قراءة كتاب الأمثال الشعبية في اللهجات الشامية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الأمثال الشعبية في اللهجات الشامية

الأمثال الشعبية في اللهجات الشامية

كتاب " الأمثال الشعبية في اللهجات الشامية " ، تأليف مصطفى الصوفي ، نقرأ من المقدمة :

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
دار النشر: مصطفى الصوفي
الصفحة رقم: 2

يتناقل الناس الأمثال شفاهة في أحاديثهم، ويتداولونها في كلامهم اليومي ونقاشاتهم، وحواراتهم بشكل عفوي، وطبيعي دون تصنع أو قصد، يذكر المتحدث أمثاله شفاهة وببساطة، عندما يرى موقفاً ما أو مشهداً أو حادثاً يتكلم عنه، فيربطه بمثل دارج شائع بين الناس، ليوضح قصده وما يرمي إليه، وعندما تتحدث مجموعة أفراد عن شخص ما، وتعدّد صفاته وأفعاله ونتائجها، فيشبهونها بمثل ينطبق على حالته مثل كونه " كلامه كتير عالفاضي " أو أن " أموره تعبانة " أو إذا حمي الجدل والنقاش بين اثنين، فيضرب كل منهما مثلاً أوتشبيها للآخر يشبهه به فيقول: " راسك يابس متل الحيط ". فلا نجد موقفاً أو حالة أو صفة أو حادثاً أو مشكلة في حياة الناس إلا ونجد لها مثلاً وتشبيها ينطبق عليها.

والمثل العربي له سماته اللغوية، والبلاغية كما قال إبراهيم النظام : " يجتمع فيها أربع، إيجاز اللفظ وإصابة المعنى وحسن التشبيه وجودة الكناية " والأمثال الشعبية العامية ينطبق عليها كل شيء ما عدا صحة اللفظ، وسلامة الصياغة نحوياً كالفرق بين الفصحى والعامية، وما تبقى فهي موجزة تصيب المعنى تماماً، وتعبر عن الحالة بالتشبيه الدقيق والكناية لا يحتمل زيادة الكلام، ولا حشو العبارة ولا الإطالة والإسهاب، إنما هي كما قيل في العامية " كلمتين ورد غطاهم "، وفي الفصحى " خير الكلام ما قل ودل " .

ولو تابعنا عملية جمع الأمثال والأقوال العامية ذات المعاني، والمدلولات المقصودة والمحددة التي يستخدمها الناس في أحاديثهم، لوجدنا أنها لا تعد ولا تحصى، فمعظم الكلام ينطبق عليه معنى المثل أو التشبيه أو الكناية أو التصوير أو التمثيل.

وما جمعته على مر سنوات عديدة من مدن الشام، وريفها، والذي يبلغ أكثر من ألفي مثل وقول مأثور، وسجلته كما هو بلفظه العامي، وكتابته كما يلفظ تماماً، الغاية منه هي جمع المثل والكلام المتداول بين الناس وكتابته وتوثيقه، والحفاظ عليه كجزء هام من تراث شعبنا وأمتنا يجب حمايته، وصونه من الاندثار والتلاشي، كما يحدث وحدث لباقي مظاهر تراثنا الشعبي، كالحكاية والأفراح والألعاب الشعبية وغيرها...

وقد لاحظت أن المثل ما زال متداولاً بين معظم عامة الناس حتى وقتنا الراهن، وهذا سهل عملية الجمع، وتسجيل أكبر عدد من الأمثال التي ما زالت شائعة على ألسنة الناس، دون أن ينتبهوا أو يلاحظوا أنهم يقولون مثلا ...

والأمثال تحمل أكثر من معنى، وأكثر من مضمون وتطرق أكثر من جانب، وباب في الحياة لذلك يضطر جامعها لأن يكررها ويضعها في أكثر من باب.

من خلال نظرة سريعة إلى الأمثال الشائعة بين الناس، ومعانيها ومضامينها نستطيع أن نجد جوانب كثيرة فيها للبحث والدراسة والمقارنة، ويلاحظ الباحث التناقضات الكثيرة بين معاني ومدلولات الأمثال في ذات الموضوع والموقف، الذي يعود إلى موقع وصفات ومواقف قائلها، وغاياته من تسويق فكر معين أو معتقد، أو قيم اجتماعية معينة قد تتناقض مع مصالح، وقيم الفئة الأخرى المختلفة معه، وهذا ما نلحظه في الفروق بين أمثال المدني وأمثال البدوي وأمثال الفلاح أو بين أمثال الطوائف والأجناس والأعراق والأسر المختلفة أو بين المدن المختلفة.

وظاهرة تشابه وانتشار الأمثال بين بلد وآخر، ومنطقة وأخرى يثير الدهشة، والإعجاب مما يشير إلى وحدة الفكر والقيم والثقافة، وتشابه الحياة الاجتماعية وأزماتها، ووحدة المعاناة اليومية لأفراد الأمة من جهة، والإنسانية عموماً لكن مفردات المثل ستختلف حتماً بين بلد وآخر، وهذا يوثق اختلاف المفردات، واللهجات بين المناطق والبلدان، وإن تماثلت المعاني والمضامين ...

وعموماً سنجد كثيراً من الأمثال الخاصة بكل بلد، أو مدينة، ونستطيع أن نقول أنها مثل حمصي أو حلبي أو ديري أو شامي أو حوراني أو بدوي أو ريفي .. الخ .

وهذا يستحق الوقفة عنده لمعرفة أسباب، وسمات هذا التميز، ودراسة عوامله الاجتماعية، والبيئية والثقافية واللهجة المحلية المحكية ...

اعتمدت في جمع الأمثال التبويب حسب الموضوع، والمعنى تحديداً دون اعتبار للترتيب الأبجدي، والأحرف الأولى الذي لا يفيدنا في شيء، فالكلمة الأولى في المثل أو الحرف الأول، يختلف بشكل كبير بين قائل المثل وآخر، فكل منهم يبدأه بكلمة مختلفة وحرف مختلف كما في قولهم ( يا ماشي عارجليك ما بتعرف شو مقدر عليك ) فمنهم يبدأه بقوله: اللي ماشي ... أو ياللي ماشي ... أو إن كنت ماشي ... والأمثلة على ذلك كثيرة .

وحتى في الموضوع الواحد اخترت ترتيباً للأمثال، حسب قربها من المعنى أي الأكثر توافقاً، وقرباً للمعنى الأساسي ثم الأبعد وهكذا بالتدريج، وهذا ما سيلحظه الباحث خلال قراءته للأمثال في الموضوع الواحد ، متأملاً أن يكون هذا العمل والجهد المتواضع بالمستوى الأفضل والأقرب إلى الصحة، والفعالية ويحقق الغاية المنشودة منه شكلا ومضموناً، ضمن المشروع الوطني العربي لجمع التراث الشعبي .

الصفحات