أنت هنا

قراءة كتاب المجتمع المفتوح وأعداؤه - الجزء الأول

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
المجتمع المفتوح وأعداؤه - الجزء الأول

المجتمع المفتوح وأعداؤه - الجزء الأول

كتاب " المجتمع المفتوح وأعداؤه -  الجزء الأول " ، تأليف كارل بوبر، اصدار دار التنوير للطباعة والنشر والتوزيع ، نقرأ نبذة عن الكتاب :

 

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 4

مدخل

لا أبتغي إخفاء حقيقة أنني ليس بمقدوري سوى أن أتطلع باشمئزاز.. إلى ادّعاء كل هذه المجَلَّدات المنتفخة بالحكمة، كتلك التي تبدو مُدَّعية للحداثة في أيامنا هذه..

وإنني لعلى قناعة تامة بأن الطرق المقبولة ينبغي أن تزيد بشكل دائم هذه الحماقات والهفوات، بل وحتى الفناء الكامل لكل هذه الإنجازات الخيالية لم يكن من الممكن أن يكون مؤذياً مثل ذلك العلم الوهمي بخصوبته المنفِّرة.

كانط

يثير هذا الكتاب قضايا ربما لا تكون ظاهرة من خلال فهرس موضوعاته. فهو يجمل بعض الصعوبات التي تواجه حضارتنا - تلك الحضارة التي ربما يمكن وصفها بأنها تهدف إلى تحقيق ما هو إنساني ومعقول، كما تهدف إلى تحقيق المساواة والحرية؛ حضارة لا تزال في طفولتها، كما كانت دائماً، وقد تستمر في التطور على الرغم من حقيقة أن العديد من القادة المفكرين للجنس البشري، قد غدروا بها في معظم الأحوال. وهو يحاول أن يبيِّن أن هذه الحضارة لم تفُق بعد من صدمة ميلادها - صدمة التحوّل من «المجتمع القَبَلي» أو «المغلق»، بما وقع له تحت سيطرة القوى السحرية، إلى «المجتمع المفتوح»، الذي يُطلق قوى الإنسان النقدية. وهو يحاول كذلك أن يُبَيّن أن صدمة هذا التحوّل إنما هي أحد العوامل التي جعلت من الممكن أن تنشأ تلك الحركات الرجعية التي حاولت، ولا تزال، هدم الحضارة، والعودة إلى النظام القَبَلي. وهو يقترح أن ما ندعوه في هذه الأيام المجتمع الشمولي إنما ينتمي إلى ما هو سائد سواء أكان قديماً أم حديثاً، كما هو الحال في حضارتنا نفسها.

وهو يحاول من ثم أن يُساهم في فهمنا للشمولية، ولأهمية ودلالة الكفاح المتجدِّد لمواجهتها.

ويحاول فضلاً عن ذلك أن يفحص تطبيق طُرُق العلم النقدية والعقلانية على مشكلات المجتمع المفتوح. فهو يحلّل مبادئ إعادة البناء الاجتماعي الديموقراطي، مبادئ ما اصطلح على تسميتها «الهندسة الاجتماعية المتدرّجة» في مقابل «الهندسة الاجتماعية اليوتوبية» (كما هو موضح في الفصل التاسع). كما أنه يحاول أن يزيل بعض العوائق التي تعترض سبيل حَلّ مشكلات إعادة البناء الاجتماعي بطريقة عقلانية.

وهو يفعل ذلك بنقد تلك الفلسفات الاجتماعية المسؤولة عن التحيز الواسع الانتشار ضد إمكانيات الإصلاح الديموقراطي. وأكثر هذه الفلسفات قوّة هي تلك التي قد أُطلق عليها اسم التاريخانية. فقصة نشأة وتأثير بعض الأشكال المهمة للتاريخانية هي أحد المحاور الرئيسية للكتاب، والتي أمكن وصفها بأنها مجموعة ملاحظات هامشية في تطوير فلسفات تاريخانية معينة. ولسوف نورد في متن الكتاب بعض الملاحظات حول ما هو المقصود بالتاريخانية، وكيف أنها مرتبطة بالقضايا الأخرى المذكورة.

وعلى الرغم من أنني مهتمٌّ بصفة رئيسية بمناهج الفيزياء (ومن ثم بمشكلات تقنية معينة بعيدة كل البعد عن أُطروحات هذا الكتاب)، إلا أنني قد عنيت أيضاً منذ سنوات عديدة بالحالة المتردّية التي وصلت إليها بعض العلوم الاجتماعية، ولا سيما الفلسفة الاجتماعية. ويُثير هذا، بطبيعة الحال، مشكلة المناهج الخاصة بها. وقد جاء اهتمامي بهذه المشكلة نتيجة لرغبتي في البحث عن إرهاصات هذه النزعة الشمولية في بداية تكوّنها.. والأسباب التي أدّت إلى إخفاق علوم اجتماعية عديدة، وفلسفات اجتماعية متنوعة في إدراك حقيقتها.

وفي هذا السياق بدا لي أمر كان يلحّ عليَّ دائماً.

الصفحات