في رواية "من المكلا الى الخبر" للكاتب البحريني د. عبد الله المدني، رحلة رومانسية كاملة من الحنين الى الماضي والمكان القديم وسط تبدل الامكنة والى الحب القديم.. الى الحزن وموت حبيب دون ان نستطيع وداعه.
You are here
قراءة كتاب من المكلا الى الخبر
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 1
(1)
يحب سالمين باسامر، الذي تجاوز العقد الثاني من العمر بسنة واحدة، مدينة المكلا كثيرا، ويطرب لسماع اسمها على لسان المطرب السوري فهد بلان في الأغنية المعروفة التي يقول مطلعها:
يا بنات المكلا
يا دوا كل عِـــــلـّة
رغم يقينه بأن الشطر الثاني ينطوي على الكثير من الكذب والنفاق والمجاملة·
فالمكلا بالنسبة لسالمين ليست فقط عاصمة وطنه، وإنما أيضا المدينة التي شهدت ولادته، والتراب الذي ترعرع فوقه، والسماء التي استظل بها، والشمس التي أكسبت وجهه الطويل وجبهته العريضة لونهما البرونزي الذي يتمنى رجال السلطة الإستعمارية الإنجليزية لو حصلوا على رُبْعه· وهي الحواري والأزقة التي احتضت مغامراته ومعاركه الطفولية مع أقرانه الأشقياء، وهي الساحل المطل على المحيط الهندي، الذي لطالما داعبت نسماته جسمه في ليالي الصيف الحارة·
غير أن كل هذا العشق للمكلا لم يقف حائلا دون تفكيره في الهجرة منها إلى بلد آخر في أواخر الخمسينات من القرن العشرين· يريد سالمين أن يبني لنفسه وأسرته الصغيرة المكونة من زوجته خديجة، وابنته سارة، ووالدته علوية، مستقبلا مضمونا قبل أن يمضي به قطار العمر أو يصاب بالعجز والوهن· يريد سالمين أن يرى ابنته سارة ذات السنوات الثلاث وقد أصبحت طبيبة مرموقة، تعالج أبناء وطنها وبناته وتنقذهم من الأمراض المزمنة والمعدية· يريد سالمين أن يمتلك المال اللازم لبناء منزل لائق تقضي فيه والدته المسنة ما تبقى لها من العمر في راحة ورفاهية، تعويضا لها عن سنوات الشقاء والحرمان التي تجرعتها منذ أن تركها والده عوض ليهاجر كغيره من الحضارم إلى أندونيسيا بحثا عن المغامرات التجارية والعلاقات النسائية مع حسنوات جاوه المثيرات جنسيا، واللواتي كان سالمين يجزم بأنهن - وليس بنات المكلا - دوا كل علة، وإلا لما تركه والده وهو لم يتعدَ الرابعة من العمر ليهاجر إلى جاوه