أنت هنا

قراءة كتاب موعد مع المصير

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
موعد مع المصير

موعد مع المصير

إعرف نفسك (روحك الإنسانية)، فالصدق ومواجهتها هو الخطوة الأولى للوصول إلى اليقين والسلامة في الشك والحيرة والضياع.

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
المؤلف:
الصفحة رقم: 6
النفس والروح
 
يقول ابن عباس: «في ابن آدم نفس وروح مثل شعاع الشمس، فالنفس التي بها العقل والتمييز والروح التي بها النفس والتحريك فإذا نام العبد قبض الله نفسه، ولم يقبض روحه». إن بيان ابن عباس هذا فرّق بين النفس بحكم وظيفتها في الجسد وجعل هذه العقل والتمييز اللذان يتعطلان عند النوم، وبين الروح التي وظيفتها التحريك الذي يسكن حين تفارق الروح الجسد.
 
قال تعالى: ﴿يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ المطمئنة﴾ [الفجر:27]، وقال: ﴿وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ﴾ [القيامة:2]، وقال: ﴿وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي﴾ [يوسف:53]، وقال: ﴿ﯞ ﯟﯠ ﴾ [الأنعام:93]، وقال: ﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا { 7 } فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا { 8 }الشمس:7-8].
 
إن حقيقة الإنسان هي «نفسه» والذي يولد ويبعث ويحاسب هو نفسه، والذي يمتحن ويبتلى هي نفسه، وما تجري عليه الأحوال من السرور والأحزان والأشواق هي نفسه، أما روحه وجسده فهما مجال تماماً مثل الأرض والسموات في كونهما مجال حركة للإنسان لإظهار مواهبه وملكاته ... وهب الله لهذه النفس جسداً كذلك وهبها روحاً لتحيا وتعمل وتكشف عن سرّها ومكنونها وتباشر خيرها وشرّها.
 
والنفس ترتقي حتى تشاكل الروح وتجانسها بقدر ما تتخلق بالأخلاق الربانية، وبقدر ما تقترب من المثال النوراني وهو الروح التي نفخها الله في الإنسان.
 
والنفس الإنسانية التي تتطهر وتتزكى حتى تماثل وتجانس الروح في لطفها هي التي يقربها تعالى من عرشه يوم القيامة، وهي التي يقول عنها سبحانه وتعالى أنها ستكون.. ﴿فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ﴾ [القمر:55] لأنها بهذا التطهير والتزكي والترقي تصبح نفساً ربانية مكانها إلى جوار الحق.
 
وأما تلك النفوس المظلمة التي تهبط بفجورها وغلظتها إلى الدرك الشيطاني فهم الذين يقول عنهم سبحانه وتعالى يوم القيامة: ﴿كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ﴾ [المطففين:15]. وهؤلاء سيكون مكانهم مع النفوس النارية السفلية في الحميم والظلمة.
 
الروح كما وردت في القرآن الكريم لا مكان لها في جنة أو جحيم وإنما هي نور من نور الله تُنسب إليه، وهي منه تعالى ولا يجري عليها ابتلاء ولا محاسبة ولا معاتبة ولا مكافأة.. فهي المثل الأعلى: ﴿لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ ۖ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَىٰ ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [النحل:60] وذلك المثال النوراني الذي يستمد قدسيته ونورانيته في كونه من الله ومن أمر الله.

الصفحات