أنت هنا

قراءة كتاب قتل الملاك في بابل _ المفكر والناقد قاسم عبد الأمير

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
قتل الملاك في بابل _ المفكر والناقد قاسم عبد الأمير

قتل الملاك في بابل _ المفكر والناقد قاسم عبد الأمير

كتاب " قتل الملاك في بابل _ المفكر والناقد قاسم عبد الأمير " ، تأليف علي عبد الأمير عجام ، والذي صدر عن دار المؤسسة للدراسات والنشر .

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 1

مقدمة

هذا كتاب عرفان، كتاب ثناء وكتاب غضب واحتجاج أيضاً·· عرفان لكل من كتب كلمة بحق الكاتب والناقد والمفكر والعالم قاسم عبد الأمير عجام، وأدار ندوة ونظم أمسية عن سيرته وإنجازه وفكره، عرفان بجهد زملاء من كتاب ومثقفين شهقوا ألما على اغتيال قاسم وصاحوا غاضبين إن الطلقة التي حفرت ثقبا في جبهته كانت إشارة إلى حملة للنيل من رأس العراق وعقله، فالاثنين الأسود السابع عشر من أيار (مايو) 2004 كان إعلانا عن حملة لتصفية علماء العراق ومثقفيه وكتابه وصحافييه، حملة تصفية لحراس الضمير العراقي، عرفان بجهد أصدقاء سعوا إلى بيت قاسم وأحاطوا أهله بفيض من محبة ورعاية، عرفان بوفائهم لمن كان سندا لهم ومعلما وباذلا وحلو معشر يأنسون بعذب كلامه وصافي حكمته، عرفان بجهد كريم لأصدقاء الراحل وزملائه في اتحاد أدباء بابل الذين أصدروا عنه كتابا خاصا النور المذبوح في وقت قياسي كان توثيقا لشهقاتهم الغاضبة ومواقفهم الصريحة في تعزيز الانتماء إلى كل ما التزمه قاسم عجام في الثقافة والحياة، وعرفان خاص هنا للروائي والباحث الأخ الكريم ناجح المعموري لا في جهده الوفي لصاحب الذكرى وحسب، بل في إسهامه في تحرير كتاب اتحاد أدباء بابل وطبعه وإعداده أيضاً ملفا خاصا في الذكرى الأولى للاغتيال، وكتابته الشخصية التي عنت بملامح من النتاج الفكري والأثر الإنساني لأخي ومعلمي وقدوتي الحسنة، وهي تحية أوجهها هنا لوفاء نادر قدمه ابن مدينة المسيب الأستاذ جواد عبد الكاظم، عبر استذكاراته للراحل ونشره مخطوطة في صحيفة الفرات (منشورة في هذا الكتاب) هي تمرين على كتابة مذكرات بدأه الراحل قاسم، وعرفان لجهد فكري عميق ومؤثر للناقدة والباحثة الدكتورة نادية العزاوي التي درست في الراحل بعضا من آثاره وتتولى بوفاء قل نظيره مشروع كتاب نقدي عنه بصفته صاحب مشروع ثقافي لم يكتمل، ومما كتبته عنه أقتبس هنا:

في 17/5/2004 رحل قاسم عجام اغتيالاً· نهاية فجائعية لحياة قامت على أربع ركائز متلازمة لم تعرف يوما انفصاما أو ازدواجية : وعي سياسيّ وانتماء يساريّ لم يتخل عن منطلقاته وثوابته أبداً، وأحلام شاسعة بوسع الوطن الذي أحبّه من الأعماق وآمن بتاريخه وحضارته وعطاء ناسه، وخيبات لاذعة على المستويين الشخصيّ والوطنيّ، وقلم مثابر ناضج مستوف لأدواته لم يكفّ عن الكتابة إلاّ لحظة اخترقت الرصاصة رأسه·

لكأنّه آل على نفسه أن يحوّل الخيبة إلى فعل إبداعيّ يهب وجوده مغزىً معيناً، فظل يكتب في نقد القصة والرواية والشعر والمقالة والتلفزيون والمسرح والسينما، ويتابع - عرضاً وتحليلاً - آخر الإصدارات المحلية والعربية في العمارة والدين واللغة والتاريخ والبحث العلميّ، ويشارك في المنتديات والأماسي والحلقات الثقافية المختلفة· كان دائما على موعد مع الوطن، ومعه في خضمّ المعمعة طوعاً أو اضطراراً، فعرف السجون مبكراً وعاش لعبة الموت في الحروب المريرة في الخنادق والمواضع، ولم يتهرّب قطّ من مسؤولية وضع أمامها أو فرضت عليه، وظلّ ينزف بصمت وجعاً وحباً ·

وهو أيضاً عرفان بجهد صحيفة المدى إدارة وتحريرا، وبالأخص الزميل المفكر والباحث قاسم محمد عباس، الذي حرص على نشر مقالات ودراسات لقاسم عجام حتى بعد مرور فترة طويلةعلى اغتياله، وعرفان بجهد صحيفة بغداد إدارة وتحريرا، وبالأخص الزميل مسؤول القسم الثقافي الكاتب والناقد والصحافي محمد غازي الأخرس، الذي حرص ما أمكنه على نشر عدد من النصوص والمقالات التي قرأت اغتيال قاسم عجام فضلا عن نصوص له، وعرفان بجهد الكاتب والصحافي في جريدة الصباح توفيق التميمي، الذي لم تكن تفوته مناسبة تدل على قاسم إلا وقال كلمة حق نادرة في صخب الكلام هذه الأيام، هي كلمة عرفان لكتاب ومثقفين عراقيين أطلقوا من أقصى المنفى صرخات غضب مثلما سكبوا دمعا نبيلا، وعرفان لنظرائهم داخل الوطن ممن قالوا في الراحل كلمة حق، وهم في كل ذلك انتموا إلى أنفسهم وثقافتهم الوطنية ودافعوا عن حريتها، ونددوا بكل أشكال القمع التي أرادت وتريد أن تحجر عليهم مرة أخرى، ومن هنا نجد أن عددا ممن استذكروا قاسم وكتبوا عنه اغتيلوا بطريقة ليست بعيدة عن الطريقة التي اغتيل بها·

وهذا كتاب ثناء على سيرة عطرة وشخصية تحتذى، ليس لأن صاحبها هو أخي وحسب، بل لأنها سيرة نقاء وسط أجواء آسنة، سيرة محبة وسط أجواء متدفقة من الكراهية، سيرة عطاء ونكران للذات في زمن شيوع قيم الأنانية، سيرة حرية رغم جدران العبودية، سيرة علم ومعرفة، سيرة بناء في وقت منذور بالكامل للهدم، سيرة صبر ومجالدة، سيرة من ظل ينتمي لأفق فكري فسيح رغم عزلته المكانية والزمنية القسرية، سيرة من اجتمع الناس، وهم المتفرقون والمختلفون حد البلبلة، على محبته ونقائه وعفة لسانه ويده، سيرة شخصية تكاد تختصر في نهايتها سيرة العراق في سعيه إلى حريته·

وهو كتاب غضب واحتجاج على كل مؤسسة ونظام ومجموعة عملت وخططت وسعت ونفذت مشروع اغتيال العراق الحر الآمن، عبر قتل عقله وضميره وفكره وحراس روحه، عبر اغتيال المفكرين والكتاب والصحافيين والعلماء والمهندسين والأطباء في حملة دونها كل أوصاف الظلام والهمجية، مثلما هو كتاب غضب على كل جهة مسؤولة في العراق ممن قصّرت وتوانت وغضت النظر لا عن قتلة قاسم وحسب، بل عن عدم وقفها أو عملها على وقف دولاب موت وقتل وحشي ما انفك يدور ويدور على مفكرين وعلماء وأدباء وأصحاب ضمير، حتى قارب ضحاياه الألف منذ أن لاحت بشائر حرية في بلاد الفكر والعلم والأدب في ربيع العام 2003·

ولأن الراحل فكرة وسيرة تنتميان بقوة إلى قيم الحياة المفتوحة على الأمل، آثرت البدء به سيرة شخصية عبر مذكرات أو شبه ، وفيها نتعرف على نبض حي ومتدفق، أردته ان يكون دالا على قاسم وعمله في إعلاء قيم الخير والجمال، انطلاقا من تجاربه الشخصية التي ليس جزافا القول إنها قاربت تطلعات العراق المعاصر وانكفاءاته أيضاً·

وفيما خص نتاجه النقدي والفكري، فقد اخترت نماذج منه، أحسب أنها تمثل ملامح من ذلك النتاج الوافر والغني، فالفصل الثاني ضم بعض النتاج النقدي والفكري لقاسم عبدالأمير عجام، عبر مقالات تظهر تنوعاً معرفياً ثرّا كان درج عليه الراحل وبرز فيه، وهو تقارب بدرجة ما بات يعرف اليوم بـالنقد الثقافي وفي الفصل الثالث نتعرف على جوانب من نشاطه ناقداً أديباً، على أن شيئاً من حصيلته في النقد السينمائي كان محوراً للفصل الرابع، فيما كانت هناك مختارات من عمله ناقداً للنتاج التلفزيوني، ضمن الفصل الخامس·

وفي الفصل السادس نتعرف على شهادات ورثاءات واستذكارات استحضرت الراحل، وتوقفت عند آثاره الفكرية والعلمية والإنسانية، وهي خضعت في اختيارها لدواع تحريرية محض، فيما الفصل السابع سيكون مخصصا لما كتبته أنا عن الراحل وتأثيراته أكانت مباشرة أم غير مباشرة، فضلا عن رسائل من قاسم إليّ أثناء وجودي خارج العراق، وفيه أيضاً ثلاث صور شخصية توليت رسمها بحروف الوفاء والمحبة، الأولى لحيدر ابن قاسم الذي خرج من مجزرة اغتيال أبيه بجروح دامية في الجسد والروح سترافقه إلى آخر العمر، وثانية للراحل الوسيم المهندس الأنيق في كل شيء، باسل نادر الذي لطالما عرفته مقترنا بحوادث إنسانية طيبة، عرفانا له ولبقائه صديقا ورفيق طريق لقاسم حتى الموت، وثمة رسالة هي لقاسم الصغير: ابن ربيع ابن قاسم الذي آثر أن يبقي اسم ابيه حيا في البيت والأرجاء، مثلما هو حي وحاضر في الروح والعقل والإرث الفكري العراقي المعاصر·

هذا الكتاب الاستذكاري سأواصله لاحقا في مجموعة من الكتب توثق الأعمال الكاملة لابن العراق الجميل: قاسم عبد الأمير عجام·

المحرر

الصفحات