أنت هنا

قراءة كتاب القدس في الشعر العربي

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
القدس في الشعر العربي

القدس في الشعر العربي

كتاب " القدس في الشعر العربي " ، تأليف إيمان مصاروة ، والذي صدر عن دار الجندي للنشر والتوزيع .
وما جاء في مقدمة الكتاب :

تقييمك:
4
Average: 4 (1 vote)
المؤلف:
دار النشر: دار الجندي
الصفحة رقم: 8

وهو هنا يهنئ الفارس المغوار بفتاته التي حررها من أيدي الغزاة، فجعل من مدينة القدس فتاة أو قل عروساً تخلع لباس الذل والكفر وترتدي لباس العزة والكرامة والإسلام، وهي صورة تتلاءم مع أجواء النصر والتحرير التي عاشها الشاعر وأمته فرحة وسعادة.

وكذلك فعل الشاعر الشريف الجواني الذي أشاد بالنصر الذي حققه صلاح الدين، ونوه إلى الذل الذي أحاق بأعدائه ومليكهم قائلاً (8) :

أترى مناماً ما بعيني أبصر القدس يفتح والفرنجة تكسر

وقمامة قمت من الرجس الذيبزواله وزوالها يتطهر

ومليكهم في القيد مصفوداً ولم ير قبل ذاك لهم مليك يؤسر

هذا فيما يتعلق بتحقيق النصر، أما فيما يتعلق بالهزيمة وسقوط القدس في أيدي الفرنجة فقد تعرض إليه الكثير من الشعراء بالرثاء والحزن ومن بينهم الشاعر مجد الدين محمد بن عبد الله الحنفي إذ يقول (9) :

مررت على القدس الشريف مسلماً على ما تبقى من ربوع كأنجم

ففاضت دموع العين مني صبابةعلى ما مضى من عصرنا المتقدم

فهو يسكب الدموع لما آلت إليه هذه المدينة المقدسة، فقد محا الغزاة معالمها الإسلامية ودمروا مقدساتها ظناً منهم بأنهم يغيرون التاريخ ويحرفون مساره. وهو ما يقوم به الاحتلال "الإسرائيلي" في وقتنا الحالي محاولاً تغيير الحقائق التاريخية والجغرافية على الأرض لنزع الصفة الفلسطينية عن المدينة وإلباسها ثوباً زائف اللحمة قوامه المستوطنات وجدار الفصل العنصري.

وكذلك يفعل الشاعر القرقساني عندما يقول (10) :

مصاب القدس قد سلب الرقادا وقد لبس الخطيب به الحدادا

وقاضيه قضى نحباً وإن لميمت لخراب ما أعلى وشادا

ونادى المسجد الأقصى: أيرضى بهذا الفعل من فرض الجهادا؟!

ومنبره الشريف يئن خوفاًومما حل بالمحراب مادا

ألا تذكرنا هذه الأبيات بما تعاني منه مدينة القدس ومسجدها الأقصى المبارك، من حصار ودمار، من حفر وإحراق، من قتل وإبعاد، كل ذلك يأتي في سياق رغبة العدو في نيل الاعتراف بالتفوق (الميجالوثيميا) (11) ، التي تظهر في سعي هذا العدو للاعتراف به. ألا يؤكد هذا لنا أن التاريخ يعيد نفسه وإن تغيرت الأسماء و الوجوه. وهناك نماذج عديدة من الشعر لكثير من الشعراء في حقبة الحروب الصليبية تؤكد ذلك.

وقبل الانتقال إلى حقبة زمنية تالية لا بد أن نلاحظ أن اهتمام الشعراء العرب المحدثين حتى نهاية النصف الأول من القرن العشرين بمدينة القدس لم يكن يوازي أهمية المدينة فقلما نجد حضوراً لها في الشعر العربي. ولعل ذلك راجع إلى تغلغل الفكر الشيوعي بين المثقفين العرب ومن بينهم الشعراء.

إن المد اليساري أضعف الصبغة الدينية للمدينة المقدسة ما جعل الشعراء العرب يعرضون لها من منطلق قومي في الأغلب الأعم. لكن الشاعر الفلسطيني أعاد التوازن لهذه المدينة فركز على البعدين الديني والقومي لها.

لكننا سننتقل إلى حقبة أخرى، هي العصر الحديث، فقد ورد ذكر مدينة القدس على استحياء وفي قصائد محدودة لدى بعض الشعراء العرب ما يدعو إلى القول إن قضية القدس لم تشكل محور ارتكاز في حقبة ما بعد الحروب الصليبية. وقد ظل الأمر على ذلك الحال إلى أن سقطت المدينة مجدداً في أيدي الغزاة الصليبيين في الحرب العالمية الأولى.

الصفحات