أية لحظة.. مباغتة، ستفاجئنا بالحنين ونحن نتشكل بعد، أية مدارات ستنجرف أحلامنا ونحن نتهاوى على قباب الروح والجسد.
أنت هنا
قراءة كتاب الساعد الغربي
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 10
نافذة
ذات صباح
التقينا عبر طابع بريدي، في الكشك المجاور لمدارات الذهاب والمراسلة وكأن الصيغة الأخيرة كان لها لمسة المصادفة الأولى.
في مبنى البريد، وفي كشك مجاور يبيع الظروف ونبيع فيه أحوالنا مقابل قروش من أحلام نحملها بظرف ورقي ربما يهترئ من تعرق أيدينا ونحن نشاور الزمن في جدوى إرساله أو إبقائِه في أرشيف حياتنا.
ابتعدت كثيراً... وفي حينها أجارتنا الخطوة العابثة بسلام كنا نبرره بذاكرة الأشخاص الذين لا نراهم إلا لحظة اليقظة المباغتة التي تدفعنا لأن نسأل متى وكيف..؟!
أخيراً:
وضعتُ الرسالة في البريد، وأنا أمنع نفسي من الابتسام لهذا الشوق الذي فجأة ذكّرني، من دون أن أتصور أن الأمنيات هي رغبة سيتأخر تحقيقها سنوات طويلة، وقد سبب لي ذلك الكثير من الآلام، وأنا أنظر إلى الأمور بالطريقة نفسها، من دون تفسيرات حقيقية، أما المناسبة الوحيدة التي كنت أستمتع بها هي ذلك الذهاب الآسر إلى الحقول والاستمتاع بمشاهدة الحمام والعصافير وهي تحلق بالسماء غير عابئة بآلامنا وكثيراً ما كنت أشعر بروحي وهي تحوم فوق تلك التفاصيل وأنا أقيم علاقات لونية مع الأشياء والأزهار التي نبتت في كل مكان.
وقلت:
- عجيبة تلك المشاعر التي تكسرنا إلى ذلك الحد الذي يفضح ضعفنا وهشاشتنا وتمنعنا من متابعة الحياة.
انتبهت فجأة وأنا أمام صندوق البريد الذي كتب عليه بخط كبير على لوحة نحاسية (البريد الخارجي) وخلفي طابور من الانتظار، تأكدت من إلصاق الطوابع وتأكدت من صحة العنوان والمعلومات الواردة على الرسالة وقبل أن أتراجع من الطابور، أجلس على المقعد الخشبي في وسط بهو مكتب البريد وأعيد قراءة الرسالة وتأثيث مشاعري على نحوٍ مدهش كما مشاعري في تلك اللحظة بالذات وأثير الكثير من الأسئلة.
- أحب الأسئلة الكبيرة... الأسئلة التي لا جواب لها وهي تطحن عقولنا، من دون أجوبة.