كتاب "أساسيات الجغرافيا الطبيعية"، الجغرافيا بمفهومها الحديث هي العلم الذي يبني علاقة البيئة بالإنسان من خلال التفاعل والتأثير بين ضوابط البيئة الطبيعية والعوامل البشرية، فلعلم الجغرافيا: جانب طبيعي، وجانب بشري.
قراءة كتاب أساسيات الجغرافيا الطبيعية
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 4
القمر:
يحتل القمر مكانة خاصة واهتماماً متميزاً من قبل الشعوب والحياة البشرية بصورة عامة، وخاصة فيما يتعلق بأفكار الإنسان ومخيلته، وكانت دراسته تتم سابقاً عن طريق الرصد البعيد، وفي عصر الفضاء الحالي الذي تمكن الإنسان فيه من الوصول إلى سطح القمر ودراسته علمياً، وقد تم الحصول على مزيد في المعلومات وجمع الكثير من العينات الترابية والصخرية وكذلك التقاط أحدث الصور ودراستها وتفسيرها من أجل إلقاء المزيد من الضوء على طبيعة القمر وخصائصه، وبالنتيجة الحصول على معلومات تفصيلية دقيقة. ويعد القمر أحد توابع الأرض، كما يعتقد بعض العلماء أنه كوكب قائم بذاته وليس مجرد تابع لها. وهو على كل حال أصغر من الأرض حجماً حيث إنه يعادل حوالي (1/50) من حجم الأرض، ويبلغ طول قطره حوالي (391.000) كيلو متر أي حوالي ربع قطر الكرة الأرضية. ومتوسط بعده عنها حوالي (263.600) كيلومتر. ومتوسط كثافته (3.34) وهو أقل من متوسط كثافة الأرض، ولذلك فإن كتلة الأرض تزيد (81) مرة أكثر من كتلة القمر، كما أن الجاذبية للقمر أقل بكثير من الجاذبية للأرض وتعادل (1/6) من جاذبية الأرض، وهذا يعطي تفسير قلة الوزن وإمكانية القفز عليه بسهولة من قبل رواد الفضاء، ونظراً لكون القمر تابعاً للأرض فإنه يدور معها حول الشمس، وكذلك يدور حول نفسه، وحركته هذه تشبه حركة الأرض أي من الشرق إلى الغرب، والفترة التي يستغرقها من بدر إلى بدر والتي يطلق عليها اسم الشهر القمري تبلغ (29) يوماً و (12) ساعة و (44) دقيقة.
وحين النظر إلى القمر بالعين المجردة، فإنه يظهر دائماً ذا وجه واحد، وهذا الوجه يحتوي على بقع داكنة وأخرى فاتحة اللون، وتتمثل هذه ثلاثة أشكال رئيسة للتضاريس، هي: البحار، والجبال، والفوهات أو الفجوات، وتتمثل البحار بالسطح ذات الأجزاء الرمادية الداكنة، وهي عبارة عن مسطحات كبيرة مغطاة بطبقة من اللافا البازلتية والرماد البركاني الناعم، وتغطي كثيراً من هذه المسطحات تربة هشة ناعمة متكونة من الرماد البركاني، ومن فتات الصخور، ويكون سمك هذه التربة مختلف من موقع إلى آخر، فقد يصل أحياناً إلى بضعة أمتار، وقد أطلق على البحار هذه أسماء خاصة، مثل البحر الهادئ، وبحر الأمطار وغيرها، على الرغم من عدم وجود المياه فيها.
أما البقع ذات اللون الفاتح فهي عبارة عن مناطق مرتفعة تفصل البحار عن بعضها الآخر، ويمتد بعض هذه المرتفعات بشكل سلاسل جبلية طويلة، وبعضها الآخر يكون على شكل قمم بركانية منعزلة، يبلغ ارتفاع بعضها عن البحار التي تجاورها أكثر من (6000) متر، وقد أعطيت لهذه الجبال أسماء تشبه أسماء السلاسل والقمم الجبلية الموجودة على سطح الأرض، مثل جبال الألب وغيرها.
أما الفوهات أو الفجوات فتظهر للعيان على شكل نقاط على سطح القمر، وهي عبارة عن فوهات بركانية أو فجوات نتجت عن ارتطام النيازك والشهب بسطح القمر، ويقدر عدد هذه الفوهات بمئات الآلاف، وهي ذات حجوم متباينة، فمنها الصغيرة، ومنها الكبيرة الحجم، وقد يصل قطرها إلى بضع عشرات من الكيلومترات، ومثل هذه الفوهات يمكن مشاهدتها وتصويرها من الأرض بالاستعانة بالمنظار المقرب.
ولما كان لدوران القمر حول الأرض ودورانهما معاً حول الشمس من أهمية كبيرة، فإنها يؤثران في حدوث بعض الظواهر الطبيعية، منها خسوف القمر شكل (2) وكسوف الشمس شكل (3)، وقد دلت الدراسات على أن كسوف الشمس
شكل (2) خسوف القمر
يحدث عندما يقع القمر بين الشمس والأرض، بحيث يسقط ظله على الأرض، وهذه الظاهرة تحدث أول الشهر وعندما يكون القمر هلالاً، وهذا لا يعني أن هذه الظاهرة تحدث في أوائل كل شهر، وذلك بسبب ميل فلك القمر على مستوى الأرض، وقد يكون الكسوف كلياً إذا حجب ظل القمر قرص الشمس كله، أو جزئياً إذا حجب جزءاً منه، وقد يحدث الكسوف الحلقي عند عدم وصول امتداد مخروط ظل القمر إلى الأرض، فإن قرص الشمس يبدو وحوله حلقة دائرية مضيئة.
أما خسوف القمر، فيحدث في بعض الأوقات حيث تقع الأرض ما بين الشمس والقمر بحيث يقع ظلها على القمر، فعندئذ يحدث الخسوف ويظهر الجزء الواقع في الظل من القمر معتماً. ويمكن اعتبار الخسوف ظاهرة تعتيم القمر أو جزء منه نتيجة لحجب ضوء الشمس بواسطة الأرض الواقعة بينهما. وقد يحدث أن يقع القمر كله في ظل الأرض ويكون بذلك الخسوف كلياً، أما إذا وقع جزء من القمر في ظل الأرض فإن الخسوف يكون جزئياً، ومن الجدير بالذكر أن الخسوف لا يحدث إلا إذا كان القمر بدراً، وهذا لا يعني أن الخسوف يحدث مع كل بدر، وذلك لأن فلك القمر لا يقع في نفس مستوى فلك الأرض وإنما يميل بمقدار (5) درجات.
شكل (3) كسوف الشمس
الكويكبات:
هي عبارة عن جزر صخرية صغيرة، ويقدر عندها بحوالي (30.000)، وتسبح هذه الكويكبات في مدار يمتد بين المشتري والمريخ، وتتراوح أحجامها بين الكبيرة جداً، مثل كويكب سيرز (طوله ما يقرب من 476 كم)، وكويكب إيكاروس (طوله ما يقرب من 1.6 كم) فضلاً عن الملايين من القطع الصغيرة السابحة في الفضاء، وقد أمكن رصد حوالي (1600) جرم في تجمعات هذه الكويكبات أحد الآن، والتي تدور حول الشمس من الغرب إلى الشرق وبشكل عام، فإن كوكب المشتري يتحكم بحركة هذه الكويكبات لكبر حجمه.
الشهب والنيازك:
هي عبارة عن أجسام كونية تظهر في فضاء المجموعة الشمسية فجأة، فتتوهج ثم تنطفئ عند ارتدادها عنه، وإذا صادف واقتربت من الأرض فإنها تجذبها وتحولها من مدارها إلى نطاق جاذبيتها حتى تنصدم بها، وبشكل عام تعد الشهب أصغر حجماً من النيازك وقد تصل سرعتها إلى ما يقرب من (70كم/ثا) وهذا ما يؤدي إلى سخونتها وبالتالي توهجها وعدم وصولها إلى الأرض، أما تلك التي تصل إلى الأرض فهي النيازك، وهي بأحجام صغيرة وكبيرة وبأعداد كبيرة، وذات أوزان قد تصل إلى عدد من الأطنان، وقد ترتطم هذه النيازك بالأرض بقوة هائلة (إذا كانت كبيرة)، ما يؤدي ذلك إلى حدوث حفر على سطح الأرض يطلق عليها اسم (جراح النجوم). وقد أمكن لحد الآن حصر أكثر من (14) حفرة كبيرة أحدثتها النيازك على سطح الأرض، ومن أمثلتها النيزك الذي سقط على محافظة التأميم في العراق عام (1977).
المذنبات:
هي عبارة عن تجمعات غازية (نشادر وميثان) ومتجمدة على مواد خشنة (في الحالة الصلبة)، ويبلغ قطر المذنب الواحد عدة كيلومترات، علماً بأنه ليس له ذيل طالما هو موجود في الفضاء الخارجي، ولكن عندما يقترب من الشمس، فإن حرارتها تقوم بتبخير طبقاته الخارجية فيتكون رأسه المتضخم، حيث تدفع الشمس جزءاً من مادته (النشادر وميثان)، فيتكون الذيل المتوهج في اتجاه الفضاء الخارجي، والذي يصل امتداده إلى ملايين الآلاف من الكيلومترات.
وعموماً يتكرر ظهور المذنبات حول الشمس بشكل منتظم تقريباً، وقد دلت الدراسات على أن أقرب مذنب سجل في التاريخ هو مذنب هالي، والذي يتكرر ظهوره في كل (76.3) سنة، وآخر مرة ظهر فيها عام (1987). وهناك عدد آخر من المذنبات منها بييلا، وأنك، وبونس فليكس، وجياكويبيني، وفستغال ... وغيرها.