أنت هنا

قراءة كتاب المسافة صفر ( اشتباكات الرواية والحياة )

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
المسافة صفر ( اشتباكات الرواية والحياة )

المسافة صفر ( اشتباكات الرواية والحياة )

كتاب " المسافة صفر ( اشتباكات الرواية والحياة ) " ، تأليف هيا صالح ، والذي صدر عن دار الآن ناشرون وموزعون .
ومما جاء في مقدمة الكتاب :

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 1

بمثابة مقدمة

من بين سائر الأنواع الأدبية، يتبوّأُ السردُ اليوم الصَّدارة، وربما يعود ذلك بشكل أساسي إلى التحولات الدراماتيكية التي عصفت بالعالم في العقود الأخيرة، وألقت بظلالها على الأدب أيضاً، فكان أن انحسرَ الشعرُ الذي ظلّ يوصَف بـ«ديوان العرب»، ليظهر السردُ «بطلاً» يخطف الأضواء، ولسان حاله أنّ الرهانَ عليه بلا شكّ رابح!

هذا الرأي الذي تَكرَّسَ في المدوّنة النقديّة ليس فيه انحياز أعمى، ولا يُبتغى منه الدعوة إلى إطلاق «رصاصة الرحمة» على نوعٍ أدبي أدّى رسالته لقرون فـ«كفّى ووفّى»، وما يزال أملٌ معقوداً عليه. إن الحديث هنا يتّخذ طابعَ «التبشير» المسنود إلى أدلّة وحُجًج مقْنعة، بأن السردَ سيّدُ الموقف، كيف لا وقد أبدى استعداده لمحاكاة الحياة، ومناوشتها، ومراوغتها، والتوغُّل في ثناياها، وإحالة الـمَشاهد فيها إلى صورٍ عمادُها الكلمات التي تتّخذ سمة الديمومة والخلود..

إنّ الصّورة المجبولة بالكلمات تمثل انعكاساً لمجريات الحياة التي هي الينبوع الذي يستمدّ منه السردُ -وبخاصة الرواية- نسغَهُ، ويشكل من خامته وطينتِه عوالِمَه الثريّة، إذ يطوّع الكاتبُ المادةَ الخام ويعيد تشكيلها وفق رؤيته الجمالية وأسلوبه الخاصّ، وهو بذلك يخلق عالَماً من الورق موازياً لعالَم الواقع، وكلٌّ من هذين العالَمين يؤثّر في الآخر ويتأثّر به ويتفاعل معه، بما يجعلهما شديدَي الصّلة بعضهما ببعض، وكأنما الواقع يُنتج نصاً ينتظر أن يُسْكَب على الورق، كما تتشكّلُ على الورق حياةٌ تلامس الواقع وتسعى للتّحقُّق من خلاله.

يضم هذا الكتاب إحدى وثلاثين مقالة، تتناول نصوصاً روائية عربية تمّ التعامل مع كلٍّ منها بوصفه مادة جمالية تجترح أسئلتها وتتفرّد في سماتها عن سواها. ويتوخّى لَمُّ شملِ هذه المقالات معاً، تلمُّس الدّرب الذي اختطّته الرواية العربية لنفسها كاشفةً عن قواسم مشتركة في ما أُنتج في إطارها، دون ادّعاء جلاء صورتها بأبعادها المتعدّدة. وحسْب هذه المحاولة أن تضيءَ مواضعَ في الصورة البانورامية للمدونة الروائية العربية خلال العقدين الأخيرين، حيث انصبّ اهتمام القارئ والناقد معاً عليها، وخُصصت لها أهم الجوائز الأدبية وأرفعها، وتهافتَ عليها الناشرون، ومُنحت الحيّز الأوسع في معارض الكتب.

الصفحات