كتاب " ويزهر المطر أحيانآ "، تأليف نيرمينة الرفاعي ، والذي صدر عن دار الآن ناشرون وموزعون .
ومما جاء في مقدمة الكتاب :
قراءة كتاب ويزهر المطر أحيانآ
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
ويزهر المطر أحيانآ
وحدة
جميلةٌ هي الصباحات الفيروزية.. لكن المساءات عندما تتلونُ بصوت فيروز تصبحُ موجعةً بشكل مبهم..
أحبّ سماعَها مساءً... مع أن صوتها في هذا الوقت يجلب لي شيئاً من الألم... وشيئاً من الذكرى...
كان مساء خريفيا، عابقاً برائحة فيروز، إنه أحد مساءات سنة 2011..
سرحتُ في السماءِ المحترقة بلون المغيب الأحمر، ينتابني شيءٌ من المرارةِ غير المفهومة.. بينما كان الصمتُ يدندنُ ويغني: «كيفَك انْتَ ملاّ انْتَ..».
السماء تحترق كل يوم وقت المغيب كي تضيء لي شمعة الذكريات الدفينة..
تسأل الذكرياتُ السؤال نفسه كل يوم: (كيف هو؟ كيف هو ذلك الرجل؟!). ربما كانت ذكرياتي هي سبب مرارتي؟
مرارتي لم تتجاوز حد البكاء يوما... فالبكاء ترف لا أستطيع التنعمَ به دون شرح أو توضيحات...
فأكتفي بهذا الشعور المبهم المرّ في قلبي... بهدوء... وصمت....
انتفضتُ على وقع اقدام زوجي وهو يدخلُ الباب.. وعلى صوتِ يديه وهما تَصْفقان الباب والذكريات..
نظرت إليهِ نظرةً فارغةً وفكرتُ: كم هو بعيدٌ هذا القريب.. وما أقربَ ذلك البعيد!
ارتمى بجثته الثقيلة على أقربِ أريكة، وابتسم ابتسامةً عريضةً وهو يحيّيني بإيماءةٍ صامتة.. فهمت من ابتسامته أنه سعيدٌ وهادئ البال.. على غير العادة..
هو رجلٌ كثيرُ الانشغال.. دائمُ الركض.. يركضُ من اجتماعٍ لآخر.. من صفقةٍ لأخرى.. من بلدٍ لآخر.. هو دائم الركض حتى إنكَ حين تراه تكاد تلهث تلقائياً.. لذا كان من الغريبِ رؤيته مكتسياً بالهدوء.. لا بد أن شيئاً خطيراً يشغلُ باله!
لم أستغرب إيماءته الصامتة.. فهو رجل يختصرُ جمله.. ومشاعره.. يختصرُ حياته معي.. ويختصرني معه..
قال: «ارتدي ثوباً جميلاً.. سنخرجُ للعشاء».