كتاب " الحكايات الشعبية في البلاد الشامية ( الجزء الثاني ) ، تأليف مصطفى الصوفي ، نقرأ من مقدمة الكتاب :
الخياطة وابن الملك
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
كتاب " الحكايات الشعبية في البلاد الشامية ( الجزء الثاني ) ، تأليف مصطفى الصوفي ، نقرأ من مقدمة الكتاب :
الخياطة وابن الملك
أما علاء الدين فقد عشق الصبية ولم يعد يصبر عليها، فقال لأمه أنه يريد أن يتزوجها. حاولت أمه منعه من الزواج منها، ولكنه أصرّ علي الزواج منها وعمل فرحاً كبيرًا وتزوجها، فوجدها مليحة وبنت ناس وصاحبة نخوة وناموس، وصارت ترعى البيت وتنظفه وتكنسه، وتطبخ الطعام وعاشا حياة سعيدة وفي أحسن حال.
بعد فترة من الزمن أراد علاء الدين أن يسافر في رحلة تجارة بعيدة، فأوصى أمه وأخته أن يعتنيا بزوجته في غيابه، لكنهما بعد أن سافر علاء قامتا وخلعتا ملابسها، وألبستاها ثياباً عتيقة وسخة، وضربتاها حتى ورم جسمها، وأعطياها كسرة خبز يابسة وطرداها من البيت، وهدّداها إن عادت سيقتلانها.
وبعد رحيل الصبية ألبّست الأم ثياب العروس لابنتها، وزينتها حتى صارت مثل زوجة علاء الدين، وعملت قبراً على أنه قبر أخته، ولما عاد أخبرته أن أخته ماتت، فحزن عليها حزنًا شديدًا، ورأى أخته اللي عاملة حالها زوجته حالتها متغيّرة، فسأل أمه عن هذا الأمر فقالت له: حالتها تغيّرت من الحزن على أختك ومن غيابك عنها.
أما الصبية ست الحسن فقد مشت في البرية، حتى وصلت إلى شجرة كبيرة جلست تحتها تستريح، فنامت من النعس والتعب، فمرّت القاقا ورأتها على هذه الحال فأخذتها إلى البيت، واعتنت بها وعرفت قصتها فطيّبت خاطرها وقالت لها: اصبري سيأتيك الفرج إن شاء الله وتأخذين بثأرك من أعدائك.
في الصباح بنت لها القاقا قصراً أحسن من قصر علاء الدين، وفيه جنينة وبستان فيه من كل الفواكه والثمار وما لذّ وطاب، وعيّنت لها حراساً وحاشية وخدّاماً فعاشت في القصر كالأميرات .
في يوم من الأيام مرّت أخت علاء الدين العاملة حالها زوجته من قرب سور القصر، فشاهدت العنب في البستان، فعادت إلى علاء الدين، وطلبت منه عنقوداً من العنب لأنها تتوحم عليه، فأرسل الخادم إلى القصر، وطرق الباب فأطلّت عليه صاحبة القصر ست بدور من الشرفة وسألته ماذا يريد ؟ فقال لها: يا ستي أريد عنقود عنب لزوجة الملك لأنها تتوحم عليه، فردت عليه: " أمي اشتهت التفاحة وأبي أكلها وحبل فيّ، والطاووس والقاقا تقاتلوا علي، وابن الملك حملت أخته وردّت وحامها علي، روح يا مقص قص لسانه حتى لا يفسد عليّ". فقصّ المقص لسانه، وعاد إلى سيده ( يلغلغ ) في الكلام فلم يفهم عليه سيّده، وتعجّب علاء الدين مما حصل للخادم، فأرسل الثاني فعاد يلغلغ مثل الأول، فغضب علاء الدين وصمّم أن يعرف حقيقة الأمر، فذهب إلى القصر ودقّ الباب، فعرفته الفتاة فأرسلت له الخادم ليسأله ما يريد، فقال للخادم: لقد أرسلت خادمي ليطلبا عنقود عنب، فعادا ولسانهما مقطوع، فقصّ عليه الخادم القصة وكيف طلبا، وماذا ردّت عليهما ست الحسن، وكيف أن المقص قطع لسانهما، ولما سمع علاء الدين القصة شكّ بالأمر وأراد أن يعرف الحقيقة، فطلب مقابلة صاحبة القصر، فأمرت الخادم أن يدخله فرآها مثل الأميرات جالسة على عرش من الذهب سبحان الخالقها، فعرفها وعرفته وسألها عن قصتها، فحكت له ما جرى معها منذ أن تركها وسافر وحتى الآن وما فعلت بها أمه وأخته، فغضب من أمه وأخته لأنهما خدعتاه، وصمم أن ينتقم منهما، فطلبت منه ست بدور أن يحضرهما إلى القصر، فذهب الخادم ودعاهما إلى القصر، ولما دخلا إلى الحديقة هفّت نفسهما على الفواكه الشهية، فأكلا منها بنهم، وأمرت سيدة القصر الخادم أن يفلت الكلاب الجائعة عليهما، فهجمت عليهما ونهشت لحمهما ولم يبق منهما إلاّ العظام، وأمر علاء الدين الخدم أن يجمعوا العظام ويدفنوها، وبينما كانت الست بدور تمشي في الحديقة دعست على عظمة منها، فصدر عن العظمة صوتاً ( زيق ) فقالت: الفتاة زيق زقّك، حزن دقّك، أنت متّي وأنا استوفيت. وعاشا في لذّة ونعيم وطيب الله عيش السامعين.