كتاب " في مستوى النظر " ، تأليف منتصر القفاش ، والذي صدر عن دار التوير للنشر والتوزيع (مصر).
ومما جاء في مقدمة الكتاب :
قراءة كتاب في مستوى النظر
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
في مستوى النظر
اللعب
كنا ستة أولاد متقاربينَ في السِّن. نسكن العمارة نفسها ونلعب الكرة أمامها. وكانت الأمور تمضي بشكل طبيعي حتى خرج إلى المعاش عم حسن الذي يسكن الدور الأرضي. صار كلما لعبنا في الشارع أو خبطت الكرة شباكه دون قصد، يردد: «لو لعبتوا هنا تاني حاقطّعها»، ويحرك يديه كما لو كان ممسكا بالكرة ويشقها بسكين نصفين. وتتعالى اعتذاراتنا ونظل واقفين نمرر الكرة بيننا ببطء حتى يغلق الشباك. كان يمكن أن يتركه مفتوحا لنبتعد عنه، لكنه كان يغلقه دائما بعد صياحه. وسمعنا زوجته كثيرا تنصحه بتركنا نلعب شوية، فكان يصيح فيها أيضا: «حاقطّعها». مرة اندفعت الكرة نحو الشباك حتى ظننا أنه سينفتح من قوة اصطدامها به. وتوقفنا عن اللعب. ومِنّا مَن اختبأ في مداخل العمارات الأخرى في انتظار أن يطل علينا ويشتمنا. لكن لم يحدث شيء. وظننا أنه ليس موجودا وأكملنا المباراة. وما إن اقتربت الكرة من باب العمارة حتى خرج من مخبئه مسرعا، وقبض عليها ودخل بها إلى شقته. انتظرنا أن يتراجع عن قراره، ويفتح الشباك ويلقيها لنا بعد توبيخنا كما يفعل ساكنو الأدوار الأرضية في شارعنا. لكن الكرة لم ترجع. ولم ينفتح الشباك. أعادتها إلينا زوجته في اليوم التالي. وصرنا نعرف حينما يغيب صياحه، أنه يختبئ وراء الباب في انتظار القبض على الكرة. لم يشكُ أبدًا لأهالينا. حصر الموضوع بيننا وبينه فقط. كأننا صرنا جزءا من انشغالاته بعد خروجه إلى المعاش. كما صار هو جزءًا من لعبنا.