أنت هنا

قراءة كتاب الهجاء عند جرير والفرزدق

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الهجاء عند جرير والفرزدق

الهجاء عند جرير والفرزدق

كتاب " الهجاء عند جرير والفرزدق " ، تأليف د. خالد يوسف ، والذي صدر عن مؤسسة الرحاب الحديثة للنشر والتوزيع .
ومما جاء في مقدمة الكتاب :

تقييمك:
3
Average: 3 (1 vote)
المؤلف:
الصفحة رقم: 6

الهجاء في ديوان الشّعرالعربي

منذ الجاهليّة، اتّقدت نار الهجاء بين الشّعراء، وسدّد بعضهم إلى بعض كثيراً من سهام الذّمّ والتّحقير والإستهزاء... فتراشقوا حيناً بألفاظ السّبّ التي تظهر الشّخص وتجسّده في هيئة حيوان منبوذ، أو بعوضة نتنة حقيرة، أو غرسة هزيلة محتقرة تشمئزّ منها الأنفس... إلى آخرما هنالك من المعاني التي تعرّي المرء من الرّجولة فخار العربيّ الجاهليّ.

وحيناً آخر، ترى إلى كنانهم، وهي ترشق سهام التعبيّر، من فسق وفجور وبخل وجبن وفاحشة ووضاعة نسب... وكلّ ما هو مستهجن منبوذ في قاموس الشّتم والسّباب، وكلّ ما يرذله العربيّ من عادات وتقاليد.

ولعلّ إنكار مؤرّخي الأدب، أو كثير منهم، للسّباب المادّي؛ كانتقاص قدر المرء لقصره أو لدماثته أو لتشويه أحد أعضائه، أو تصوير أعضائه التّناسليّة تصويراً مجهرياّ ينافي الذوق والحشمة... لعلّ إنكارهم لهذا السّباب المادّي مقابل إسرافهم في تدوين السبّاب المعنوي؛ كالشّح والتقتير والخوف والجبن... هو ضآلة ما وصلهم منه، أو لأسباب دينيّة أو أخلاقيّة أو غير ذلك ممّا ترفضه القيم الإجتماعيّة.

ذلك لا يعني أنّ الهجّائين قد ترفّعوا عن الألفاظ البذيئة، أو قد قتّر المؤرّخون في تدوين ما يخدش الحياء منها، لجهل منهم أو عدم دراية، إنّما العكس صحيح، فما أكثر الدّواوين التي حلّت فيها النّقط محلّ لفظ محذوف، أو تعبير مشين، أو استعيض عنها بتعبير (كلمة على وزن كذا)، فاستحالت تلك النّقاط النّاطقة إلى أبيات وقصائد منقوطة في مجال الإستشهاد على فحش شاعر أوإقذاع آخر.

ولمّا كان لا حياء في المعرفة، اقتضت الضّرورة أن نشير تصريحاً وتلميحاً ـ وإن لماماً ـ إلى هجاء الفحش والإقذاع الذي ورد في كتب الأدب ودواوين الشّعراء. ولعلّ ابن قتيبة من هؤلاء الأوائل الذين آثروا الموضوعيّة والحقيقة، واستأذنوا الحشمة والعفّة ليبحث في هذا الموضوع. فذكر طرفاً منه لطرفه بن العبد، ومنه قوله:

فما ذنبنا في أن أداءت خُصاكُمُ

وأن كنتمُ في قومكم معشراً أُدُرا

إذا جلسوا خيّلت تحت ثيابهمْ

خرانق توفي بالغضيب لها نذرا(22)

الصفحات