أنت هنا
قراءة كتاب الترجمة والعولمة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
"انكفاء العالم"
إن اللغات التي يأتي تقرير الأكاديمية البريطانية على ذكرها تشترك في أنها لغات أساسية في العالم الغربـي: الإنجليزية، الألمانية، الفرنسية، الإسبانية، الإيطالية، والروسية. بيد أن مركز التأثير في عالم اليوم انتقل (بل تفتت[15] في عالم متعدد الأقطاب)، كما يظهر ذلك ارتقاء دول مثل (البرازيل وروسيا والهند والصين)[12]، ويمكن أن نضيف إليها أندونيسيا. وينبغي أن نُدرج في هذا السياق وجهة النظر التي عبَّر عنها ليونارد أوربان Leonard Orban، المفتش الأوروبـي المكلف بالتعدد اللغوي (2007-2010م)، على صفحات صحيفة لوموند Le Monde، وهي وجهة نظر يمكن في ظرف آخر أن تعد فكرة طوباوية: "إذنْ، ينبغي على الموظفين، لكي يسعدوا كل السعادة أرباب عملهم، أن يتقنوا ثلاث لغات على الأقل: لغة بلادهم الأصلية، والإنجليزية بالطبع، ولغة ثالثة من اللغات الأكثر انتشاراً في الاتحاد الأوروبي-الألمانية أو الفرنسية أو الإسبانية أو الإيطالية. دون إهمال الروسية والعربية والصينية"[13]. لقد رسمنا تصور كتاب المختارات هذا في الإطار المتسع الذي ألمحنا إليه، شأنه شأن مُجَلَّدَيْ مجلة هرمس اللذين انتخبنا منهما هذا الكتاب.
لقد أردنا بمحض إرادتنا للمقاربة المعتمدة فيه أن تنضوي تحت لواء أوسع بينية ممكنة، واستعنا بمؤلفين قادمين (أو مقيمين) في بلاد متنوعة كل التنوع[14]: لا يمكن لمثل هذه الإشكالية بسبب تعقيدها (موران Morin, 1990) أن تستغني عن العمل الميداني، ويُعَرَّف هذا الميدان بأنه ميدان عالمي.
ولنسمح لأنفسنا بإبداء ثلاث ملاحظات قبل أن نترك للقارئ مهمة التقدم في القراءة: الأولى، هي أن مسألة اللغات والترجمة، في ظل اندفاع العولمة، أصبحت المسألة-المفتاح للعالم[16] المعاصر، وأصبحت عبر طريقة الاستنباط المسألة المفتاح للبحث. وينبغي ألا نشكو إذا كان عدد الدراسات البينية الحقة في هذا المجال قليلاُ نسبياً، في هذه المدة على الأقل، (مع أنه عدد لا يستهان به): بل إن ذلك هو على العكس دليل وجود حقل واسع لم يجر استكشافه بعد وينبغي استكشافه إلى أبعد مدى؛ والملاحظة الثانية، هي أن مثل هذه الإشكالية تنـزع إلى محو الحدود بين العلوم التي تسمى"صحيحة" والعلوم الإنسانية: إن هناك استمرارية بين كل هذه الطرق المتنوعة لمواجهة العالم من اللحظة التي تصبح فيها المسألة مسألة تواصل. ولن يستطيع التواصل في فضاء معولم التخلي عن اللغات والترجمة، وإلا برز خطر الحكم على العلم-بل كل العلوم-بعدم التواصل، وتتفاوت نسبة الاتهام باختلاف المجالات: لأن بعض العلوم أكثر قابلية للتقعيد من بعضها الآخر.


