أنت هنا

قراءة كتاب الصواهل

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الصواهل

الصواهل

مَن يَقرأ كِتابَنَا هذا يُدْرِك وَفرَةَ أسماءِ الخَيلِ، وكثرَةَ أوْصافِها، وتَعَدُّدَ سَوابِقِها، وغَزارَةَ المَوروثِ الفِكْرِيِّ الذي يجمَعُ مُصْطَلَحاتِها، المُرتَبِطةَ بِها، التـي تُؤَرِّخُ لِحَياتِها، ولِفُرْسانِها، وتُشيرُ إلى وَقائعِها..وكُلُّ هذا يَد

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
الصفحة رقم: 1
المقدمة
 
يُعَدُّ العَرَبُ أوسعَ الأُمَمِ عِلمًا، وأكثَرَهم مَعرِفَـةً، وأغزرَهم دِرايَـةً بِالخَيْلِ، وشُؤونِها وأحوالِها، ومَا يُصلِحُها ويَنفعُها، ويُحَسِّنُ أداءهـا، ويُعْلي مَقَـامَها.. ثمّ إدراك ما يَضُرُّها، وما يُؤذيها، ويُؤَثّرُ بِشَكلٍ سلبيٍّ على قُدُراتِها.. فقد اهتَمُّوا بِنتاجِها وأحسَنُوا تَربِيَةَ أفْلائـها (صِغَارِها) وأَجـادُوا تَنْشِئَةَ مِهَارِها، وأحسَنُوا تَدريبَهـا، ونَوَّعُوا تَمارينَها، حتى صاروا أكثرَ الأُممِ خِبْرَةً بِها، ودِرايَـةً بِمَا يَصلُحُ لَها، ويَرفَعُ مُستَواها، ويَرتَقِي بِأَدائِها.
 
وإذا كانَ الغَربيُّونَ في أوربّا وأمريكا، وأمثـالُهُم والمُتَشَبِّهونَ بِهِم في كثيرٍ مِن بُلدانِ آسياوغَيْرِها يُعَدُّونَ (أصدِقاءً لِلكِلابِ) فإنَّ العربَ المُسلِمينَ يُعَدُّونَ (أصدِقاءَ الخَيْلِ)..فالغَربيُّونَ ومَن تَثَقَّفَ بِثَقـافَةِ الغَربِ، يَتَّخِذُ مِنَ الكَلبِ صاحِبًا، ويَجعَلُـهُ صَديقًا وأنِيسًا، وجَليسًا وحبيبًا، لَهُ صَدرُ المَجلِسِ في بَيتِهِ، ويُقيمُ مَعَهُ بينَ أفرادِ أُسرَتِهِ يَنامُ في فِراشِهِم، ويُشارِكُهُم الجُلوسَ على مَوائدِهِم، ويَطَأُ لُحُفَهم، ويَقعُدُ مَعَهم على أرائكِهِم..تُداعِبُهُ نِساؤهُم، ويُدَلِّلُهُ أبناؤهم وبناتُهُم، على قِلَّةِ فائدَتِـهِ، وضَآلَةِ نَفْعِهِ..فَإنَّ العربيَّ قبلَ الإسلامِ وبَعدَهُ، اتَّخَذَ الفَرَسَ صاحِبًا، وعَدَّهُ صَديقًا وحبيبًا في وقتِ السّلمِ، ورَفيقًا ومُعينًا في زَمَنِ الحَربِ، وتَبَيَّنَ لَهُ ــ بِجَلاءٍ وَوُضُوحٍ مِن خِلالِ التَّعَامُلِ وبَعدَ التَّجْرِبَةِ والمِرَاسِ ــ أنَّـهُ نِعْمَ الصديقُ الفَرَسُ، فَهوَ المُسْتَحِقُّ لِلإكرامِ، والجَديـرُ بِالرِّعايَةِ والعِنايَةِ والاهتِمامِ.
 
مُؤلّفُ الكِتابِ ليسَ مِنَ الفُرسانِ الذينَ عُرِفُوا مِن خِلالِ امْتِطائهِم لِصَهَواتِ الخُيُولِ، وفَوزِهِم بِشَهاداتِ التَّفَوُّقِ في مُسابَقاتِ الفُروسِيَّةِ ومَهرَجانـاتِها..لكنَّهُ هوَ أحَدُ المُعجَبينَ بِمَواهِبِ الفَرَسِ، المَأخوذينَ بِمَا قِيلَ فيـهِ مِن أدَبٍ جَمٍّ، وشِعرٍ رائقٍ غَزيرٍ، شَغَلَ حَيِّزًا واسِعًا، ومَـلأَ رُقعـَةً رَحيبَةً في دُنـيا أدَبِنَا العَربـيِّ، وتُـراثِـنا الثّـَقَافِيِّ.. والفَرَسُ ــ عِندَهُ ــ عُنْصُرٌ بارِزٌ، ورُكنٌ كبيرٌ مِن بينِ الأركـانِ المُتَعدِّدَةِ التـي أعلَتْ أعمِدةَ النَّهضَةِ العربيَّةِ الإسلاميَّةِ، ورَفعت قَواعِدَ أمجادِها، وسَمَتْ بِأُسُسِ ما يُشيدُ عِزَّها ويَبني صُرُوحَ حَضارَتِها.
 
كِتَابُنا هذا جَديدُ التَّأليفِ، حديثُ الوِلادَةِ، لكِنَّهُ يَتَّكِيءُ علـى جَبَلٍ سامِقٍ ضَخْمِ الأَركانِ، عَظيمِ المُتُونِ مِن تُراثِ الأدَبِ، ومُختارِ الشِّعْرِ عِندَنا نحنُ العرب.. فيُلقِي أضْواءً على صَفَحاتٍ مِن ماضي العربِ والمُسلمينَ المُشرِقِ، في تَعَامُلاتِهِم مَعَ الخيلِ، عَبْرَ تاريخِنَا المُضيءِ، وتُراثِنَا السَّاطِعِ النَّيِّرِ.. ويَستَقِي مِن يَنابِيعَ ثَرَّةٍ مِن عُيُونِ القَصائدِ ورَوائِعِ الأشعارِ، التي نُظِمَتْ في سَوابِقِ الخيلِ، ومَحاسِنِها وفَضائلِها، ويُقَرِّظُ أدوارَها في الدِّفاعِ عن حِمَى الأوطـانِ، وتُراثِ العربِ والمُسلمينَ وصِيَانَةِ مُقَدَّساتِهِم، ويُسَجِّلُ جُهودَها المُقَدَّرَةَ تَمامًا في بِناءِ عِزِّهِم، وتَشييدِ أمجادِهِم، وإبْرازِ مَفاخِرِهِم.

الصفحات