رواية "عروس المطر" للكاتبة الكويتية بثينة العيسى الصادرة عن المؤسسة العربية للدراسات عام 2006، نقرأ منها:
·· فقد كبرتُ·
You are here
قراءة كتاب عروس المطر
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية

عروس المطر
الصفحة رقم: 10
صوت التلفزيون يتسلّل نحيلاًً، مزعجًا، مثل أبر تقحم رؤوسها في رأسي، لابدّ وأنه هناك/ ممددٌ على الأريكة ليحلمَ، يحلمَ بأشياء جميلة ويسميها أضغاث، يحلم بأنه يطير في السماء مع مارلين مونرو مرتديًا لباس السوبرمان، يحلمَ بأنه يفوز في مسابقة تهجي الكلمات، أو يلقي بسنّارته إلى البحر من كوكبِ عطاردْ، أو يتسلّق قمة أفرست على يديه، أو يحلمُ - الوغدُ - بأمّي تزرر له ياقته، يحلمُ بأنه يرقص حول النار مع الهنود الحُمر، أو بأنه يلعب الشطرنج مع دانزل واشنطن، أو ·· يحلمُ بكل إمكاناته! بكلّ الأشياء غير المستحيلة بالنسبة لمن هو مثله، لأن عالمه أكثر سعة، وأكثر تفتحًا، ولأنه - ببساطة - أجمل، ولكن أنا·· أنا··
في هذا المعراج النازح صوب زمنٍ أكثر أصالة، شيءٌ آلفه وما فتئ يحدث وكأنه كان يحدث دائمًا، شيءٌ يستحق أن أدافع عن وجوده، أن أجادل بشأنه على الأقل، الشيء الوحيد الذي أستطيع أن أبرهن به على أنني لستُ مفلسة تمامًا·
لو كان حلمًا عاديًا لرأيت أشخاصًا من محيطي المجاور، ولكن عندما أكونُ هناك فكل الوجوه جديدة بقدر ما هي مألوفة، وأمي هناك لا تشبه أمي هنا إلا في قلبها، وأنا هناك لا أشبهني هنا حتى في قلبي، قلبي هناك أخضر، وهنا أسودْ·
بالأمس حلمتُ··
كان ذلك النوع من الأحلام الذي يسميه الناس “مجرد حلم” ، رأيتني ممددة على صفيحٍ من القصدير مثل بطة مشوية، وكثيرٌ من الديدان تخرج من جسدي·· رأيتني- ببساطة - أتفسخ، وأعرف بأن الأمر جدّي وحقيقيّ، ولكنه ليس حياتي الأخرى، إنه الآن·· الكابوسُ، الحياةُ هناك، هذه هي الحقيقة، حقيقتي الخاصة غير القابلة للمساءلة·
وجهي، وجهي الوهمُ·· معلق فوق أجفاني، هل أفتح عينيّ؟
كل تجاربي الفاشلة في العودة، في افتعال الصعود، في افتعال السفر·· حاولتُ أن أجبر نفسي على النوم، ابتلعتُ حبوبًا منوّمة وتمدّدتُ على سريري وكان المساء، ولكن ما حدث هو أنني وجدتني مربوطة إلى قطعة خشب والنار من حولي، وكنتُ بالشكل الذي لا أحب، بالاسم الذي لا أحبّ، بالقلبِ الذي لا أحب، صفراء مريضة ممرضة بأعينٍ ذابلة وذقن مدقوقة ووجهٍ يشبه خارطة، كانت النار تضحكُ عليّ وأنا أرى البط والدجاج يرقصون ويسخرون مني··
أعرف الآن بأن عليّ أن لا أفتعل الصعود، بأن ما فعلته هو تجاوز وقحٌ على عفوية العالم المحتجب، أعرف بأن علي أن أنتظر أن يأتي العالم إليّ عوضًا عن أن آتيهِ أنا، صرتُ أنامُ ببساطة، في أوقاتٍ غير منتظمة ومتى ما شعرتُ بالتعب، أترك أزرار ياقتي مفتوحة·· أتأمل وجهي يتغيّر، يصبحُ رديفًا لرغبتي، أصبح - هناك - أحبّ العالم، والعالم - هناك - يحبني·