You are here

قراءة كتاب مكانة النساء في العقائد اليهمسلامية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
مكانة النساء في العقائد اليَهَمَسلامية

مكانة النساء في العقائد اليهمسلامية

هذه الدراسة عبارة عن دراسة تأصيلية لمكانة النساء في العقائد اليهمسلامية. حيث اعتمدت على "التناخ" والعهد الجديد والقرآن، ثم على الآداب الكلاسيكية الأخرى، التي من شأنها أن توضح ما بَهُم في المصادر الأولية. ولن نعتمد إلا بالقليل على المراجع المعاصرة.

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
المؤلف:
الصفحة رقم: 4
1- اليهودية: صوت واحد فقط
 
"إنّي في الإثم ولدت
 
وفي الخطيئة حبلت بي أمي" (مزمور 51 : 7).
 
تعتبر الديانة اليهودية أوّل الأديان اليهمسلامية من حيث النشأة التاريخية والفكرية. وبما أنها كذلك فإن صدى ما جاء فيها سوف نسمعه عاليا في المسيحية، رفضا من يسوع المسيح وقبولا من الرسول بولس وصمتا متحديا من الإسلام.
 
يبدأ "التناخ" الحديث عن قصة خلق الكون وجميع البرايا الأخرى فيه. ثم يخصص حيزا خاصًا لقصة خلق بني الإنسان. فيطالعنا بقصتين مختلفتين عن كيفية خلق الإنسان، الرجل والمرأة (ءدم) و(حوه). يقول في القصّة الأولى: "وَقَالَ ءلوهيم: "نَعْمَلُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِنَا كَشَبَهِنَا، فَيَتَسَلَّطُونَ عَلَى سَمَكِ الْبَحْرِ وَعَلَى طَيْرِ السَّمَاءِ وَعَلَى الْبَهَائِمِ، وَعَلَى كُلِّ الأَرْضِ، وَعَلَى جَمِيعِ الدَّبَّابَاتِ الَّتِي تَدِبُّ عَلَى الأَرْضِ". فَخَلَقَ ءلوهيم الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِهِ. عَلَى صُورَةِ ءلوهيم خَلَقَهُ ذَكَرًا وَأُنْثَى خَلَقَهُما" (تكوين 1: 26- 27). أما في القصّة الثانية فإنه يقول: "وَأَخَذَ يهوه ءلوهيم ءدَمَ وَوَضَعَهُ فِي جَنَّةِ عَدْنٍ لِيَعْمَلَهَا وَيَحْفَظَهَا. وَأَوْصَى يهوه ءلوهيم ءدَمَ قَائِلاً: "مِنْ جَمِيعِ شَجَرِ الْجَنَّةِ تَأْكُلُ أَكْلاً، وَأَمَّا شَجَرَةُ مَعْرِفَةِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ فَلاَ تَأْكُلْ مِنْهَا، لأَنَّكَ يَوْمَ تَأْكُلُ مِنْهَا مَوْتًا تَمُوتُ". وَقَالَ يهوه ءلوهيم: "لَيْسَ جَيِّدًا أَنْ يَكُونَ ءدَمُ وَحْدَهُ، فَأَصْنَعَ لَهُ مُعِينًا نَظِيرَهُ" (تكوين 2: 15- 17). ويضيف: "فَأَوْقَعَ يهوه ءلوهيم سُبَاتًا عَلَى ءدَمَ فَنَامَ، فَأَخَذَ وَاحِدَةً مِنْ أَضْلاَعِهِ وَمَلأَ مَكَانَهَا لَحْمًا. وَبَنَى يهوه ءلوهيم الضِّلْعَ الَّتِي أَخَذَهَا مِنْ ءدَمَ امْرَأَةً وَأَحْضَرَهَا إِلَى ءدَمَ. فَقَالَ ءدَمُ: "هذِهِ الآنَ عَظْمٌ مِنْ عِظَامِي وَلَحْمٌ مِنْ لَحْمِي. هذِهِ تُدْعَى امْرَأَةً لأَنَّهَا مِنِ امْرِءٍ أُخِذَتْ". لِذلِكَ يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ وَيَكُونَانِ جَسَدًا وَاحِدًا. وَكَانَا كِلاَهُمَا عُرْيَانَيْنِ، آدَمُ وَامْرَأَتُهُ، وَهُمَا لاَ يَخْجَلاَنِ" (تكوين 2: 21- 25). وبعدها قام (ءدم) بتسمية زوجته "وَدَعَا ءدَمُ اسْمَ امْرَأَتِهِ حَوه لأَنَّهَا أُمُّ كُلِّ حَيٍّ" (تكوين 3: 20).
 
النصّان المذكوران ينطويان على اختلافين جوهريين فيما بينهما: الأول- في القصة الأولى، الخالق، هو الإله (ءلوهيم). وفي الثانية، الخالق، هو الإله (يهوه ءلوهيم). والثاني- كان الإله (يهوه) قدّ خلق (ءدم) و(حوه) معًا في آن واحد، كما يرد في القصّة الأولى. أما في الثانية، فقد قام الإله (يهوه ءلوهيم) بانتزاع ضلعٍ من (ءدم) وخلق منه امرأة له، وأطلق عليها (ءدم) اسم (حوه). نصّ القصة الأولى ومنطقها يشيران إلى مساواة تامة في عملية الخلق (والمكانة أيضًا). إلا أنّ نصّ القصة الثانية يصادر من المرأة والنساء مساواتهن بالرجال ويعتبرهن أجزاء من الرجال وتحت سلطتهم. أي أنه صادر أيضا مكانتهن المتساوية. بهذا خطا "التناخ" خطوته الأولى في سبيل تفضيل الرجال على النساء في العقيدة.
 
يلخص كاظم حجاج قصة الخلق "التناخية" قائلا: "1- أدم [(ءدم)] الذكر، أخذ امتياز المخلوق الأولى على حوّاء [(حوه)]- الأنثى، التي خُلِقت لاحقا!/ 2- حواء خُلِقت من ضلع آدم [(ءدم)]، ومن هنا تأتي تبعيتها الجسدية، ومن ثم المعنوية! 3- خُلِقت حواء [(حوه)] لمعاونة آدم [(ءدم)]، ولم تخلق لذاتها!.. 4- الحيّة- إبليس لم تأت لآدم [(ءدم)]، حين كان وحيدا، لكي تخدعه، بل انتظرت، أو حُمِلَت على الانتظار، حتى تُخلق حواء [(حوه)]، لأن خديعة آدم [(ءدم)]- الذكر غير مطروحة إلا من خلال أنثاه! 5- عُري آدم [(ءدم)] لم يكن معيبا قبل خلق حواء [(حوه)]، لكنه- العري- دُمِغ بالعيب من خلال وجود أنثوي مجاور، ما جاء ليلمه، بل ليغريه! 6- إن استعداد جسد الأنثى للحمل وآلام المخاض والولادة، ووجود ثدييها للرضاع، لم يكن محل امتياز وتعاطف أبدا، بل عقوبة لها من الربّ التوراتي ["التناخي"]: "تكثيرا أُكثر أتعاب حبلك، وبالوجع تلدين أولادا [تكوين 3: 16]" (حجاج؛ 2001: 8).
 
بعد أن لاحظنا الفروق، كما يعرضها "التناخ" وحجاج، لا بدّ لنا من محاولة استكشاف أسباب ذلك. يجمع الباحثون النقديون المشغلون في الدراسات "التناخية"، على أن خلافا ما حدث بين مؤلفي وكتاب نصّ القصّة (القصّتين "التناخيتين"). وأن وجود قصّتين مختلفتين لحادث واحد، هو تسوية بينهم. بالطبع، يمكن قبول تفسيرهم إذا ما بقينا في إطار دراسة المبنى والمستوى الفني لتلك النصوص. وبما أن بحثنا لا يتعلق بالنصّ أبدا، بل بالعقيدة، لا بدّ من البحث عن الأسباب العقدية لذلك. والذي يسعفنا في استكشاف العقائدي، هو الأنثروسوسيولوجي، والذي معناه ما يأتي: لقد نشب خلاف حول إيجاد تسوية للصراع الاجتماعي الذي نشأ بين مجموعات مختلفة، وعندما توصلوا إلى صيغة نهائية لإنهائه، تمت صياغة القصتين معا في اتفاق واحد؛ فقد قبل الإلهان (ءلوهيم)، و(يهوه ءلوهيم )، اللذان كانا يمثلان المجموعتين المتخالفتين على ذكر كل منهما لروايتها (في قصة الخلق). لكن لم تنته التسوية أو الاتفاق عند قبول كل منهما رواية الآخر فقط، بل اتفقا على إعلاء شأن الرجال في الحياة الاجتماعية والدينية المستقبلية. فقد ورد في "التناخ" ما يأتي: "وَكَانَتِ الْحَيَّةُ أَحْيَلَ جَمِيعِ حَيَوَانَاتِ الْبَرِّيَّةِ الَّتِي عَمِلَهَا يهوه ءلوهيم فَقَالَتْ لِلْمَرْأَةِ: "أَحَقّاً قَالَ ءلوهيم لاَ تَأْكُلاَ مِنْ كُلِّ شَجَرِ الْجَنَّةِ؟" فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ لِلْحَيَّةِ: "مِنْ ثَمَرِ شَجَرِ الْجَنَّةِ نَأْكُلُ وَأَمَّا ثَمَرُ الشَّجَرَةِ الَّتِي فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ فَقَالَ ءلوهيم: لاَ تَأْكُلاَ مِنْهُ وَلاَ تَمَسَّاهُ لِئَلا تَمُوتَا". فَقَالَتِ الْحَيَّةُ لِلْمَرْأَةِ: "لَنْ تَمُوتَا! بَلِ ءلوهيم عَالِمٌ أَنَّهُ يَوْمَ تَأْكُلاَنِ مِنْهُ تَنْفَتِحُ أَعْيُنُكُمَا وَتَكُونَانِ كَـءلوهيم عَارِفَيْنِ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ". فَرَأَتِ الْمَرْأَةُ أَنَّ الشَّجَرَةَ جَيِّدَةٌ لِلأَكْلِ وَأَنَّهَا بَهِجَةٌ لِلْعُيُونِ وَأَنَّ الشَّجَرَةَ شَهِيَّةٌ لِلنَّظَرِ. فَأَخَذَتْ مِنْ ثَمَرِهَا وَأَكَلَتْ وَأَعْطَتْ رَجُلَهَا أَيْضاً مَعَهَا فَأَكَلَ. فَانْفَتَحَتْ أَعْيُنُهُمَا وَعَلِمَا أَنَّهُمَا عُرْيَانَانِ. فَخَاطَا أَوْرَاقَ تِينٍ وَصَنَعَا لأَنْفُسِهِمَا مَآزِرَ. وَسَمِعَا صَوْتَ يهوه ءلوهيم مَاشِياً فِي الْجَنَّةِ عِنْدَ هُبُوبِ رِيحِ النَّهَارِ فَاخْتَبَأَ ءدَمُ وَامْرَأَتُهُ مِنْ وَجْهِ يهوه ءلوهيم فِي وَسَطِ شَجَرِ الْجَنَّةِ. فَنَادَى يهوه ءلوهيم ءدَمَ: "أَيْنَ أَنْتَ؟". فَقَالَ: "سَمِعْتُ صَوْتَكَ فِي الْجَنَّةِ فَخَشِيتُ لأَنِّي عُرْيَانٌ فَاخْتَبَأْتُ". فَقَالَ: "مَنْ أَعْلَمَكَ أَنَّكَ عُرْيَانٌ؟ هَلْ أَكَلْتَ مِنَ الشَّجَرَةِ الَّتِي أَوْصَيْتُكَ أَنْ لاَ تَأْكُلَ مِنْهَا؟" فَقَالَ ءدَمُ: "الْمَرْأَةُ الَّتِي جَعَلْتَهَا مَعِي هِيَ أَعْطَتْنِي مِنَ الشَّجَرَةِ فَأَكَلْتُ". فَقَالَ يهوه ءلوهيم لِلْمَرْأَةِ: "مَا هَذَا الَّذِي فَعَلْتِ؟" فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ: "الْحَيَّةُ غَرَّتْنِي فَأَكَلْتُ". فَقَالَ يهوه ءلوهيم لِلْحَيَّةِ: "لأَنَّكِ فَعَلْتِ هَذَا مَلْعُونَةٌ أَنْتِ مِنْ جَمِيعِ الْبَهَائِمِ وَمِنْ جَمِيعِ وُحُوشِ الْبَرِّيَّةِ. عَلَى بَطْنِكِ تَسْعِينَ وَتُرَاباً تَأْكُلِينَ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكِ. وَأَضَعُ عَدَاوَةً بَيْنَكِ وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ وَبَيْنَ نَسْلِكِ وَنَسْلِهَا. هُوَ يَسْحَقُ رَأْسَكِ وَأَنْتِ تَسْحَقِينَ عَقِبَهُ". وَقَالَ لِلْمَرْأَةِ: "تَكْثِيراً أُكَثِّرُ أَتْعَابَ حَبَلِكِ. بِالْوَجَعِ تَلِدِينَ أَوْلاَداً. وَإِلَى رَجُلِكِ يَكُونُ انقيادك وَهُوَ يَسُودُ عَلَيْكِ". وَقَالَ لِـءدَمَ: "لأَنَّكَ سَمِعْتَ لِقَوْلِ امْرَأَتِكَ وَأَكَلْتَ مِنَ الشَّجَرَةِ الَّتِي أَوْصَيْتُكَ قَائِلاً: "لاَ تَأْكُلْ مِنْهَا مَلْعُونَةٌ الأَرْضُ بِسَبَبِكَ. بِالتَّعَبِ تَأْكُلُ مِنْهَا كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكَ. وَشَوْكاً وَحَسَكاً تُنْبِتُ لَكَ وَتَأْكُلُ عُشْبَ الْحَقْلِ. بِعَرَقِ وَجْهِكَ تَأْكُلُ خُبْزاً حَتَّى تَعُودَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أُخِذْتَ مِنْهَا. لأَنَّكَ تُرَابٌ وَإِلَى تُرَابٍ تَعُودُ. وَدَعَا ءدَمُ اسْمَ امْرَأَتِهِ حوه لأَنَّهَا أُمُّ كُلِّ حَيٍّ. وَصَنَعَ يهوه ءلوهيم لِـءدَمَ وَامْرَأَتِهِ أَقْمِصَةً مِنْ جِلْدٍ وَأَلْبَسَهُمَا. وَقَالَ يهوه ءلوهيم: "هُوَذَا الإِنْسَانُ قَدْ صَارَ كَوَاحِدٍ مِنَّا عَارِفاً الْخَيْرَ وَالشَّرَّ. وَالآنَ لَعَلَّهُ يَمُدُّ يَدَهُ وَيَأْخُذُ مِنْ شَجَرَةِ الْحَيَاةِ أَيْضاً وَيَأْكُلُ وَيَحْيَا إِلَى الأَبَدِ". فَأَخْرَجَهُ يهوه ءلوهيم مِنْ جَنَّةِ عَدْنٍ لِيَعْمَلَ الأَرْضَ الَّتِي أُخِذَ مِنْهَا. َطَرَدَ الإِنْسَانَ وَأَقَامَ شَرْقِيَّ جَنَّةِ عَدْنٍ الْكَرُوبِيمَ وَلَهِيبَ سَيْفٍ مُتَقَلِّبٍ لِحِرَاسَةِ طَرِيقِ شَجَرَةِ الْحَيَاةِ (تكوين 1: 1- 25).

Pages