You are here

قراءة كتاب عروس المطر

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
عروس المطر

عروس المطر

رواية "عروس المطر" للكاتبة الكويتية بثينة العيسى الصادرة عن المؤسسة العربية للدراسات عام 2006، نقرأ منها:
·· فقد كبرتُ·

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
الصفحة رقم: 2
2
 
“أسّوم” ··
 
يناديني “أسّوم” لأنني “أسماء”، وأناديه “أسّوم” لأنه “أسامة”، ونحن - كما يقال - توأم: لا نتشابه، هو - مثلاً - يحب اسمه، وأنا أرى بأنه من قبيل التعسف، والظلم، أن يكون اسمي “أسماء”، هكذا فقط: أسماء! ولا أستطيع أن أبرر - على أي صعيد - هذا الإرهاب الذي نقترفه بشكلٍ عشوائي، عندما نسمي الأشياء، ونضيف - بمزاجنا الخاص - كلمة “بأسمائها”، عندما نجرها كالأكباشِ المرعوبةِ، خارج الهيولى، لتحضر في التجربة، وما بعدها، ونزجها في التفرقة الكونيّة، لتخضع للناموس، وتمثل للقسطاس، فتروج كلمات متألّهة، كلمات مغرورة ومتعالية، كلمات مثل ( أفضل / أسوأ )، ( أجمل / أقبح ) ··
 
لا تعرفُ الأشياء لماذا هي أقل أو أكثر، لا تعرف ذلك إلا إذا سمّيناها، الأشياء تبقى سعيدة ما لم نخرجها من هيولى الحياد، ونقذف بها في جحيم الانحياز، حيث لا تعودُ الأرض مسطحة، ولا الأشياء صديقة الأشياء، وتتراتب ملامح الكونِ في طبقية سافرة··
 
إننا نسقطُ عدواننا على الأشياء، نجعلها - هي الأخرى - مكرهة على الوجود، على حمل رسالةٍ أبتها السماء، والأرض، وحملها الإنسان، إنه كان··
 
ربما نحاولُ أن نعبّر عن رعبنا؟!
 
هل الأسماء إرادة متجلية
 
أم مجرد هرطقة ؟
 
الأكيد، أن لا أحد يريدُ اسمًا بهذه الميوعة وهذه الحتمية، اسمٌ يتأرجحُ بين هاجس الظهور وجنة الغياب، اسمٍ متردّد، مشاع، يمكنُ أن يكون أي شيء بطول المسافة الفاصلة بين الوردة والجيفة، بين اللقلق والتابوت، بين الأمير والضفدع، بين الأغنية والدمعة، يمكنني أن أكون كل شيء، بل أنا في الحقيقة كلّ شيء، ولفرطِ اتساعي وقدرتي على مزاحمة أي اسمٍ على اسمه فأنا ما أزال، أمامي، غير مرئية، غير معروفة، مثل كتلة مائعة من الهلام··
 
·· عندما تكدّسنا، أنا وشقيقي، في بطنٍ واحد، أرادوا لنا اسمين متقاربين لأن موضة التوائم تقتضي ذلك، لأننا سنعرض - لاحقا ً- على العالم بصفتنا مفردتين في عبارةٍ واحدة، فنجانين من طقمٍ واحد، بصفتنا معجزة التشابه والاختلاف، والتجلي الأليف لقدرة الخالق، وخصوبة الطبيعة، إلخ! كل هذه الأمور، لأننا نذكرهم بالآياتِ الداعية إلى التدبّر، وبالبرامج العلمية على قناة “ديسكوفري”، لأننا - ببساطة شديدة - موضوع حسن السّمعة!
 
كانت أمي في شهرها السادس عندما عرفت بأن في بطنها توأمًا، وقد فوجئت بالخبر يجيء متأخرًا لأنني كنتُ - حسب ما قالت - مختبئة خلفه، لم ينتبه لي أحد، لم أنتبه لأحد، لم يرغب بي أو أرغب بأحد، كنتُ خلفه، وعرفوا بأمري لأن قدمًا ثالثة ظهرت على شاشة “السونار”، منذها·· وهما يبحثانِ عن اسمين متشابهين، ولكن ما حدث، بعد أن مددوني إلى جانبه في جناح المواليد، هو أنهما عرفا - بما يكفي من الرّعب - كم نحن·· لا نتشابه، كان كل ما فيه ينبئ بإمكانيةٍ فارهة للوسامة، وكلّ ما فيّ يشي بالنقيض، كنتُ زرقاء، مشعرة، بعينين جاحظتين وذقنٍ مدقوقة··
 
وهكذا، سيداتي سادتي! كان هو أسامة الهصور، وكنتُ أنا الشيء الذي هو - لفرط دمامته - تصعب تسميته، كنتُ “أسماء” ·

Pages