كتاب " الرأي الآخر " ، تأليف صاحبة السمو الملكي الأميرة بسمة بنت سعود بن عبد العزيز آل سعود ، والذي صدر عن
أنت هنا
قراءة كتاب الرأي الآخر
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
الرأي الآخر
رحلة إلى أرض العم سام (1)
الاثنين 24 نوفمبر 2008
لم تكن هذه رحلتي الأولى إلى أمريكا، فقد زرتُ بلاد العم سام لأول مرةٍ عام 1982م عندما كنتُ طالبة في الجامعة برفقة شقيقتي التي فَضَّلت الدراسة في إحدى الجامعات الأمريكية، بينما لم تَرُق لي الحياة هناك، وكانت وجهتي الأولى مدينة لوس أنجلوس الساحلية وتحديدًا (بيفرلي هيلز) الشهيرة، وكان برفقتي رجلٌ إنجليزي "حارس شخصي" تجاوز الخمسين من عمره، وبمجرد دخولنا ذلك الحي الكبير والفخم شاهدنا جريمة قتل حدثت وقائعها في وضح النهار، وكانت ضحيتها امرأة مع ولديها، فكانت هذه الصدمة الأولى، ليقرِّر بعدها مرافقي أن نعود إلى انجلترا في نفس اليوم.!
فبالرغم من صدمتي وعدم تصديقي لِمَا حدث أمام عيني حاولتُ التأقلم، وحاولتُ أن أرى شيئًا مختلفًا في هذه المدينة التي تُعتَبر من أكبر المدن الأمريكية، فقد مكثتُ شهرًا أبحث عمَّا يمكن أن يغريني للبقاء في أرض الأحلام؛ ولكني لم أجد، فقرَّرتُ حزم حقائبي ومغادرة أمريكا نهائيًّا.
وبمرور سنواتٍ عديدة، وبعد أن كبر أولادي؛ وجدتُ نفسي مرةً أخرى في محاولةٍ جديدةٍ لتَقبُّل الثقافة الأمريكية، تلك الثقافة الطاغية على فِكْر الشباب وحالة الانبهار غير العادية واتخاذهم الأسلوب الأمريكي من مأكل وملبس وسلوكيات حياتية نمطًا مُفضَّلاً للحياة، حتى أصبحتْ بصمة الحياة الأمريكية واضحة دون وعي أو تقنين على كلِّ مَن حولي من الشباب، وللأسف إن ما يقلده شبابنا هو مظاهر الحياة الزنجية الأمريكية أو ما يُعرَف في أمريكا بـ"المجرمين" من ثَقبٍ للجسم والبنطلونات الممزَّقة و"الوسط النازل" والأكل بكميات كبيرة، والغريب أنها أصبحت نمط حياة لكثيرٍ من الشباب خاصة في دولنا الخليجية، رغم أن الأمريكان من أصولٍ أفريقيةٍ ما زالوا يعانون من التمييز العنصري وأنهم مواطنون من الدرجة الثانية، وحتى الخدعة الإعلامية التي تلعبها أمريكا الآن بإظهار رئيسها "أوباما" وهو من الأمريكان السود، ما هي إلَّا لتجميل صورة أمريكا أمام الرأي العام العالمي خاصةً دول العالم المتقدم!.
وبعد تفكيرٍ طويلٍ، حملتُ كلَّ الحقائق التي أعرفها عن المجتمع الأمريكي وأعايشها يوميًّا في مجتمعي الصغير بالسعودية، ومعها تلك الذكرى المؤلمة أو الانطباع الأَوَّلِي عن مجتمع الجريمة التي رأيتها في العام 1982، وقرَّرتُ أنا وأبنائي أن يكون جزء من برنامج رحلتنا لصيف 2008 زيارة أمريكا حتى يقف أبنائي على الواقع الأمريكي بأعينهم ويكوِّنوا آراءهم وانطباعاتهم الذاتية، وبما يساعد مناقشاتنا بعد ذلك على أساسٍ من الواقع.
وقبل أن ننطلق إلى أمريكا كانت لنا جولة قصيرة في أوربا بمتاحفها وثقافتها ونظافة مُدُنها وشوارعها وهدوئها، ورُقي تعامل شعوبها وتمسكهم بالقِيَم الأخلاقية والإنسانية من صدقٍ وأمانةٍ ولطفٍ، وكنا سعداء بهذا التمازج بين الواقع البريطاني والإعلام المرئي، فلم يكن هناك أي تناقض بين ما نعايش وما نرى، ناهيك عن حرية التعبير بمعناها الحقيقي والشامل لحرية العقيدة والسياسة والفكر وكذلك للخطوط الفاصلة والواضحة بين الممنوع والمسموح، فاحترام الفرد كقيمةٍ هي سِمَّة المجتمع الأوربي وخاصة البريطاني.
انتهت الفترة الزمنية المُحدَّدة لزيارة بريطانيا وِفْقَ البرنامج، صليتُ ليلة السفر وشعرتُ برهبةٍ شديدةٍ، ودعوتُ الله أن يجعل لنا ما فيه الخير من أمر هذه الرحلة، ولكن ظلَّ حال "القبض" ملازمًا لي..
وللحديث بقية ...