المجموعة القصصية "كورون.. أو الماء باتجاهين"؛ يتوزعون مع بداية الليل ويختبئون في الجيوب الخلفية للحارة، حيث المزارع المطلة على المنازل بنخيلها الجاف المسلوخ.
You are here
قراءة كتاب كورون .. أو الماء باتجاهين
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 2
يجلس الجميع في السادسة على صحن الإفطار، ثم يتوزعون إلى مدارسهم، نجما التي تلي فخرية مباشرة في المرحلة الإعدادية، مال الله في الصف السادس وبتول في الثالث، فيما يترك الأخ الأصغر نائما في الغرفة التي تحتفظ بما تبقى من برودة المكيف، الذي يعمل لساعتين ونصف في اليوم، عند الدخول الى الفراش في العاشرة وحتى الثانية عشرة والنصف، حينما تقفز الأم لإيقافه بعد أن يبدأ بالهدير وإلقاء قطع الفلين في الغرفة، ولتخفيض ريالين أو ثلاثة من فاتورة الكهرباء التي تقتطع مع الفواتير الأخرى ما يعادل ربع راتب فخرية، الذي يغطي نصف الالتزامات الشهرية، أما النصف الآخر فتدبره علب البخور التي تبيعها بتول في محطات البنزين، والعربة التي يطوف بها مال الله مداخل ومخارج سوق الخضار وقت العصاري أحيانا وأيام العطل دائما· يلبد مال الله أمام محل الخضار بعينيه المنكسرتين وعموده المتغضن بجانب السلال الخارجية لمحلات الخضار، وعندما يرى الزبون محملا بالأكياس ويقترب من السلال الخارجية على بوابة المحل يدفع هو عربته باتجاهه؛ فيرمي الزبون الأكياس في حفرة العربانة ثم يدفعها بسرعة اندفاع الزبون للخارج نحو سيارته؛ فيفرغ مال الله الأكياس في حقيبة السيارة ثم ينصرف الى محل آخر بعينين منكسرتين ويدين محمرتين من مقبض العربانةأما بتول فتباغت أصحاب السيارات من نافذة السائق مادة يدها الصغيرة بعلب البخور الصفراء، بخور·· مال خظار إذا·· عمو رخيص·· خالوه يالله يالله يالله خالووووه مال بيتكيتضع فخرية رشة من العطر الذي تخبئه بالدولاب قبل أن تندفع من باب الشقة لتنزل الدرج سلمتين، سلمتين وقلبها ينبض في يدها (لقد جاء التاكسي)·
تبدو أشكال اللوحات على جانب الشارع وعلى رؤوس المحلات لفخرية متشابهة، الطرقات بكل مسارتها متشابهة، حتى السيارات تبدو كما لو أنها تحمل لونا واحدا وشكلا واحدا، والبشر أيضا بدشاديشهم البيضاء كما لو أنهم نسخ متكررة، فخرية بالمسافة بين المعبيلة والحي التجاري لا تلتفت إلى ملامح ما يكون على اليمين وعلى اليسار كثيرا، فقط ومنذ أن ترمي بقوامها الرشيق على الكرسي الخلفي للسيارة، سائق التاكسي وحده بنظارته الشمسية وشاربه الدقيق وذراعه الطويلة التي يطوق بها الكرسي الجانبي، هي ما تلتفت إليه فخرية طيلة الطريق، إذا ازدحم الشارع أو لم يزدحم، إذا توقفت السيارة أمام انعطافة أو إشارة أو دوار أو لم تتوقف، إذا حدث أحيانا وركب شخص آخر بالسيارة أو لم يحدث فلا شيء يشغل فخرية غير سائق التاكسي·
كانت فخرية تسترخي على المقعد الخلفي بميلان ناحية الوسط، وعيناها باتجاه العينين الواسعتين خلف النظارة الشمسية لسائق التاكسي، حيث تلتقي العينان العسليتان الناعستان بمقلة بدوية طافحة في السواد، وعينين مشدودتين كعيني النسر، فينفتح قلب فخرية وتنفتح معه أشياء أخرى·