كتاب " الرأي الآخر " ، تأليف صاحبة السمو الملكي الأميرة بسمة بنت سعود بن عبد العزيز آل سعود ، والذي صدر عن
أنت هنا
قراءة كتاب الرأي الآخر
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
الرأي الآخر
رحلة إلى أرض العم سام (2) :معاناةٌ من نوعٍ آخرٍ
الاثنين 1 ديسمبر 2008
بعد انتهاء البرنامج المخصص لزيارة بريطانيا، كانت وجهتنا إلى أمريكا، حيث لا يوجد VIP في صالة المطار بحسب ما هو متعارف عليه في كلِّ مطارات العالم تقريبًا، فبالرغم أن في بريطانيا الكلُّ سواسية في الحياة اليومية ولكن في المطارات البريطانية هناك صالة VIP للمعاملات الرسمية؛ عكس أمريكا تمامًا حيث الدولار هو سيد الموقف ولغته هي اللغة الوحيدة التي تجعل من الشخص VIP أم لا !.
في مطار أورلاندو كانت بداية المعاناة وتفسير حال "القبض" الذي لازمني منذ بدأت الرحلة إلى أمريكا، معاملة العرب أكثر من سيئة؛ وإذا كنتَ خليجيًّا فالمعاملة أشدُّ غلظة، تتكرَّر الأسئلة والاستجوابات والتحقير، فإذا أدركوا عدم إتقانك للغة الإنجليزية كالوا ما شاءوا من السبِّ والشتائم، والحمد لله الذي علَّمنا لغة قوم فأَمِنا مكرهم.. فبعد انتظار سبعة ساعات في صالة المطار وبعد تدخُّل طاقم الطائرة البريطانية خرجنا من المطار شاكرين الله على السلامة، رغم الإنهاك والإعياء الذي كنا نعانيه نتيجة لساعات سفرٍ طويلة تجاوزت في مجملها نحو 13 ساعة.
انتهى الفصل الأول من الرحلة، لنبدأ رحلةً من نوعٍ جديدٍ، فكلُّ مَن يعرف أو حتى يخمِّن أنك خليجي يحاول استنزاف أكبر قدرٍ ممكنٍ من نقودك، وبما أنني أردتُها رحلة سياحية عادية وأن أعيش الواقع بكلِّ تفاصيله، وليست رحلة استنزاف وزيارة للمحلات ذات الواجهات البرَّاقة ، كان عليَّ أن أتحمل كلَّ ما في هذا الواقع وأتحمَّل مفاجآته؛ أو بالأحرى صدماته.
بدأت رحلة العذاب مع شعبٍ جاهلٍ لا يعرف ما يدور حوله، لا يعرف الخليج إلَّا إذا ذُكِرَت العراق، ثقافته الوحيدة هي "التسلية" أو كما يُعرَف بثقافة البلاستيك، فكلُّ ما يحيط بك غير حقيقي؛ بلاستيك يتحرك هنا وهناك، لا يعرفون معنىً للسياحة وصناعة السياحة أو معاملة السُّياح بأي شكلٍ من الأشكال، أو حتى المعاملات الآدمية البسيطة، القبحُ يسيطر على كلِّ شيءٍ حولك، مناظر مقززة، أجسام عارية، أرتال من اللحم تتحرك دون ورعٍ، إباحية وفجور بشكلٍ اعتيادي، من المألوف أن ترى في الشارع الشباب والشابات النساء والرجال الكل يرتدي الشورت الضيق والتي شيرت الواسعة بغض النظر عن الأفخاذ المتدلية هنا والأذرع المتساقطة هناك، ومن خلال هذه المناظر بدأتُ أفسِّر ما عليه حال أولادنا وبناتنا في السعودية والخليج عامةً من بدانةٍ وتدهورٍ صحيٍّ، فإذا كانت ثقافتهم وأُسوتهم مُستَقاة من شخصيات لا تعرف إلَّا الحياة البوهيمية والسَّفه الترفيهي بالتأكيد أن هذا سيكون حالهم ولا ريب.
الحياة في شوارع "نيو أورلاندو" أشبه بالسوق المفتوح كلُّ شيءٍ فيه مباحٌ ومتاحٌ، ثقافة الوجبات السريعة والكميات والأحجام الكبيرة هي المسيطرة، هذه المطاعم التي تستحق بكلِّ جدارةٍ لقب "مستنقع المخلفات" فالقاسم المشترك الأعظم هو الدهون ومُكسِّبات الطعم والكميات الكبيرة، وكفى بهذه الخلطة تدميرًا لأصلب معدة!.