You are here

قراءة كتاب ليلى والثلج ولودميلا

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
ليلى والثلج ولودميلا

ليلى والثلج ولودميلا

خرج الاتحاد السوفياتي منتصراً من الحرب العالمية الثانية وانشغل ببناء ترسانته الحربية عن إصلاح حال اقتصاده الداخلي المنهك جراء الحرب وبهذا فتح الباب امام عدد من الحركات التحررية للظهور ودخل الإتحاد في مرحلة إعادة البناء "البيريسترويكا" التي أدت إلى انهيار ال

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
الصفحة رقم: 7
كانت في الثامنة والعشرين من عمرها· تذكرت ذلك وفكرت، بطريقة تبعث على اليأس، مادامت لم تنجح في خوض تجربة حب جادة ودائمة خلال السنوات الماضية، فإنها لن تنجح أبدا· يا لسوداوية هذه الحقيقة· حتى إن بهجة الربيع انطفأت فجأة، وبات العالم قاتما· في تلك اللحظة راحت تسرع الخطى (هاربة)، أجل هاربة ! فقد نظرت إلى الساعة واكتشفت أنه لم يبق سوى القليل من الوقت حتى تصل إلى المركز، ولا مفر الآن من ركوب تكسي توصلها بسرعة· يجب أن تعجل فلم يبق وقت تبدده في تأملات لا تقدم ولا تؤخر· بتلك الطريقة وضعت حدا لأفكارها وانزلقت بسرعة من عالم ضبابي الملامح، غامض ومجهول، إلى عالم الواقع، الواقع الذي لا سبيل للفرار منه إلى أي بعد آخر·
 
وصلت الشارع الرئيسي، وراحت تجتازه راكضة لتقف على الرصيف المقابل تستوقف سيارة، لكنها وفيما هي تركض، وستعتبر مستقبلا هذه اللحظة من تهكمات القدر، خيّل إليها أنها رأت شخصا معروفا لديها فتجمدت خطواتها، وتجمدت خطوات الشخص، لوهلة اتسعت لنظرة ألقاها كل منهما على الآخر· ثم استمرت بركضها وفضولها يوشك أن يوقفها ثانية بين الخطوة والأخرى· ما إن توقفت على الرصيف حتى فوجئت بالشخص يعود أدراجه إليها؛ فتذكرته على الفور·
 
على وجهه ارتسمت ابتسامة عريضة وهو يسرع باتجاهها:
 
- ليلى! يا للمفاجأة ! هتف بمنتهى السرور·
 
- أندري! هذا أنت حقا!
 
 
 
اعتادت ليلى، وكلما تذكرت أندري، أن تتذكر سنتها الدراسية الأولى في روسيا، الاتحاد السوفيتي آنذاك، فبالإضافة إلى أنها تعرفت إليه في ذلك العام، فقد أمست صورته جزءا لا يتجزأ من لوحة متكاملة من المشاهد والوجوه والأحداث، ارتسمت في مخيلتها في إطار من رومانسية فريدة لا يمكن أن تتكرر·
 
وبمرور الوقت، تحولت ذكريات تلك السنة إلى ما يشبه ذكريات طفولة ثانية، إذ إنها عاشت في ذلك العام وجربت بهجة الاكتشاف، اكتشاف العالم، للمرة الثانية· حينها لم تكن الأمكنة واللغة والأسماء والوجوه جديدة عليها، بل وفي معظم الأحيان كانت المسميات والمفاهيم نفسها، جديدة أيضا·
 
في تلك الفترة كانت ليلى لا تزال تؤمن إيمانا لا مجال للشك فيه أن مجموعة المبادئ والقناعات والشعارات الثورية التي تعتنقها هي حقائق مطلقة لا ريب فيها· ومع أن هذه المقدسات سرعان ما ستبدأ بالانحدار إلى هوة رهيبة من الشك، فإن طعم ذلك الإيمان سيبقى راسخا في روحها، ذلك أنه، وبصرف النظر عن جوهره ومدى صحته، كان بمثابة تربة خصبة أزهرت فيها طويلا أحلام زاهية وآمال كبيرة·
 
بوصولها إلى الاتحاد السوفيتي ألفت ليلى ذاتها في عالم جديد حقا، بيد أن أشد ما أثار استغرابها في تلك الأيام هو سماعها للطلاب القدامى، من أبناء بلدها، يتحدثون بصوت عال، وبلا خوف أو حذر، يتحدثون بالمحرمات، المحرمات جميعها· وقتذاك أصغت إليهم والدهشة تعتلي وجهها·

Pages