أنت هنا

قراءة كتاب رسائل خربر

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
رسائل خربر

رسائل خربر

كتاب " رسائل خربر " ، تأليف سي.أس.

تقييمك:
4.66665
Average: 4.7 (3 votes)
المؤلف:
الصفحة رقم: 7

فركِّز كلَّ جهدك إذًا على الخيبة أو الهبوط المُفاجئ اللذين سيُصيبان المريض حتمًا في أثناء أسابيعه الأولى بوصفه مُرتادًا للكنيسة. إنَّ العدوَّ يسمح بحصول هذه الخيبة على عتبة كلِّ مسعًى بشريّ. فهي تحصل عندما ينكبُّ على تعلُّم اللغة اليونانيَّة بجدّيَّة ذلك الصبيُّ الذي سبق أن سحرَته في دار الحضانة حكاياتٌ من ملحمة الأُوديسَّة. كما أنَّها تحصل عندما يتزوَّج الحبيبان ويُباشِران المهمَّة الواقعيَّة المتمثِّلة في تعلّم العيش معًا. وهي في كلِّ دائرة من دوائر الحياة تُميِّز الانتقال من الطموح الحالِم إلى التحرُّك العمليّ والواقعي. والعدوُّ يقوم بهذه المغامرة لأنَّ لديه نزوةً غريبة في تحويل هؤلاء الطُّفيليِّين البشريِّين الصغار المُنفِّرين إلى ما يدعوه أحبّاء وخُدّامًا “أحرارًا” – “أبناء” حسب الكلمة التي يستخدمها – بحبِّه الذي لا يلين لإهانة العالَم الروحيِّ كلِّه بإقامة علائق غير طبيعيَّة بالحيوانات التي تنتصب على قَدَمين. فرغبةً منه في ممارستهم لحرِّيَّتهم، يرفض تاليًا أن يَحمِلَهم حَملًا، بمجرَّد عواطفهم وعاداتهم، إلى أيٍّ من الغايات التي يضعها أمامهم: إذ يدعهم يفعلون ذلك “بمحض إرادتهم”. وهَهُنا تكمن فرصتنا. إنَّما تذكَّر أيضًا أنَّه هَهُنا يكمن الخطر الذي يتهدَّدنا. فما إن يجتازون هذا الجفاف الأوَّليَّ بنجاح، حتَّى يُصبِحوا أقلَّ اتِّكالًا بكثير على العواطف، ومن ثمَّ أصعبَ كثيرًا أن يُغوَوا ويقعون فريسةً للتجارب.

استمررتُ أكتبُ حتَّى الآن على افتراضِ أنَّ الجالسين على المقعد الطويل التالي لا يوفِّرون أيَّ أساس عقلانيّ لتلك الخيبة. وكان من شأن مهمَّتك أن تكون أسهل جدًّا بالطبع لو فعلوا ذلك: لو عرف مريضُك أنَّ المرأة المعتمرة تلك القبَّعة المضحكة لاعبةُ بريدج[5] مهووسة، أو أنَّ الرجل المُنتعِل الحذاءَ ذا الصرير والصريف بخيلٌ ومُبتزّ. فكلُّ ما عليك عندئذٍ أن تفعله هو أن تصرف ذهنه عن هذا السؤال التالي: “إذا استطعتُ، في حالتي التي أنا عليها، أن أعتبر نفسي مؤمنًا بالمسيح بمعنًى ما، فلماذا ينبغي أن تُثبِت مُختلِف رذائل هؤلاء الجالسين على المقعد التالي أنَّ ديانتهم مجرَّدُ رياء وتقليد؟”[6] ولعلَّك تتساءل عن إمكانيَّة الحيلولة دون ورود فكرةٍ بديهيَّة كهذه حتَّى في ذهنٍ بشريّ. إنَّ ذلك ممكن، يا علقم، نعم إنَّه ممكن! تولَّ أمره جيِّدًا، حتّى لا تخطر تلك الفكرة في باله على الإطلاق. فلم تمضِ على انضمامه إلى العدوِّ مدَّةٌ يكفي طولُها لحيازة أيِّ اتِّضاعٍ حقيقيٍّ بعد. وكلُّ ما يقوله، حتَّى وهو جاثٍ على ركبتيه، عن حالته الخاطئة هو كلام ببغائيٌّ بمجمله. ففي قرارة نفسه، ما يزال يعتقد أنَّه قد فتح حسابَ اعتمادٍ مُربِحًا جدًّا في الدفتر الأُستاذ لدى عدوِّنا إذ سمح لنفسه بأن يهتدي، ويحسب أنَّه يُبدي تواضعًا وتصاغُرًا عظيمَين بارتياده للكنيسة أصلًا مع هؤلاء الجيران العامِّيِّين “المتأنِّقين” “المغرورين”. فأبقِه في تلك الحالة الذهنيَّة ما دمتَ تستطيع ذلك.

عمُّك المُحِبُّ

خُربُر

الصفحات