أنت هنا

قراءة كتاب المجتمع المفتوح وأعداؤه - الجزء الأول

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
المجتمع المفتوح وأعداؤه - الجزء الأول

المجتمع المفتوح وأعداؤه - الجزء الأول

كتاب " المجتمع المفتوح وأعداؤه -  الجزء الأول " ، تأليف كارل بوبر، اصدار دار التنوير للطباعة والنشر والتوزيع ، نقرأ نبذة عن الكتاب :

 

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 8

التاريخانية وأسطورة المصير

ثمَّة اعتقاد واسع الانتشار بأن المَيْل العلمي أو الفلسفي الحَقّ تجاه علم السياسة، والفهم الأعمق للحياة الاجتماعية بصفة عامة ينبغي أَنْ يعتمدا على تأمّل وتفسير التاريخ الإنسان، في حين أن الإنساني العادي إنما يتخذ موضعه من حياته وأهمية خبراته الشخصية، ونضالاته التافهة كقضية مُسَلَّم بها؛ ويُقَال إن العالم أو الفيلسوف الاجتماعي يبنغي أن يعاين الأشياء من مستوى أعلى. فهو يرى الفردي بوصفه ضماناً، وبوصفه أداة ليست على أهمية كبيرة في ما يتعلَّق بالتطور العام للجنس البشري. ويجد أن العوامل المهمة بحق، في الممثلين المهمِّين بحق، على مسرح التاريخ هم إِمَّا الأمم العظيمة وقُوّادها العظماء، أو ربما الطبقات العظيمةأو الأفكار العظيمة. وأيَّا كان الأمر، فإنه سيحاول أن يفهم معنى المسرحية التي تُمثَّل على خشبة مسرح التاريخ، وسيحاول أن يفهم قوانين التطور التاريخي. فإذا نجح في هذا، سيكون قادراً، بالطبع، على أن يتنبأ بتطورات مستقبلية. فيضع السياسة عندئذٍ على أساس صلب، ويعطينا نصيحة عملية بإخبارنا أي الأدوار السياسية يُحتمَل أن تنجح وأَيُّها يُحتمَل أن تُخْفِق.

إن هذا لهو وصف مختصر للاتجاه الذي أدعوه التاريخانية. وهي فكرة قديمة، أو بالأحرى، مجموعة من الأفكار المترابطة بشكل واسع والتي قد أصبحت، لسوء الحظ، تمثِّل جزءاً كبيراً جداً من مناخنا الروحي الذي يؤخذ عادة كقضية مُسَلَّمٍ بها، ويصعب في أي وقت أن تكون موضع شك.

ولقد حاولتُ في مكان آخر أن أُبيِّن أن المنحى التاريخاني للعلوم الاجتماعية إنما يعطي نتائج ضعيفة. ولقد حاولت أيضاً أنْ أضع مخططاً تمهيدياً لمنهج، أعتقد أنه يمكن أن يؤدِّي إلى نتائج أفضل.

ولكن إذا كانت التاريخانية منهجاً معيباً يؤدِّي إلى نتائج لا قيمة لها، إذنْ ربما يكون مفيداً أن نرى كيف نشأت، وكيف نجحت في ترسيخ ذاتها هكذا بنجاح. يمكن للمخطط التاريخي الساعي لهذا الغرض، أن يخدم في الوقت نفسه، تحليل مختلف الأفكار التي قد تراكمت تدريجياً حول المذهب التاريخي المركزي – المذهب القائل إن التاريخ محكوم بقوانين تاريخية أو تطورية معينة، وأن اكتشافها سيمكّننا من أن نتنبأ بمصير الإنسان.

فالتاريخانية، التي قد ميَّزتُها حتى الآن فقط بطريقة مجرَّدة إلى حدٍّ ما، يمكن توضيحها جيداً بواحدة من أبسط وأقدم صور عقيدة الشعب المختار. فهذه العقيدة واحدة من المحاولات التي تجعل التاريخ مفهوماً عن طريق تفسير المسرحية التي تُؤدّى على خشبة مسرح التاريخ. إِذْ إن نظرية الشعب المختار، إنما تفترض أن الله قد اختار شعباً واحداً كأداة مُنتقاة لإرادته، وأن هذا الشعب سيرث الأرض.

الصفحات