كتاب "
شمعة في أعماق السجون " ، تأليف محمد طحنون ، والذي صدر عن مؤسسة الرحاب الحديثة للنشر والتوزيع .
ومما جاء في مقدمة الكتاب :
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
كتاب "
شمعة في أعماق السجون " ، تأليف محمد طحنون ، والذي صدر عن مؤسسة الرحاب الحديثة للنشر والتوزيع .
ومما جاء في مقدمة الكتاب :
شمعة في أعماق السجون
لم أعرف الظلم يوماً ولم يمارَس عليِّ بشكله الحقيقي، وثقافتي عنه لم تكن تتعدى ما أسمعه هنا وهناك، فطبيعة حياتي كانت بعيدة عن هموم مجتمعي وكنت في مستوى معيـشي معين مبني على استغلال كل مباهج الحياة والعيش في أحضانها والتلذذ بما طاب منها، كنت بعيداً عن المجتمع بشتى أطيافه، إلا من كان يحمل شعار ”عش يومك“.
اخترت البعد عن مجتمعي ومشاكله فابتعد هو عني بدوره، ولم نعد نشعر ببعضنا ولا نستلطف بعضنا، وكنت سعيداً بذلك البعد وبتلك الفجوة بيننا لأن عالمي الخاص كان أهم بالنسبة لي، بل كان كل همي.
وفي غفلة الايام.. وجدت نفـسي في قلب أحداث جرت في منطقتي، وإذ بي أدفع ضريبة انتمائي لمعتقدي الذي لم أكن أعلم عنه سوى الولاء فقط.. والذي اكتشفت لاحقاً أنه جوهر الاعتقاد.
منذ أول دقيقة من اعتقالي تغيرت لديّ مفاهيم كثيرة، أولها أنني لم أكن أعلم بقيمة الحواس التي أنعم َالله بها علّي ولم أكن أعيرها اهتماماً إلا بعد أن عُصبت عيناي، حيث برز السمع قوياً ليعوّض فقدان الرؤية، حتى خيل لي أنني أسمع دبيب النمل على الأرض.
وبدأ لساني يلهج بذكر الله واكتشفت الله في قلبي بما لم أكن أشعر به من قبل، وبدأت أدعو وأستجير وأناجي حتى ظننت أنني مودع لا محالة.
كانت هذه بداية اكتشافاتي والتي ربما تبدو للبعض تافهة إلا أنها كانت عظيمة بالنسبة لي في ذلك الوقت بعد أن خرجت من عالمي الخاص الذي لم يكن سوى نقطة صغيرة على هامش الحياة.