانيا العظمى حتى لو كان يبدو أنها مطروحة هناك طرحاً أكثر حدة منه في أي مكان آخر. وليست أيضاً مشكلة تقتصر على الإنسانيات والعلوم الإنسانية، ولكنها تتسع لتشمل العلوم الأخرى، والعلوم الطبيعية على وجه الخصوص، لأنها علوم ما زالت بعيدة كل البعد عن أن تكون قابلة للتقعيد، شأنه شأن الرياضيات. والنتيجة أن في هذا مثالاً آخر على التأثير الحاسم "للعولمة الأخرى" (ولتون Wolton, 2003).

الصفحات