كتاب " الحكايات الشعبية في البلاد الشامية ( الجزء الثاني ) ، تأليف مصطفى الصوفي ، نقرأ من مقدمة الكتاب :
الخياطة وابن الملك
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
كتاب " الحكايات الشعبية في البلاد الشامية ( الجزء الثاني ) ، تأليف مصطفى الصوفي ، نقرأ من مقدمة الكتاب :
الخياطة وابن الملك
وفي اليوم التالي طلب منه أن يأتي إليه لابساً وعرياناً، وحفياناً وليس حفياناً، وماشياً وراكباً في الوقت نفسه، فعاد إلى ابنته حزيناً وحكى لها القصة، فذهبت إلى الخياطة وأخبرتها بما حدث، فعلّمتها أن يلبس والدها فردة حذاء، وأن يركب قصبة، وأن يلبس سروالاً قصيراً، وقبعة على رأسه.
ففعل مثلما أخبرته ابنته، ودخل إلى ابن الملك بهذه الهيئة فضحك منه الجميع.
وقال ابن الملك: والله لقد غلبتني ابنتك أريد أن تزوجني ابنتك، وأعطاه مهرها كيساً من الذهب، فوافق وذهب يبشّر ابنته.
ذهبت البنت وسألت معلمتها، فقالت لها الخياطة: نصيبك بدو يصيبك وهذا قدرك لكن الله يعينك من شرّ هذا الرجل، فوافقت البنت وأخبرت ابن الملك وقام العرس والاحتفالات، وفي يوم الدخلة نام هو في غرفة وهي في غرفة ثانية، ولم يقرب منها.
في الصباح أمرها أن تدخل المطبخ وتحضّر له الطعام، فقالت له: أنا أصبحت زوجتك وملكة فكيف سأدخل المطبخ وأصنع لك الطعام أمام الخدم ؟.
فقال لها: أنا تزوجتك كي تكوني خادمة وتقشري البصل حتى تعرفي قيمتك. فقالت: أنا ما بتفرق معي لكن الناس سيقولون زوجة الملك قشّارة بصل، وبقيت البنت على هذا الحال فترة من الزمن يعاملها ابن الملك معاملة الخادمة ولا يقرب منها أبداً.
في أحد الأيام قامت الحرب بينهم وبين دولة أخرى، فجهّز ابن الملك الجيش، وخرج إلى المعركة وعسكر بعيداً عن المدينة، فذهبت البنت إلى معلمتها وحكت لها قصتها، فطلبت منها الخياطة أن تجهّز مجموعة من الفرسان البنات، ولبست هي لباس الفرسان، وذهبت مع المجموعة إلى قرب معسكر الملك وضربت الخيام هناك.
في المساء أتت إلى ابن الملك وسلمت عليه وقالت له: إنها ابن الملك الفلاني، وقد خرجت للصيد ومررت من هنا فرأت الجيش فأردت أن أعرف أخباركم ؟.
فرحّب بها الملك وجهّز الطعام، وبعد أن أكلوا وشربوا وسهروا. قالت له: ما رأيك أن نلعب الشطرنج فإذا غلبتني أعطيتك زوجتي تنام عندك، وإذا غلبتك تعطيني زوجتك. فقال ابن الملك: لكن زوجتي قشارة بصل، فأجابته لا يهم أنا موافقة، فلعبا فغلبها ابن الملك.
فقالت له: بعد قليل سأرسل لك زوجتي، ولكن زوجتي منقبة، وتستحي أن تخلع النقاب عن وجهها فلا تحاول أن تكشف عن وجهها.
ذهبت البنت إلى معسكرها وبدّلت ثياب الفرسان، ولبست أحلى الثياب ووضعت نقاباً على وجهها ثم عادت إلى خيمة ابن الملك ونامت معه، وفي آخر الليل طلبت منه أن يهديها السيف فأعطاها إياه، وعادت إلى جماعتها ورحلوا إلى المدينة وانتهت المعركة وعاد ابن الملك وجيشه.
بعد مدة حملت بنت الخياطة وأنجبت ولداً جميلاً مثل القمر، وسمته عكا وتركته عند معلمتها لتربيه .
في العام التالي قامت حرب وخرج ابن الملك بالجيش، وعسكر في المكان نفسه وفعلت البنت مثل ما فعلت بالمرة الأولى ونامت مع ابن الملك وفي الصباح أخذت منه الخاتم، وحملت وأنجبت ولداً أجمل من الأول، وسمته صور ووضعته عند معلمتها أيضاً لكي تربيه.
وفي المرة الثالثة نامت معه وأخذت منه المنديل أيضاً، وحملت وأنجبت هذه المرة بنتاً وسمتها ست بدور ووضعتها مع أخوتها عند معلمتها الخياطة.
كبر الأولاد وتعلّموا في المدرسة وأخذوا يذهبون إلى زيارة أمهم في مطبخ القصر، فيأكلون ويلعبون في الحديقة، وكان ابن الملك يراهم ويلاعبهم وأصبح يحبهم كثيراً دون أن يعرف أنهم أولاده، ويتمنى من قلبه لو أن لديه أولاداً مثلهم، وكانوا كلما أتوا إلى القصر يقفون على الباب ويدقون ويغنون: "خيّا عكا خيّا صور خيتنا الست بدور افتحولنا باب الدور". فيسمعهم ابن الملك ويفتح لهم، ويدخلهم إلى الحديقة ليلعبوا فيها طوال النهار.
بعد فترة من الزمن أراد ابن الملك أن يتزوج، فخطب بنت ملك وأقام عرساً كبيراً وفرحاً عظيماً. ولما سمعت البنت الخياطة ذلك جمعت أولادها، وأخبرتهم بالقصة وعرفوا أنهم أولاد ابن الملك، وأعطتهم السيف والخاتم والمنديل، وذهبوا ووقفوا على مدخل القصر، ولما أتى الملك للدخول على عروسه، اعترضوه وأخبروه أنهم أولاده، فسألهم عن أمهم فقالوا: هي مقشرة البصل، فلم يصدق، فأظهروا العلامات فتذكّر القصة وفرح بهم كثيراً، وأحضر أمهم من المطبخ واعتذر منها، وألبسها لبس الملكات
وجدّد الأفراح والأعراس سبعة أيام بلياليها لا أحد يأكل، أو يشرب إلا من بيت الملك، ودخل على
البنت الخياطة من جديد فوجدها أجمل نساء العالم، وعادت الأمور إلى مجاريها، وعاشوا بالفرح والنعيم وطيب الله عيش السامعين .