كتاب " الغضب الإسلامي - تفكيك العنف " ، تأليف د.
قراءة كتاب الغضب الإسلامي - تفكيك العنف
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
تمهيد : الجهاد والحرب .. المفهوم والممارسة
هل يمكن مقاربة أزمة الحضارة من زاوية المفاهيم وتطبيقاتها والمفارقات الكامنة بينها ؟ سؤال جدير بالبحث والتمحيص؛ ونحن هنا سنتخذ من مصطلحي "الجهاد" و "الحرب" حقلاً لاختبار السؤال المطروح من جهة، ومدخلاً للإشارة إلى أن متواليات الخضوع للقيم الغربية، والانهزامية أمام الحضارة التي أفرزتها بدأت من مقولة "فصل الدين عن الدولة"، والاعتراف بمرجعية ما سمي بـ "الشرعية الدولية" وما يتصل بها من مفردات العلاقات الدولية والنظام السياسي الذي قام - بعد فصل الدين عن الدولة - على منطق القوة والبرجماتية / النفعية في مقابل "المبدأ" الذي كان يضبطه الدين الحاكم للإطار السياسي العام في الدولة الإسلامية فتحول الوضع من هيمنة المبادئ إلى هيمنة القوة التي تفرض الوضوح الأخلاقي وتتحكم بالآخرين. وبين المبدأ والمصلحة تكمن مفارقة جسيمة بين الحضارة الغربية والحضارة الإسلامية، في خصوص الموقف من الآخر على الأقل، وهل هو موقف تصالحي رسالي، أو موقف صدام وهيمنة واستغلال؟
ومن جهة ثالثة، يصبح في وقت الأزمات من الملحّ إعادة تثبيت وتنقية المفاهيم التي تعبث بها "حرب المصالح" التي صارت تبدأ بالأفكار والمصطلحات، وتسويق الصور والرؤى التي تسعى إلى تهيئة الرأي العام لتَقَبّل أكثر الممارسات تطرفًا من خلال الاستثمار السياسي والأيديولوجي لأفكار ومفاهيم تحظى بالجاذبية بتحويلها إلى شعارات لتلك الممارسات التي هي أبعد ما تكون عنها؛ لأن الآلة الإعلامية تفعل فعلها في إعادة تشكيل المفاهيم لحساباتٍ خاصة.
ومفهوما "الجهاد" و"الحرب" من أبرز المفاهيم التي تفرض الأحداث القريبة الماضية والحالية إعادة تثبيتها وتنقيتها في سياق المبادئ والمصالح، مع بيان إلى أي مدى تتحكم المفاهيم في السلوكيات والممارسات.