كتاب " الأمثال الشعبية في اللهجات الشامية " ، تأليف مصطفى الصوفي ، نقرأ من المقدمة :
قراءة كتاب الأمثال الشعبية في اللهجات الشامية
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
مـقدمـة
الأمثال الشعبية تعبير عن حياة الشعب ومعتقداته وقيمه وسلوكياته وأخلاقياته، ويمثل علاقة الإنسان بمجتمعه وبيئته الثقافية والاقتصادية والسياسية، ويعكس صورة صادقة عن حياة الناس، وعاداتهم وتقاليدهم. وتصور الأمثال طبيعة العلاقات الاجتماعية السائدة، وتبرز وجهات النظر والمواقف والقيم.
والأمثال هي محصلة خبرات الناس، وتجاربهم التي خاضوها خلال حياتهم اليومية الطويلة، صاغوها على شكل جملة تعبّر عن وجهة نظر، أمام مسائل الحياة ومظاهرها، وتبين أخلاقيات الجماعة وقيمها ومواقفها ومبادئها، وفلسفتها وسلوكها ومعتقداتها .
تتميز الأمثال بتتناقض معانيها، ومدلولاتها من شخص إلى آخر ومن فئة إلى أخرى، وهذا مرتبط بطبيعة المواقف والآراء، وتنوع وجهات النظر بين الفئات الاجتماعية والطبقية في المجتمع بين فقير وغني، وبين قوي وضعيف وبين مدني وفلاح وبدوي ...إلخ، فتختلف مواقف الفئات أو الأشخاص فيدعو كل منهم إلى ما يوافق قناعاته ومعتقداته وقيمه ومصالحه.
والزمن والتاريخ له دور هام في تناقض الأمثال، فلكل عصر ومرحلة أمثالها التي توافق حاجاتها ومستوى تطورها، وأحداث وانتصارات وهزائم المرحلة، والأحداث الحياتية اليومية من فرح وحزن، وتفاعل وانطواء ومعاناة، وانتصار أو هزيمة تجعل الإنسان يقول المثل الذي يناسب حالته الراهنة، ويخدم مصلحته القائمة، أو موقفه أو وجهة نظره الآنية.
وتتصف الأمثال بأنها متغيرة ومتطورة مع الزمن، وتساير الأحداث والمستجدات والقيم الجديدة، فتولد دائماً أمثال جديدة، وتتلاشى أمثال قديمة لم تعد صالحة للثقافة الراهنة، فنستطيع أن نتلمّس منها المفاهيم، والقيم التي كانت سائدة في مرحلة اجتماعية معينة.
والأمثال عبارة عن جمل قصيرة تصاغ نتيجة خبرات طويلة، تعبّر لغتها ومعانيها عن وحدة الشعوب والأمم الثقافية، وتعاونها وعلاقاتها أو تناقض مصالحها ومواقفها.
قد تتكرر الأمثال عند شعوب مختلفة، لكن الألفاظ تتغير وتتبدل، وتتطور حسب تطور المجتمع ثقافياً وعلمياً وتقنياً ومادياً، وظهور قيم ومثل وأخلاق ومعتقدات وتقاليد جديدة، فهي مرآة العصر الذي قيلت فيه، والتي ما زالت تقال فيه، فتعكس الحالة الثقافية والاجتماعية والمعتقدات السائدة، والمواقف من القضايا الحياتية المختلفة.